ما معنى «اصطفاف» السيسي

ما معنى «اصطفاف» السيسي؟

ما معنى «اصطفاف» السيسي؟

 تونس اليوم -

ما معنى «اصطفاف» السيسي

معتز بالله عبد الفتاح

قال الرئيس السيسى أكثر من مرة إنه يريد أن نعيش حالة من «الاصطفاف الوطنى» من أجل مصلحة البلد.

الموضوع له أكثر من بعد.

أولاً، الاصطفاف فى المجتمعات المتخلفة والمستبدة هو الأصل لأنه أصلاً «لا صوت يعلو فوق صوت الحاكم أو يوازيه أو ينتقده». لكن الاصطفاف الوطنى، دون تكميم الأفواه أو الدخول فى صفقات سرية أو تأميم الحياة السياسية وتدجين الأحزاب أو قيادات رأى عام على الطريقة الناصرية أو المباركية، موجود كذلك فى أوقات الأزمات فى المجتمعات الديمقراطية. على سبيل المثال عاش المجتمع الأمريكى، حالة من «الاصطفاف»، لكن على الطريقة الأمريكانى، فى الفترة الأولى من حكم الرئيس رونالد ريجان فى الثمانينات.. لماذا؟

واجه المجتمع الأمريكى تحدياً من نوع غريب وهو أربعة رؤساء أمريكان متلاحقين خرجوا من سدة الحكم بالكثير من المشاكل والقليل من النجاحات، أو على الأقل كان هذا الانطباع السائد عند الرأى العام الأمريكى بما أثر على «شعبية» ومن ثم «ثقة» الأمريكان فى مؤسسة الرئاسة أصلاً، وبدأ البعض يطرح فكرة التحول إلى نظام حكم برلمانى برئيس وزراء مسئول أمام البرلمان ويمكن طرح الثقة فيه. جونسون خرج من الحكم وفى رقبته مئات الآلاف من القتلى والجرحى الأمريكان بسبب حرب فيتنام وتزوير حقائق وتشويه خصوم وكذب على الرأى العام، نيكسون خرج من السلطة ومكتوب على جبهته «كاذب، غشاش، غير نزيه» لأنه كذب فى فضيحة «ووتر جيت» بالتجسس ثم إنكار معرفته بالتجسس على مقار الحزب الديمقراطى، فاستقال مضطراً تاركاً رئاسة بدأت قوية وانتهت بفضيحة، ثم جاء بعده نائبه فورد ليكمل آخر عامين فى فترة حكم سلفه نيكسون. ولا يذكر للرجل أنه فعل الكثير إلا أنه أصدر عفواً رئاسياً عن نيكسون. وقد كان قراراً غير شعبى آنذاك لكن معظم المحللين يرون أنه كان حكيماً لغلق هذا الملف تماماً.

ثم جاء كارتر الديمقراطى مع وعود كثيرة وقائمة طويلة من مشروعات القوانين التى تعد بالكثير لكنها لم تكن مدروسة بالقدر الكافى، ليخرج الرجل من السلطة وهو لم يحقق الكثير ومعه مأساة الدبلوماسيين الأمريكان الذين احتجزوا فى سفارة أمريكا فى طهران لمدة 444 يوماً مع إذلال مهين وفشل مريع فى محاولة تحريرهم.

هنا وجد المجتمع الأمريكى نفسه فى أزمة «شرعية» وليس فقط أزمة «سلطة» ومن هنا حدث «الاصطفاف» الوطنى خلف الرئيس الجديد، رونالد ريجان، الذى ظهر معه مصطلح «Regan Democrats»؛ فريجان الجمهورى يجد دعماً كبيراً من كثير من الديمقراطيين سواء الناخبين أو قادة الرأى العام أو حتى أعضاء الكونجرس من الديمقراطيين، ومن هنا ترسخ مصطلح آخر هو «Red Democrats» أى الديمقراطيين الذين قبلوا أن يدعموا رئيساً جديداً من الحزب الجمهورى (الذى يرمز له باللون الأحمر).

«شهر عسل» ريجان كان طويلاً، امتد لقرابة السنتين ونصف السنة وبالذات بعدما تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة.

هنا الاصطفاف ليس من أجل الشخص، لكن من أجل الرمز والدور.

الاصطفاف الوطنى يكون فى الدول البرلمانية بصيغة واضحة للغاية وهى تشكيل حكومات وحدة وطنية. ما خاضت إسرائيل حرباً ضدنا إلا من خلال حكومة وحدة وطنية يشارك فيها حزب الأغلبية ومعه الحزب المعارض صاحب المقاعد الأكثر ثم غيرهما. ذلك أن «وجود» إسرائيل على المحك وليس فقط سياسة حزب أو مصير شخص.

وهكذا.

إذن الاصطفاف الوطنى فى المجتمع الديمقراطى ينبغى أن يتكون من شقين: «أزمة» و«رؤية».

لا بد من إقناع الناس بالأزمة، وليس أن نتركهم يعيشونها ونتصرف كسياسيين وكأنها غير موجودة، لأن جزءاً من الرؤية هو توصيف الأزمة وتوضيح أسبابها ثم تقديم روشتة أو خريطة طريق حول علاجها ثم التواصل مع الناس لإقناعهم بها.

ما يحدث فى مصر له شقان: هناك أزمة، الكل يتجاهلها. شعب أغلبه فقير تحكمه حكومة تتصرف وكأنه شعب غنى مخبى الفلوس.

وهناك رأى يتبناه المسئول الفلانى دون أن نعرف هل هذا «الرأى» جزء من «رؤية» أم هو رد فعل لحظى على مأزق ما.

الاصطفاف يقتضى شعوراً يقينياً بالأزمة ويقتضى تلاحماً وطنياً حول رؤية.

فلما نوقن أن فيه أزمة ولما نعرف الرؤية، هنبقى نصطف. قولوا يا رب.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما معنى «اصطفاف» السيسي ما معنى «اصطفاف» السيسي



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia