حسن نافعة
وصلتنى رسالة من قارئ متابع لما أكتبه فى هذه الزاوية، وأيضاً لما يدور حوله من نقاش عبر «التفاعلى». ولأنها تحتوى على اقتراح قد يبدو بالنسبة للبعض غريباً إلا أنه يعكس، فى تقديرى، مدى القلق الذى يشعر به كثير من المصريين فى الداخل والخارج. لذا رأيت أنه قد يكون من المفيد نشرها.
تقول الرسالة:
«أولاً، تحية عطرة للأستاذ الدكتور حسن نافعة ولجميع الإخوة والأخوات أصحاب الآراء الذهبية التى لا تقدر بثمن فى هذه النافذة التى عاد إليها زخمها السابق، ربما لمشابهة الظروف الحالية للوطن بعد الثورة، التى مازال نبضها يُسمع رغم وهنه وضعفه، بنفس الظروف التى كانت سائدة قبل 25 يناير.
ألخص ما نحن فيه، من وجهة نظرى فيما يلى:
أولاً: لدينا مجموعة من الأطماع من جانب السلطة الحاكمة والمعارضة بكل فصائلها على السواء، وكلها أطماع خاصة ليس من بينها مصلحة مصر العليا. فالكل يدّعى لنفسه الوطنية والرغبة فى نهضة مصر دون أن يقدم دليلاً عملياً واحداً يثبت به صدق ما يقول فيبعث الأمل والثقة فى النفس. كذلك لم تقدم المعارضة، بكل ما فيها من سلبيات أو إيجابيات، إن وُجدت، ما يجعل منها فصيلاً مؤثراً فى صنع القرار، لا الآن ولا مستقبلاً.
ثانياً: لا يتسع المقام هنا للحديث عن أخطاء حمدين أو البرادعى أو غيرهما، رغم احترامى الشديد للجميع، ولا أتردد فى القول إننى كنت أميل بقلبى فى البداية للدكتور مرسى، لأنه من حملة القرآن الكريم، إلا أن أخطاءه الفادحة وسماحه لمكتب الإرشاد بالتدخل فى شؤونه الرئاسية دفعانى لإعادة النظر فى موقفى. فلن يشفع له ذلك حين يقف كل مهضوم أو مظلوم أو شهيد أو قتيل فى عهده ويشكوه إلى الحكم العدل. ولأن وضع مصر الأمنى والاقتصادى والاجتماعى والسياسى والقضائى والتشريعى هو وضع كارثى بكل ما تحمله كلمة كارثى من معنى، فإن السؤال الذى يتعين أن نطرحه على أنفسنا: كيف الخروج من هذا المأزق؟ وما الذى يتعين فعله لإعادة الأمور إلى وضعها الصحيح؟
فى تقديرى أنه يتعين على الجيش أن يقوم بجمع كل الفرقاء السياسيين بالقوة (نعم بالقوة، لأنه ليس بوسع أحد أن يهدد الجيش أو أن يقول إن لديه ميليشيات أو جهاديين، فكل هذا كلام فارغ أمام خير أجناد الأرض)، ومعهم لجنة من الأوقاف برئاسة المحترم شيخ الأزهر، ولجنة كنسية برئاسة البابا تواضروس، وجميع قيادات القضاة بكامل هيئاتهم، وكل من بيده سلطة التشريع. ثم بعد ذلك يتم غلق الأبواب عليهم لمدة يوم أو يومين أو أسبوع أو أكثر، إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق حول كيفية إصلاح العطب فى كل شىء، سواء فيما يتعلق بالدستور، أو بقانون السلطة القضائية، أو غير ذلك، بحيث لا يخرج منهم أحد دون الوصول إلى اتفاق يرضى الله ويرضى بعدها جميع شعب مصر إلا ويتم ضرب عنقه.
أما إذا تم ترك الأمر هكذا، بعبط زمان واستهباله، وترجع ريما لعادتها اللئيمة، فعليه العوض ومنه العوض، ونعود لنكتب من أول السطر ونقول: قُم يا مصرى.. مع تحياتى واحترامى للجميع. ونسأل الله أن يهدى الجميع لما فيه خير البلاد وصلاح العباد، آمين...»
د. يحيى الزيات
الخبير التعليمى بجمهورية البوسنة والهرسك.
أود أن أنتهز الفرصة لتوجيه الشكر للدكتور يحيى، وإلى جميع القراء الأعزاء من داخل مصر وخارجها الذين يجدون لديهم الوقت للمشاركة بتعليقاتهم على ما أكتب عبر «التفاعلى»، فإليهم يعود الفضل فى تحويل هذه الزاوية إلى ساحة للنقاش الحر والمفيد. أما بالنسبة للرسالة نفسها فما فهمته من مضمونها أنه لا حل لمشاكل مصر إلا بحوار يشارك فيه الجميع، وبأن الجيش موضع ثقة الجميع، وبالتالى يمكن أن يكون مظلة جامعة وضامناً لتنفيذ ما قد يسفر عنه، وهو ما أتفق معه تماماً. غير أن الحوار لا يتم إلا بالرضا والاقتناع، ولا أعرف كيف يمكن للجيش إجبار الفرقاء، خاصة الحزب الحاكم، على الحوار. جماعة الإخوان هى العقبة الوحيدة فى طريق الحوار. ودون أن تقتنع بجدواه لن يحدث حوار، ودون الحوار قد تقع كارثة عليها أن تتحمل وحدها مسؤوليتها.
نقلا عن جريدة المصري اليوم