عن الحاجات والبتاعات وبولماركوس سألوني

عن الحاجات والبتاعات وبولماركوس.. سألوني

عن الحاجات والبتاعات وبولماركوس.. سألوني

 تونس اليوم -

عن الحاجات والبتاعات وبولماركوس سألوني

معتز بالله عبد الفتاح

«يا موع موع، انت فاهم حاجة من اللى بيحصل؟ هو مين ظالم ومين مظلوم فى اللى إحنا فيه ده؟».. سألنى صديقى محمد الميكانيكى. «والله يا صديقى، مش واضح إذا كانت المسألة يُحكم عليها بمعيار الظلم والعدل لأنهما مصطلحان لا بد أن ينضبطا بضابط خارجى؛ إما من الشرع الشريف أو من القانون والدستور. لكن أن يكون ما فى مصلحتى ومصلحة جماعتى وحزبى هو العدل وغير ذلك هو الظلم، فلن نصل إلى شىء؛ لأنه لا يوجد معيار موضوعى مستقل عن مصالحنا وتحيزاتنا؛ لذلك أعتقد أن السؤال الأصح هو: مين شاطر؟ ومين خايب؟ مين أحرص على الصالح العام؟ ومين أحرص على الصالح الخاص؟» قلت لصديقى الميكانيكى.

«يعنى انت عايز تقول لى إن مفيش فرق كبير بين الناس اللى حكمتنا دى كلها، من مبارك لطنطاوى لمرسى للسيسى؟».. سألنى صديقى محمد الميكانيكى.

«قبل أن أجيبك عن سؤالك سأسألك أنا: ما الذى يجمع بين هذه العبارات العشر:

1- الحشد فى الشارع.

2- الدماء: قتلاً أو متاجرة بدم الشهداء.

3- الاستقواء بالخارج: مالياً أو معنوياً.

4- الدين: سواء الآيات أو الرموز الدينية أو المشايخ.

5- الصندوق الانتخابى.

6- الإعلام التقليدى والتواصل الاجتماعى.

7- سلطة التشريع وإصدار القوانين.

8- القضاة والنائب العام.

9- الإقصاء للخصوم.

10- مداعبة أحلام البسطاء؟».

قال صديقى: «لا أعرف، أهو كله كلام، هو انتم بتعملوا حاجة غير الرغى؟».

قلت له: «ما يجمعها أنها ورق الكوتشينة السياسية المتاحة، أى الأدوات التى استخدمها الجميع، بنوايا مختلفة، من أجل الوصول إلى السلطة أو الحفاظ عليها بدرجات متفاوتة من الحرص على الصالح العام. الكل حاول حشد الناس فى الشارع حين كان الحشد فى مصلحته وامتنع عن الحشد حين كان فى غير مصلحته. الكل حاول استخدام الدين لتبرير موقفه واكتساب المؤيدين له، سواء فى الانتخابات أو بعد انتهاء حكم مرسى، وخرجت الفتاوى فى كل اتجاه. الاستقواء بالخارج كان أداة عند الجميع من أجل دعم موقفه السياسى فى الداخل. التشريع فى الاتجاه الذى يخدم مصالحه. وكذا مع أحكام القضاء وتعيين النائب العام الذى يحقق مصالحه، وتستيف الأوراق بما يحقق رؤية كل طرف لمصلحته ومصلحة البلد من وجهة نظره، دماء الشهداء والمتاجرة بها، ففى كل عصر سقط شهداء، رحمة الله عليهم جميعاً، وربنا يجازى كل من كان يستطيع أن يمنع قتلهم ولم يفعل. إذن الكل معه نفس كروت الكوتشينة يا صديقى. ولكن الأشطر من يجيد استخدام الورق الذى معه بطريقة أفضل، مع فارق جوهرى أن هناك من يأكل ويدع الآخرين معه يأكلون، وهناك من يسعى للتكويش على كل شىء وأى شىء. إنها المكيافيلية يا صديقى فى أسوأ صورها. وهى بالفعل أسوأ صورها؛ لأنها فى مصر مختلفة عن المجتمعات الأكثر تحضراً؛ حيث تكون السياسة تنافساً عقلانياً من أجل تحقيق الصالح العام دون إغفال الصالح الخاص، لكنها فى مصر صراع دموى من أجل تحقيق الصالح الخاص على حساب الصالح العام».. قلت لصديقى.

«يا نهار اسود! طيب وهنعمل إيه؟».. قال صديقى مندهشاً.

«عادى يا محمد، لا تنزعج، هنعمل مثل ما تفعل كل المجتمعات المتخلفة، هنفضل نكسر فى بعض ونشوه فى بعض، والمهزوم هيعمل فيها شهيد ويستخدم شعارات الدين والفضيلة حتى يصل إلى السلطة ثم يتجاهلها تماماً، وفى النهاية الأقوى سيفرض سطوته على الأضعف. وسنرى مزيداً من الدماء؛ لأننا حتى BAD LOSERS، وقبل ما تسألنى يعنى إيه سأقول لك إنه فى التنافس أو حتى فى الصراع، هناك من ينجح فى أن يحول خسائره من 5 إلى 2 وهناك من يحول خسائره من 5 إلى 10. نحن حين نخسر، لا نجيد فن تقليل الخسائر استعداداً للجولة المقبلة. لماذا مات هذا العدد المهول من أبنائنا المصريين مدنيين ومجندين؟ لماذا هذا الكم المهول من الناس الموجودين فى السجون؟ لماذا هذا الكم الهائل من الخسائر النفسية والاجتماعية والسياسية للجميع؟».. قلت لصديقى.

«أفلاطون» من 2500 سنة دخل فى نقاش مع صديقه بولماركوس Polemarchus حول معنى العدالة، فكانت إجابة بولماركوس التى يرفضها أفلاطون والفلاسفة بل وكل الأديان من بعدهم ونقبلها نحن ونعيش بها هى أن: العدالة هى justice is doing good to friends and harm to enemies.

أى أن نفعل الخير لأصدقائنا وأن نفعل الشر لأعدائنا، يعنى لو القانون كان أصدره «مرسى» وأنا أؤيد «مرسى»، و«مرسى» صديقى، إذن هذا القانون هو العدل. ولو كان نفس القانون أصدره «السيسى» وأنا أؤيد «السيسى»، إذن أدافع عن القانون وكأنه هو العدل. ولو كان النائب العام عيّنه «مرسى» وأنا أرفض «مرسى»، و«مرسى» عدوى، إذن النائب العام هو الظلم. وهكذا وفقاً للمقولة الفهلوية الشهيرة: «حبيبك يبلع لك الزلط وعدوك يتمنى لك الغلط».

على فكرة، لما كنت أدرس هذا المقرر الدراسى فى الولايات المتحدة، قلت لأستاذى: تعريف بولماركوس للعدل لا ينطبق على العدل، لكنه ينطبق على السياسة. نحن نتعامل مع العدل وفقاً لتعريف السياسة.

الشاهد: أننا، حكومة وشعباً زى «العثل».. فلة.. فلة.. والله. نُلبس الحق بالباطل ونلبس الباطل بالحق وإحنا سايبين إيدينا.

لكن هناك ما هو أنيل من كل هذا. للأسف نحن من ضعف الكفاءة الشامل والكامل بين جميع القطاعات وعلى كل المستويات لدرجة أننا لم نعد نعمل الصح صح، ولا حتى بنعمل الغلط صح.

نظرياً ممكن نعمل الصح صح.. مثل من يذاكر جيداً ثم يتفوق. أو نعمل الصح غلط، مثل من يقود سيارته إلى بيته ولكنه يعمل عدة حوادث فى الطريق. أو نعمل الغلط غلط، مثل من يحاول سرقة بنك ويتقفش. أو نعمل الغلط صح، مثل من يسرق البنك وما يتمسكش.

لو ركزت مع الشعب المصرى الشقيق والجاليات المصرية المقيمة فى الأحزاب والاستوديوهات وفى الحوارى وعلى القهاوى وفى البارات هتكتشف إنها بتعمل الغلط غلط، وبتعمل الصح غلط برضه، فبيطلع كله غلط فى غلط.

«طيب ما تنصح أى حد بأى حاجة».. قال صديقى.

قلت له: «معظم المصريين يرفعون شعار قوم هود (سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين). لقد أدمنا الفشل وعشقنا الغلط يا عزيزى».

«على رأيك، وهى فاضية زى محملة، وطولها زى عرضها. كما قال الفيلسوف سيد الإبيقورى».. قال صديقى ثم التفت لعمله.

اللهم دبر لنا فإنا لا نحسن التدبير.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الحاجات والبتاعات وبولماركوس سألوني عن الحاجات والبتاعات وبولماركوس سألوني



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia