حتى لا ندور في نفس الحلقة المفرغة

حتى لا ندور في نفس الحلقة المفرغة

حتى لا ندور في نفس الحلقة المفرغة

 تونس اليوم -

حتى لا ندور في نفس الحلقة المفرغة

حسن نافعة

القرار الذى أصدرته المحكمة الدستورية العليا حول مشروع القانون الخاص بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية، يعيد فتح باب الجدل من جديد حول الرقابة السابقة والرقابة اللاحقة على دستورية القوانين. وكان دستور 1971، كما هو معروف، قد اعتمد مبدأ الرقابة اللاحقة التى تجسد فكرة الرقابة على دستورية القوانين بمعناها الصحيح. وقد استمر العمل بهذا المبدأ حتى عام 2005 الذى شهد تغييراً فى طريقة اختيار رئيس الجمهورية لتصبح بالانتخاب من خلال الاقتراع السرى المباشر بدلاً من الاستفتاء على مرشح واحد يختاره مجلس الشعب. ولتحصين منصب رئيس الجمهورية تم تعديل دستور 1971 لإقرار مبدأ الرقابة الدستورية السابقة لكن بالنسبة لمشروعات القوانين ذات الصلة فقط بانتخاب رئيس الجمهورية. غير أن الدستور الحالى، المختلف عليه أصلا، وسّع كثيرا من نطاق الرقابة السابقة ليشمل جميع مشروعات القوانين ذات الصلة بجميع أنواع الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية، وهو ما يتضح بجلاء من المادة 177 التى تنص على ما يلى: «يعرض رئيس الجمهورية أو مجلس النواب مشروعات القوانين المنظمة لمباشرة الحقوق السياسية وللانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية على المحكمة الدستورية العليا قبل إصدارها، لتقرير مدى مطابقتها للدستور. وتصدر قرارها فى هذا الشأن خلال خمسة وأربعين يوما من تاريخ عرض الأمر عليها، وإلا عُدّ عدم إصدارها للقرار إجازة للنصوص المقترحة. فإذا قررت المحكمة عدم مطابقة نص أو أكثر لأحكام الدستور وجب إعمال مقتضى قرارها. ولا تخضع القوانين المشار إليها فى الفقرة الأولى للرقابة اللاحقة المنصوص عليها فى المادة 175 من الدستور» وإعمالاً لهذا النص، تم عرض مشروع قانون تعديل بعض أحكام قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية، الذى ستجرى على أساسه الانتخابات البرلمانية المقبلة، على المحكمة الدستورية العليا التى أصدرت قرارها بعدم دستورية مجموعة كبيرة من نصوصه. وبناء على هذا القرار عاد مشروع القانون المشار إليه إلى مجلس الشورى مرة أخرى لتعديل ما تضمنه من نصوص غير دستورية وفقا للضوابط التى أشارت إليها المحكمة. وهنا يثور سؤال مهم: ماذا لو لم يلتزم مجلس الشورى بقرار المحكمة الدستورية العليا، أو قام بتعديل النصوص التى ثبت عدم دستوريتها بطريقة لا تتفق تماما مع صحيح الدستور؟ الواقع أنه يمكن حل هذه المعضلة بالاختيار بين أحد سبيلين: السبيل الأول: إعادة النصوص غير الدستورية بعد تعديلها للمرة الثانية إلى المحكمة الدستورية من جديد، والامتناع عن إصدار القانون إلا بعد أن تقر صراحة بأن الصيغة النهائية لمشروع القانون المقترح أصبحت مطابقة تماما للدستور. السبيل الثانى: إخضاع النصوص المعدلة لرقابة دستورية لاحقة، وهو ما قضت به المحكمة الدستورية العليا فى قرارها المشار إليه. غير أن عدداً من أعضاء مجلس الشورى أدلوا بتصريحات عقب صدور حكم المحكمة الدستورية العليا يُفهم منها أن مجلس الشورى ليست لديه النية مطلقاً لإعادة مشروع القانون بعد تعديله إلى المحكمة الدستورية من جديد. ليس هذا فقط بل ينكر هؤلاء على المحكمة الدستورية عدم أهليتها فى رقابة لاحقة على نصوص لم تُقرّ مسبقا بدستوريتها. وهذا موقف غريب جداً، بل غير قانونى أيضاً، لأنه يعنى ببساطة أن مجلس الشورى يصادر على اختصاصات المحكمة الدستورية ويحل محلها حين يمنح لنفسه اختصاصاً أصيلاً بالحكم على مدى دستورية نصوص لم تقرها مسبقاً. لكى لا ندور فى نفس الحلقة المفرغة، تفرض اعتبارات المواءمة السياسية على مجلس الشورى ضرورة عرض النصوص المطعون عليها، بعد تعديلها مرة أخرى، على المحكمة الدستورية، كما تفرض على رئيس الجمهورية عدم إصدار مشروع القانون المقترح إلا بعد إقراره ككل من جانب المحكمة الدستورية. فهذا هو المعنى الصحيح لفكرة الرقابة المسبقة، التى هى غير مستحبة أصلاً، وتنطوى على تحايل غير مقبول وتضرب فكرة الرقابة الدستورية من أساسها!. نقلا عن جريدة المصري اليوم 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حتى لا ندور في نفس الحلقة المفرغة حتى لا ندور في نفس الحلقة المفرغة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 06:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تنعم بأجواء ايجابية خلال الشهر

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 09:20 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

فوائد صحية وجمالية لعشبة النيم

GMT 18:17 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

إنجي علي تؤكّد أن مصر تتميز بموقع فني عالمي رفيع

GMT 13:10 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الــ " IUCN"تدرج "الصلنج" على القائمة الحمراء

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia