مجرمون أم نشطاء سياسيون

مجرمون أم نشطاء سياسيون؟

مجرمون أم نشطاء سياسيون؟

 تونس اليوم -

مجرمون أم نشطاء سياسيون

حسن نافعة

ما هو الوصف الصحيح الذى يتعين أن نطلقه على جماعة قامت باختطاف جنود مصريين يؤدون واجبهم الأمنى فى سيناء وتشترط للإفراج عنهم إطلاق سراح مسجونين تابعين لها؟ وهل يتعين أن نتعامل مع هذه الجماعة باعتبارها تشكيلا إجراميا أو إرهابيا يتعين مطاردته وإلقاء القبض على أعضائه، تمهيدا لتقديمهم لمحاكمة توقيع الجزاء العادل عليهم؟ أم باعتبارها جماعة سياسية أو دينية لها مطالب، قد تكون مشروعة أو غير مشروعة، يمكن أن تكون محل تفاوض وأخذ ورد، على أمل التوصل إلى تسوية تجنب الجميع إراقة الدماء؟.. تلك كلها أسئلة تطرح نفسها ويتعين أن نعثر على إجابة واضحة وقاطعة عليها كى يكون بمقدورنا أن نتعامل مع هذه القضية بالجدية الواجبة. قبل أن أقدم اجتهادى الشخصى للإجابة عن هذه الأسئلة، أود أن أؤكد ابتداء أننى لست من أنصار استخدام العنف وسيلة لمقاومة سياسات أو ممارسات ينتهجها أى نظام حاكم، مهما بلغ جبروته. فالعنف لا يولد سوى العنف، واستخدامه من جانب قوى معارضة يمنح النظام الحاكم مبررات إضافية للتصعيد واستخدام أبشع وسائل القمع. لذا أعتقد أن النضال السلمى الجماهيرى المنظم أكثر فاعلية وقدرة على مقاومة الظلم والاستبداد على المدى الطويل. وحتى إذا سلمنا بأن بعض الجماعات التى لجأت إلى العنف لمقاومة بطش النظام السابق، واعتبرته نوعا من الدفاع الشرعى عن النفس، إلا أنه يفترض أن تكون مبرراتها لحمل السلاح قد سقطت فور قيام الثورة والإطاحة برأس النظام القديم. ولأنه يستحيل على أى مجتمع بناء دولة القانون إلا إذا قبلت جميع الأطراف الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، وفق قواعد متفق عليها لإدارة العملية السياسية، فمن الطبيعى أن يكون إلقاء السلاح طواعية من جانب القوى التى كانت تحمله شرطا لا غنى عنه لإقامة مثل هذه الدولة، وإلا فعلى المجتمع أن يجبرها على ذلك كشرط للانخراط فى العملية السياسية والمشاركة فى بناء النظام الجديد. لا أحد يعرف بالضبط من هى الجماعة التى اختطفت الجنود المصريين، غير أنه من المعلوم للجميع أن سيناء تعج بجماعات «إرهابية» ترفع جميعها شعارات «إسلامية»، وبالتالى لابد أن تكون إحداها قد أقدمت على هذه الجريمة النكراء. وكان يفترض أن يؤدى فوز الدكتور مرسى، مرشح جماعة الإخوان المسلمين، بمقعد الرئاسة فى مصر، إلى تسهيل عملية انخراط هذه الجماعات فى العملية السياسية السلمية، وأن تتخذ قرارا شجاعا بإلقاء السلاح، غير أن ذلك لم يحدث، ومن ثم فإن إصرار هذه الجماعات على استمرار حمل السلاح، رغم وجود رئيس منتخب ينتمى إلى أحد فصائل تيار الإسلام السياسى، يحرج الرئيس المنتخب ويثير تساؤلات جادة حول حقيقة موقف هذه الفصائل من العملية السياسية ومدى التزامها بقواعد الديمقراطية، كما يثير الشكوك حول نواياها. ولا جدال فى أن إقدام جماعة ترفع شعارات إسلامية على ارتكاب جريمة خطف جنود مصريين فى منطقة حساسة كسيناء يثير شكوكا كثيرة حول انتمائها الوطنى، خصوصا أنه ليس لهذه الجريمة سوى معنى واحد، وهو أن الجماعة التى ارتكبتها تسعى لاستدراج الجيش المصرى إلى معركة جانبية لن تخدم فى النهاية سوى إسرائيل. ولأن التفاوض مع الجماعة المرتكبة لهذه الجريمة سيغرى جماعات أخرى مماثلة أو شبيهة باستخدام نفس الأسلوب للحصول على مطالبها، فليس هناك من خيار آخر سوى العمل على تنظيف سيناء بأكملها من جميع تلك البؤر الإرهابية. أقترح على فصائل الإسلام السياسى التى تدعى أن لها علاقة سياسية أو تنظيمية بهذه الجماعات، أو قادرة على التأثير عليها فكريا، أن تشرح لها بوضوح أنه لا مجال لأى تفاوض معها ولا سبيل أمامها سوى إلقاء السلاح. بعد ذلك يتعين فتح جميع الملفات القديمة وإخضاع جميع أشكال الانتهاكات السابقة لحقوق الإنسان وما ارتكب خلالها من جرائم جماعية ضد أهالى وقبائل سيناء لتحقيقات مستقلة، تعقبها معالجات سياسية. فالمعالجات السياسية الواعية لمثل هذه الملفات الشائكة هى وحدها الكفيلة بفتح الطريق أمام تنمية حقيقية تعيد سيناء إلى حضن الوطن وتحولها إلى حصن للدفاع عن أمنه بدلا من أن تكون شوكة فى خاصرته. الكرة الآن فى ملعب فصائل الإسلام السياسى، خاصة الجماعات الجهادية التى يتعين عليها أن تخير جماعات التكفير وخاطفى الجنود فى سيناء بين إلقاء السلاح وقتالهم. فاختطاف جنود فى سيناء ليس جريمة عادية، وإنما خيانة عظمى فى حق الوطن. نقلا  عن جريدة  المصري اليوم

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجرمون أم نشطاء سياسيون مجرمون أم نشطاء سياسيون



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia