معتز بالله عبد الفتاح
منذ أكثر من عام تحدّثنا عن أهمية الاستثمار فى البشر بقدر الاستثمار فى الحجر. وكان أحد المقترحات هو مدرسة للإدارة العليا لرفع كفاءة الشباب على مهارات القيادة وريادة الأعمال.
ووعدت «الرئاسة» بالدراسة والتطبيق، وها هى على الطريق.
جرى الحديث كثيراً عن تحديث المقررات كى تكون أكثر مناسبة لكثافة فصولنا الدراسية ولنوعية وظروف مدرسينا. والتركيز على أساسيات التعليم فى اللغات والحساب والعلوم الأساسية.
قال الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته أمس، إنه «وجّه بتشكيل لجنة متخصصة لتحديث المناهج التعليمية، إيماناً منه بأهمية العلم والتكنولوجيا فى تطوير القدرات الشبابية، لتوفير مواد علمية متقدمة تسهم فى إثراء الفكر لدى الشباب».
وأضاف «السيسى»، خلال كلمته باحتفالية يوم الشباب المصرى، أن «اللجنة ستعمل على توفير مواد علمية متقدّمة، وعلى مستوى المواد العلمية نفسها فى الدول المتقدمة، التى تعمل على تشكيل وعى واكتشاف قدرات الشباب، وفق برامج تكنولوجية متقدمة».
ومن أهم ما قاله الرئيس: «أبنائى وبناتى.. إن الإنسان ابن لتجربته، والوطن يواجه بكم معركة بقاء تحتاج إلى إرادة حقيقية وصلبة ضد كل ما يُحاك له، وضد كل من يستغلكم لتحقيق مصالح ضيقة، فتسلحوا بالعلم والثقافة لتكونوا دروعاً للوطن فى تحدياته».
واستطرد: «الوطن ليس حكراً أو مقصوراً على أحد، فهو لنا جميعاً.. فالدولة تُدرك أن الوطن للجميع، وليس مخصصاً لطائفة دون أخرى.. إنما الوطن يشكّله الجميع دون استثناء عقائدى أو جغرافى، وعلى الشباب ألا يتخلى عن حلمه، فصناعة المستقبل ستكون بهم».
لو وضعنا تصوراً لما نريده من خريجى مدارسنا، فيمكن تصور أن اللجنة المشكلة لا بد أن تهتم بـ:
أولاً؛ القيمة العليا عندهم هى حب الوطن بجغرافيته وتاريخه ورموزه وعلمه وتضحيات أبنائه؛ لا نريد لخريجى مدارسنا أن يحملوا هذا الكم من الشعور بأن الدولة تركتهم فريسة لمقررات صعبة وغير متواكبة مع العصر، ومدرسين يتكسبون من ورائهم وكأنها تجارة بهم وليست استثماراً فيهم. ما العائد على مصر لو تخرّج الآلاف من الشباب من ذوى التعليم الجيد، لكنهم يتمنون الفرار من الوطن.
ثانياً؛ اللغة العربية واللغة الإنجليزية هما مفتاحا الانفتاح على مواطن العلم بآفاقه المختلفة. نحن بحاجة إلى أن يكون خريجو مدارسنا على أعلى مستوى ممكن من التمكن فى اللغة الإنجليزية حتى يتواصلوا مع مصادر المعرفة العالمية، ويكفى الإشارة إلى أن ٩٠ بالمائة من المواد العلمية وغير العلمية الموجودة على النت هى باللغة الإنجليزية.
ثالثاً؛ التمكن من أساسيات علوم الفيزياء والكيمياء والأحياء والرياضيات. والأساسيات تعنى الأساسيات، وليس أن نتوقع من طلابنا أن يفهموا فى المدرسة ما ينبغى أن يتعلمه غيرهم فى دول أخرى فى الجامعة. هذا ليس من المنطق فى شىء، ذلك أنه ساد فى هذا البلد الاعتقاد بأن تطوير التعليم يقتضى أن يتم ترحيل مقررات السنوات الأكبر إلى السنوات الأصغر.
ربنا يصلح هذا البلد ويوفقه لما فيه الخير.