حسن نافعة
وصلتنى رسالة من صديق قديم فى كلية الهندسة تحمل وجهة نظر تستحق أن تُطرح على القراء بصرف النظر عن مساحة الاتفاق أو الاختلاف مع ما ورد بها من أفكار. تقول الرسالة:
«فى خضم الأحداث المتلاحقة منذ سقوط مبارك، وبتحليل مواقف القوى السياسية المختلفة خلال تعاقب تلك الأحداث، يتعين على المرء أن يطرح بعض الأسئلة فى محاولة لفهم ما حدث، وماذا يخبئ المستقبل لثورة 25 يناير؟
لعل أهم سؤال يجب طرحه ما يتصل بتحليل مواقف الإخوان المسلمين، التى أكثر ما تميزت به هو نقض الوعود كلما كان ذلك ضروريا لإحكام قبضتهم على السلطة. لكن محاولة سيطرة جماعة الإخوان على الحكم تزامن معها بنفس القدر فقدانها تدريجيا شعبيتها، بل وشرعيتها، وما تبع ذلك من انقسام وصل إلى حد الانشقاق داخل المجتمع المصرى، والوصول به إلى حالة من الشلل فى جميع النواحى السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
فى بدايات الثورة كانت رؤية الإخوان المسلمين هى عدم السعى للحصول على الأغلبية فى البرلمان وعدم الترشح للانتخابات الرئاسية، إدراكا منهم، وبحق، بأن الحمل ثقيل، وأنهم لا يستطيعون وحدهم تحمل هذا العبء، وأعلنوا عن ذلك صراحة، بل وأضافوا أن جماعة الإخوان المسلمين لا تمتلك الكوادر التى تستطيع وحدها تحمل تلك المسؤولية. لكن ماذا حدث إذن وتسبب فى التغيير المفاجئ فى هذا النهج من المشاركة إلى المغالبة والسعى للاستئثار بالسلطة؟
أعتقد أن الإجابة عن هذا السؤال تكمن بالتأكيد فى الدور الذى لعبته الولايات المتحدة الأمريكية فى هذا الشأن وقرارها استخدام ما تمتلكه من أدوات الترغيب والترهيب للمحافظة على مصالحها، بدءاً من استخدام العلاقات الوطيدة مع المجلس العسكرى، التى تنامت منذ معاهدة السلام، وما تبع ذلك من احتكارها شبه الكامل لمجال تسليح الجيش المصرى، مروراً بعلاقاتها الاقتصادية مع مصر ودول الخليج العربى، وانتهاء بعلاقتها الاستراتيجية مع دولة إسرائيل. والظاهر أن الولايات المتحدة الأمريكية قد استدرجت الإخوان المسلمين بتشجيعهم على الانفراد بالحكم، كما استدرجت من قبل صدام حسين فى تشجيعه على غزو الكويت.
أما النتائج المترتبة على تشجيع الولايات المتحدة الأمريكية انفراد الإخوان المسلمين بالحكم وضمان حيادية المجلس العسكرى لذلك وبالتالى، وللأسف، وقوع الإخوان المسلمين فى هذا الفخ، فيمكن اختصارها فى: 1- انقسام حلفاء الثورة على أنفسهم، وعلى الأخص بعد الانقضاض على السلطة القضائية وولادة دستور أقل ما يوصف به أنه دستور مشوه. 2- تأزم الوضع الاقتصادى بدرجة مخيفة وعدم قدرة الدولة على بسط الأمن فى سيناء. 3- اشتعال الموقف بمدن القناة، ما يهدد بضياع أغلى ما تمتلكه مصر، وهو قناة السويس، وما تمثله من عبقرية وعظمة الموقع الجغرافى لمصر. كأن التاريخ يعيد نفسه مرة تلو أخرى فى التأكيد على طمع القوى الاستعمارية، بدءاً بالحملة الفرنسية والاحتلال البريطانى لمصر، مروراً بالعدوان الثلاثى وبنكسة 67.
والسؤال: متى سيدرك الإخوان المسلمون أن استمرارهم فى الاستئثار بالسلطة وميلهم نحو الاستبداد فى الحكم سوف يؤدى فى النهاية إلى سقوطهم؟ وأخشى ما أخشى ألا يسقطوا وحدهم، بل تسقط مصر كلها معهم.
الديمقراطية والعدالة الاجتماعية هما الحل، وسوف تستمر وتنجح الثورة إذا تحالفت جميع القوى السياسية لإنقاذ مصر.
نقلا عن جريدة المصري اليوم