اعتذار لجيل كامل

اعتذار لجيل كامل

اعتذار لجيل كامل

 تونس اليوم -

اعتذار لجيل كامل

معتز بالله عبد الفتاح

لم أعرف «زينب مهدى حسين أحمد» من قبل، ولا أعرف غير ما كتبه عنها «من تعلموا منها» وما خطَّته هى فى رسائلها من أنها: قد يئست منَّا جميعاً، فقررت أن تلجأ إلى من «لا مَلْجَأَ إِلاَّ إِلَيْهِ».

«زينب»، كشباب جيلها؛ الذى لم يكن يملك غيرَ حلمِه، وإرادته «التى كسرناها» انضمت إلى الإخوان قبل أن يفصلوها لتنضم إلى حملة «أبوالفتوح»، فالتيار المصرى.. ثم تعترض ككثير من شباب جيلها (الذى، إن لم نشوهه نحن فهو لا يعرف غير النقاء والصدق) على منظومة الإخوان، ثم على كل ما جرى بعد «الثالث من يوليو».

قد لا نتردد فى أن نقذفها «كما اعتدنا» بكل ما تطاله أيدينا من أحجار، لكن الحقيقة التى علينا ألا نهرب منها، فضلاً عن أهمية أن نفهمها: أنها اختارت أن تهرب إلى «بارئها»؛ حيث العدل المطلق. غيرها (المهندس هانى الجمل من أبناء جيلها) كان قد اختار أن يترك نجاحاته فى جامعة ميريلاند ليحاول أن يبنى حجراً فى مستقبل بلده فانتهى إلى السجن.. هكذا يقول منطقها ببساطة، الذى علينا أن ننصت إليه، وأن نفهمه.

«زينب» ذات العشرين ربيعاً، اختصرت بحياتها القصيرة، وبرحلتها المرتبكة، وبرحيلها اليائس، وبكل ما جرى من لغط ومتاجرة «وخوض» بعد الرحيل القصةَ كلها، وعيوبَنا كلها.. بل «وجرائمَنا» كلها.

«زينب» هى ضحيتُنا جميعاً، وضحيةُ هذا «النظام الأبوى» الذى كتب عنه هشام شرابى قبل ربع قرن وكتبت عنه هنا قبل أسابيع.

ناهيك عن طابور الشهداء الطويل، رحلت «زينب»، وإن اختلفت التفاصيل لتلحق بمحمد يسرى سلامة وباسم صبرى وغيرهما من الذين لم يقبلوا أن يكونوا مجرد أرقام فى معادلة هذا أو ذاك. أوجعهم هذا التمزق والتشرذم والاستقطاب. فأخذوا أحلامهم معهم.. وذهبوا.

أكرر: لا أعرف «زينب».. ولكنى اعتذاراً إليها، وإلى جيلها الذى أجرم من أجرم منا فى حقه؛ بالتعالى وبالتشويه.. «وبزيف الكلمات.. وأوحالها» قبل أى شىء آخر، أستأذنكم فى أن أضع قلمى اليوم. وأرجئ «مقال الأحد» مكتفياً بأن أُذَّكر نفسى، وأذَّكركم: بأن «رُبَّ كَلِمَةٍ يلقى بها أحدُكم، لَا يُلْقِى لَهَا بَالاً، تُلْقى به فى النارِ سَبْعِينَ خَرِيفاً (النص بتصرف).

النص السابق، كتبه الأستاذ أيمن الصياد، فى جريدة «الشروق» بالأمس.

وأتصور أنه لخص موقف كثيرين ممن يرون أننا نرتكب فى حق شبابنا ما قد يجعلهم فى النهاية يفقدون الثقة فينا وفى أنفسهم وفى مستقبل بلدهم.

يقول الفرنجة الملاعين: «Facts are facts but perception is reality».

وأتصور أن الترجمة الأفضل هى أن «المعلومات هى المعلومات، لكن الصورة الذهنية هى التى تمثل الحقيقة».

الرئيس يتحدث كثيراً عن الشباب ويوجه لهم رسائل، ولكن هناك اعتقاداً عند قطاع من الشباب أن المقصود شباب آخر غيرهم أو الشباب غير مرحب بهم على الإطلاق. لدرجة أن من أدوات السخرية أن يذهب بعض الشباب إلى القول: «الحمد لله، أخيراً شباب الثورة وصلوا للسلطة، بس شباب ثورة 19».

الخبرة مطلوبة ولكن الأفكار الجديدة مطلوبة أكثر.

كتب الأستاذ تامر أبوعرب عن العلاقة بين الرئيس والشباب تحت عنوان «لذلك لم يرد الشباب على الرئيس» قائلاً:

«يقولون إننا نختصر الشباب فى النشطاء المحبوسين، ونحن نطلب منهم أن يحصروا عدد الشهداء والمصابين والسجناء والممنوعين والمهاجرين دون سن الثلاثين وأن يقرأوا سيرهم الذاتية ومؤهلاتهم الدراسية ونشاطاتهم الخيرية والاجتماعية ويضيفوا إلى كل واحد منهم عشرة يائسين، ثم يحدثونا أكثر عن تشجيع الشباب».

أعلم أن جهوداً تبذل وأن مشروعات تقام، ولكن هناك مشكلة تواصل واضحة تحتاج من الرئاسة ومن معها من أجهزة، التركيز أكثر على «فن إدارة توقعات الناس» عبر وسائل التواصل والتسويق السياسى حتى لا يذهب شبابنا إلى سكة الإحباط المفضى إلى اليأس أو التطرف، لا قدر الله.

ربنا يستر.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعتذار لجيل كامل اعتذار لجيل كامل



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia