ماذا يحدث فى فلسطين المحتلة

ماذا يحدث فى فلسطين المحتلة؟

ماذا يحدث فى فلسطين المحتلة؟

 تونس اليوم -

ماذا يحدث فى فلسطين المحتلة

معتز بالله عبد الفتاح

من أفضل ما قرأت بشأن تحليل التطورات فى فلسطين المحتلة ما جاء على موقع المركز العربى للأبحاث. والذى جاء مجيباً عن سؤال: هل يشهد الوضع السياسى الفلسطينى بوادر انتفاضة شعبية ثالثة؟

وقد شهدت الشهور القليلة الماضية تنامياً فى عدد اعتداءات المستوطنين وقوات الاحتلال على الأراضى الفلسطينية وتزايد مستواها، كما ترافقت مع إقرار الحكومة الإسرائيلية رزمة من القوانين لمواجهة أى ردّ فعلٍ فلسطينى محتمل على هذه الاعتداءات. وبينما اكتفت السلطة الفلسطينية بإصدار تصريحات لم تجد لها صدى وقرارات لم تجد طريقها إلى التنفيذ، تنامت خيبة الأمل الشعبية بعد خطاب الرئيس الفلسطينى محمود عباس فى الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ إذ كان متوقعاً أن يتضمن بعض القرارات أو الإجراءات للردّ على ممارسات الاحتلال وسياساته، وذلك بعد أن روّجت بعض الجهات فى السلطة الفلسطينية أنّ الخطاب سيكون بمنزلة «قنبلة».

أولاً: أسباب المواجهة الشعبية ودوافعها

تضافرت مجموعة من الأسباب والدوافع التى أدى تزامنها إلى تنامى حالة من الإحباط الشعبى وتصاعد مستوى المواجهات مع الاحتلال الإسرائيلى، أهمها:

1- انسداد الأفق السياسى الفلسطينى

يواجه المشروع الوطنى الفلسطينى أزمة انسداد الأفق السياسى، والتى يفاقمها الانقسام المستمر بين حركتى «فتح» و«حماس» على الرغم من توقيع اتفاق المصالحة بينهما وتشكيل حكومة وفاق وطنى برئاسة رامى الحمد الله فى عام 2014. وفى الوقت نفسه، تبدو خيارات السلطة الفلسطينية محدودة جداً إذا بقيت ماضية بالتزامها الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، وذلك فى ظل واقعٍ إقليمى ودولى يعزز هذا الانصياع، الأمر الذى يجعلها تراوح مكانها؛ فلا هى تحرز تقدماً كنتيجة لهذه الاتفاقيات، ولا تتخذ خيارات نضالية تخرج عن إطارها. وبعد فشل خطة وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى لاستئناف المفاوضات فى إطار ما كان يُعرف بـ«اتفاقية الإطار» وفشل المساعى الفلسطينية فى الأمم المتحدة لإنهاء الاحتلال وفق إطار زمنى محدد ينتهى فى عام 2017، اتخذت السلطة الفلسطينية مجموعة من الإجراءات رداً على ذلك، وكان أبرزها الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية التى أصبحت عضواً رسمياً فيها فى أبريل 2015، وأصبح بإمكانها إقامة دعاوى ضد جرائم الحرب التى ترتكبها إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية. كما اتخذ المجلس المركزى لمنظمة التحرير الفلسطينية قراراً بوقف التنسيق الأمنى مع إسرائيل فى الشهر نفسه، ولكن لم يجرِ تطبيقه عملياً بسبب عدم رغبة السلطة فى تنفيذه أصلاً؛ ما قوّض جدية هذا القرار حتى باستخدامه كتهديد. ولا تشكو إسرائيل حالياً من أى خلل فى التنسيق الأمنى.

2- انفلات المستوطنين

بالتوازى مع انسداد الأفق السياسى، كثّف المستوطنون هجماتهم على القرى والمدن الفلسطينية فى الضفة الغربية؛ إذ رصد مركز المعلومات الوطنى الفلسطينى 282 اعتداءً خلال ثمانية أشهر، وكان أبشعها الاعتداء على عائلة الدوابشة فى قرية دوما فى محافظة نابلس، والذى أدى إلى قتل الطفل الرضيع على الدوابشة وأبويه فى حريقٍ متعمّد بمنزلهم فى يوليو 2015، فيما نجا طفلٌ وحيد للعائلة يرقد حالياً فى المستشفى ويعانى حروقاً شديدة فى أنحاء جسمه. ورغم ذلك أفرجت السلطات الإسرائيلية عن المستوطنين المتهمين بحرق عائلة الدوابشة بعد أقل من 24 ساعة على اعتقالهم. كما قامت قوات الاحتلال بإعدام ميدانى لكل من ضياء عبدالحليم وهديل الهمشلون وفادى علوان بتهمة الشك فى محاولاتهم تنفيذ عمليات ضد الجيش على الحواجز الإسرائيلية المقامة على مداخل المدن الفلسطينية.

3- استمرار «المقاومة الفردية»

استمرت «المقاومة الفردية» أو ما يسميها التقرير الاستراتيجى السنوى لمعهد أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى لعامى 2014-2015 بظاهرة «الذئاب المنفردة»، وشكّلت قفزة فى التعبير عن الغضب الشعبى عبر الفعل الوطنى المقاوم، وذلك فى ظل حالة التردى الحزبى الفصائلى الذى تعيشه الأراضى الفلسطينية. وأقرّت الحكومة الإسرائيلية عدداً من الإجراءات والقوانين فى محاولة للتصدى لهذا التطور النوعى فى عمل المقاومة الشعبية الفلسطينية، أبرزها السعى لتشريع قانون سحب حق الإقامة من سكان القدس الذين ينفذون عمليات ضد إسرائيل، وكذلك سحب إقامة أهاليهم، وحرمانهم من حقوقهم الاجتماعية، وتصديق رئيس الوزراء الإسرائيلى فى نهاية ديسمبر 2014 على خطة لتكثيف الوجود العسكرى بشكل دائم فى مدينة القدس المحتلة والحفاظ على مستوى عالٍ من التأهب فيها. وعلى الرغم من هذه الإجراءات المترافقة مع رفع مستوى التنسيق الأمنى مع السلطة الفلسطينية، جرى تنفيذ عددٍ من العمليات داخل مدينة القدس منذ بداية عام 2015، وكان آخرها عملية الشهيد مهند حلبى.

وبناء عليه، وفى ظل تنامى حالة الإحباط وتصاعد مستوى الغضب الشعبى، واستمرار إسرائيل ومستوطنيها فى الاعتداء على الشعب الفلسطينى وأرضه ومقدساته، وعجز السلطة الفلسطينية عن الاستجابة للمطالب الشعبية بالخروج من متاهة المفاوضات الفاشلة وانتظار التسوية المزعومة ووقف كل أشكال التنسيق الأمنى مع إسرائيل، ومنع أعمال المقاومة، يبدو المشهد السياسى الفلسطينى أمام أحد الاحتمالات الثلاثة التالية:

أن تتوسّع حركة الاحتجاج الشعبية لتشكّل هبةً شاملةً تضم الأراضى الفلسطينية كافة فى ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية. وهنا تقف السلطة الفلسطينية أمام خيارين؛ إما مواجهة هذه الحالة بقبضة أمنية شديدة وتنسيق أمنى عالى المستوى مع إسرائيل، كما هو معهود ترجمة لما صرّح به عدد من المسئولين الفلسطينيين، وعلى رأسهم رئيس السلطة، بأنهم لن يقبلوا باندلاع انتفاضة جديدة فى الأراضى الفلسطينية، ويعنى ذلك امتداد المواجهة لتطول السلطة الفلسطينية نفسها فى ظل عدم تغير المعطيات على الأرض. ويتمثل الخيار الثانى فى دعم السلطة الفلسطينية للانتفاضة كما فعلت عام 2000، وذلك لوضع إسرائيل أمام واقع فلسطينى جديد، ووضع العالم أمام مسئولياته فى إنهاء الاحتلال والسماح للشعب الفلسطينى بتقرير مصيره. ويبدو هذا مستبعداً حالياً لأنّ السلطة الفلسطينية الحالية تعارض تماماً نهج ياسر عرفات فى الانتفاضة الثانية وتعدّه كارثياً، كما أنّ عقيدة أجهزة الأمن ليست عقيدة مواجهة مع إسرائيل بل «مكافحة الإرهاب».

انحسار حركة الاحتجاج وتراجعها أمام القبضة الأمنية الشديدة للسلطة الفلسطينية والاحتلال الذى بدأ باتّباع أساليب عقابية جديدة ضد الفلسطينيين. لكنّ هذا الأمر لا ينهى الأزمة؛ فالشباب الفلسطينى الذين يقاومون حالياً قد ولدوا بعد اتفاقية أوسلو، وهم يقاومون فى أصعب الظروف، وهم يتحدّون حالة عربية وفلسطينية رسمية أبعد ما تكون عن المواجهة مع إسرائيل.

والاحتمال الثالث استمرار شكل المقاومة الحالى واتساع نطاقه على شكل أعمال فردية وصدامات مع المستوطنين فى نقاط التماس؛ لأنّ السلطة الفلسطينية وانعدام وحدة العمل الفلسطينى يحولان دون تطور هذه المواجهات إلى انتفاضة شعبية، ولأنّ الصمت على فشل المسار السياسى بموازاة التصعيد الاحتلالى أصبح غير ممكن.

ويعنى هذا أنّ مرور الوقت لا يحلّ القضية ولا يخمد المقاومة الفلسطينية. ونحن نرى أنّ تدمير حلّ الدولتين بالاستيطان الإسرائيلى لا يحوّل السلطة الفلسطينية إلى دولة، وفى الوقت ذاته فهى ترفض أن تتصرف كحركة تحرر؛ ما يدفع إلى أنماط نضالية جديدة فى ظروف نظام فصل عنصرى (أبارتهايد)، وسوف يدفع حتماً إلى برامج سياسية جديدة تتجاوز الخطاب المأزوم السائد حالياً.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا يحدث فى فلسطين المحتلة ماذا يحدث فى فلسطين المحتلة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia