السفيرة والشاطر

السفيرة والشاطر

السفيرة والشاطر

 تونس اليوم -

السفيرة والشاطر

حسن نافعة

«السفيرة» هى السيدة آن باترسون، سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى جمهورية مصر العربية، و«الشاطر» هو المهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين. ولأن السفيرة هى التى طلبت لقاء الشاطر، وتم اللقاء بالفعل فى مكتب الأخير، وليس فى مقر الجماعة، واستمر ثلاث ساعات ولم يحضره أحد سواهما، فقد كان من الطبيعى أن يثير تساؤلات كثيرة، وذلك للأسباب التالية: 1- للسيدة آن باترسون صفة رسمية، فهى الممثل الشخصى لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية، والمتحدثة الرسمية باسم الدولة الأمريكية لدى الحكومة المصرية. أما المهندس خيرت الشاطر فهو نائب المرشد العام لجماعة ليس لها وضع قانونى داخل هياكل ومؤسسات الدولة المصرية، وكان يتعين عليها تصحيح أوضاعها والكف عن مباشرة أى نشاط سياسى عقب تأسيس حزبها الذى حمل اسم «حزب الحرية والعدالة»، وهو ما لم يحدث. ولأنه لا يتصور منطقيا أن تكون سفيرة الدولة الأعظم لدى الحكومة المصرية قد طلبت لقاء المهندس خيرت الشاطر للتحدث معه فى أمور «شخصية» أو «مهنية»، فمن الطبيعى أن يثير هذا اللقاء بعض الريبة، وأن يتساءل الناس عن دلالته السياسية. فعندما يرغب مسؤول أجنبى فى مناقشة قضايا تتعلق بالشأن المصرى العام أو بمصالح مشتركة بين مصر والدولة التى يمثلها، فعليه أن يناقشها مع رئيس الدولة، أو مع رئيس «الحزب الحاكم»، أو مع أى مسؤول فى الحكومة. وحتى لو افترضنا أن المسؤولة الأمريكية أرادت مناقشة أمور تخص دور جماعة الإخوان فى الحياة السياسية، ويفترض أن يتم اللقاء مع المرشد، أو من يفوضه، وفى مقر الجماعة، وفى حضور قياديين آخرين. لكن حين يكون اللقاء منفردا مع نائب مرشد الجماعة وفى مكتبه فمن الطبيعى أن يثير القيل والقال، وأن يرى فيه البعض دليلا إضافيا على أن المهندس خيرت الشاطر هو الرئيس الفعلى، ليس فقط للجماعة وإنما للدولة أيضاً، وأن الولايات المتحدة تتعامل معه على هذا الأساس. وهذا وضع غير طبيعى، بل ومهين فى حد ذاته للدولة المصرية، ويعكس حالة الفوضى المؤسسية السائدة فى مصر الآن. 2- جرى اللقاء فى ظل أجواء سياسية مشحونة بالتوتر، وسبقته بيوم واحد محاضرة للسفيرة فى مركز ابن خلدون قالت فيها كلاما يُفهم منه أن الولايات المتحدة تساند الدكتور مرسى وتدعم نظام حكمه، و«تخشى من الفوضى والانقلاب على الديمقراطية». لذا فُسر اللقاء على أنه رسالة دعم ومؤازرة من الولايات المتحدة لجماعة الإخوان وللتنسيق بين الطرفين للحفاظ على المصالح المشتركة فى أجواء أزمة هذه المصالح. ومع ذلك لم يستبعد البعض أن تكون السفيرة الأمريكية قد نقلت للرجل «القوى» قلق إدارتها من التطورات المحتملة وقدمت له النصيحة بالعمل على التهدئة والبحث عن صيغة للمصالحة. 3- لفت أنظار المراقبين تصريح نُسب إلى مصدر عسكرى مصرى يؤكد «رفض الجيش المصرى أى تدخل أجنبى فى الشؤون الداخلية» دون أن يشير صراحة إلى لقاء الشاطر وآن باترسون، وفسره البعض على أنه دخول للجيش على خط المواجهة المحتملة بين جماعة الإخوان، المدعومة أمريكياً، والشعب الذى يستعد للقيام بثورة لتصحيح المسار فى الذكرى الأولى لجلوس الدكتور محمد مرسى. ثم جاءت كلمة السيسى لاحقا لتضفى قدرا أكبر من المصداقية على هذا الاستنتاج. يصعب التكهن بحقيقة ما دار فى هذا اللقاء، وفى تقديرى أن مجرد انعقاده، وفى هذا التوقيت بالذات، كان هو الرسالة الأهم مما قيل فيه. فقد أرادت الولايات المتحدة ببساطة أن تبعث برسالة إلى الشعب المصرى قبل خروجه يوم 30 يونيو، مفادها أنها تدعم الدكتور مرسى وستظل متمسكة به حتى اللحظة الأخيرة مثلما فعلت مع سلفه. لكن من قال إن هذه الرسالة ستصب لصالح جماعة الإخوان فى النهاية؟ ألم يعلمنا التاريخ أن الدولة الطامحة للهيمنة المنفردة على العالم تميل دوما للوقوف إلى جانب الطغاة وليس إلى جانب الشعوب، وأنه لهذا السبب تنهار الإمبراطوريات ولا تدوم؟ نقلا عن جريدة المصري اليوم 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السفيرة والشاطر السفيرة والشاطر



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia