من المهم أن تكون لدينا رؤية بشأن ما الذى ينبغى علينا فعله فى المستقبل القريب بشأن اقتصادنا.
مصر بحاجة لقطاع خاص وطنى قوى كما هى بحاجة لحكومة قوية، والحديث عن «قطاع خاص» هنا لا يعنى فقط القطاع الخاص الكبير وإنما كذلك المتوسط والصغير، ولكن المناخ العام، سياسياً واقتصادياً وقانونياً، الذى يدعم هؤلاء هو الذى عادة ما يدعم أولئك أيضاً.
حتى الصين الشيوعية عمدت إلى إنشاء قطاع خاص قوى لما له من قدرة على التطور والمرونة فى قرارات تخصيص الموارد والمنافسة فى الأسواق العالمية.
ومع ذلك لا بد أن يكون واضحاً أن قوة القطاع الخاص لا تعنى التساهل مع أى خارج على القانون أو متربح بدون وجه حق. هذان أمران لا يستويان. لا بد أن تكون قواعد الدولة فى إدارة علاقتها بالقطاع الخاص شفافة وواضحة وعلى أعين الجميع لأن غير ذلك سيكون فساداً أو ما يطلق عليه «رأسمالية المحاسيب»، أى محاسيب أفراد الدولة.
حتى لو حدث ذلك فى الماضى، فلا ينبغى أن يحدث فى الحاضر أو المستقبل، وأى شخص عليه أموال للدولة لا بد أن ترد إليها.
وهنا على أجهزة الدولة، بل علينا جميعاً، استخدام مشرط الجراح وليس ساطور الجزار؛ حتى لا نكون مثل من يحرق اللحاف كى يتخلص من البرغوث. فوفقاً لوزير الاستثمار، السيد أشرف سالمان، فإن نسبة الاستثمارات الخاصة بلغت 70٫5٪ من إجمالى الاستثمارات فى عام (2014/2015).
وهذا رقم كبير ومن المهم أن يزيد.
كما أن القوى العاملة بمصر (أى أولئك الذين هم فى سن العمل) يشكلون 27٫622 مليون فرد، وفق تقرير للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء موزعين بين ذكور 21.166 مليون فيما بلغت بين الإناث 6.456 مليون.
لكن ليس كل هؤلاء يعملون فى الواقع؛ فقد بلغ عدد المشتغلين 24 مليون مشتغل، منهم 19.1 مليون من الذكور، فيما بلغ عدد المشتغلات من الإناث 4.9 مليون مشــتغلة.
ولنعرف أن إجمالى عدد المنشآت الاقتصادية فى مصر 2.41 مليون منشأة موزعة ما بين 824 منشأة تابعة للقطاع العام أو قطاع الأعمال العام (أى مملوكة جزئياً أو كلياً للدولة) وذلك بنسبة 0.03% بينما بلغ عدد منشآت القطاع الخاص 2409541 بنسبة 99.97% من إجمالى المنشآت الاقتصادية المصرية. الحقيقة أن المطلوب هو المزيد من دعم القطاع الخاص لمواجهة البطالة المتزايدة نتيجة ظاهرة الإنجاب بلا حساب التى نعيشها؛ فقد سجلت البطالة فى مصر 13٫1%، بلغ نصيب الشباب منها 25% بحسب الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فى ظل ضعف أداء النشاط الاقتصادى، والذى أدى إلى ارتفاع تكلفة تمویل أعباء الدين العام الحكومى الذى بلغ نحو 95.5% من الناتج المحلى فى یونیو ٢٠١٤، وذلك مقابل 79% فى عام 2009/2010.
بعبارة أخرى، الحكومة مدينة ويزداد الدين عليها.
خلاصة القول:
أولاً، العالم يتجه نحو بناء قطاع خاص وطنى قوى، ولا ينبغى أن نكون بعيدين ذلك.
ثانياً، القطاع الخاص يتضمن المشروعات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة.
ثالثاً، خطأ أى رجل أعمال أو أكثر لا يعنى تشويه كل المنتمين إلى القطاع الخاص لأن ذلك يضر بالمناخ العام الذى يجعلنا جميعاً نتضرر بدءاً من صغار الموظفين والعمال.
رابعاً، على رجال الأعمال أن يقوموا بدور أكبر فى خدمة المجتمع وأن يتبنوا قرارات تؤدى إلى استهداف نسب البطالة العالية والمتزايدة من خلال الاستثمار فى صناعات كثيفة العمالة.
خامساً، على الدولة أن تكون شريكاً لكل جاد يريد أن يبنى ويستثمر، وكفانا تعقيدات بيروقراطية لا حمت ممتلكات الدولة ولا حافظت على حقوق الفقراء ولكنها تعقيدات أفضت إلى «تطفيش الاستثمار» وجعله أصعب فى مصر مقارنة بدول جارة لنا أنجح منا فى توفير مناخ ملائم للاسثتمارات الجادة.
يا رب الخير لمصر.