كل عام ومصر الجديدة بخير

كل عام ومصر الجديدة بخير

كل عام ومصر الجديدة بخير

 تونس اليوم -

كل عام ومصر الجديدة بخير

حسن نافعة

شاءت إرادة الله أن يستقبل شعب مصر أول أيام شهر رمضان المبارك بالأمل يملأ جوانحه، بعد أن كاد اليأس يقتله. صحيح أن شعوراً عارماً بالحزن يخيّم على الجميع، بسبب دماء غزيرة سالت دون مبرر أمام بوابات الحرس الجمهورى لم يكن لها ما يبررها، غير أن هذا الشعور النبيل بالحزن لا يمكنه أن يخفى شعوراً أعم وأشمل بالارتياح لما تحقق حتى الآن، رغم الكبوات، وبالتفاؤل والأمل فيما هو آتٍ. لقد استطاع شعب مصر أن يحقق معجزتين فى أقل من ثلاث سنوات. ففى 25 يناير من عام 2011 فجَّر هذا الشعب ثورة أطاحت برئيس فاسد ومستبد، جثم على صدرها ما يقرب من ثلاثين عاماً، وأصر على نقل السلطة لابنه من بعده. وفى 30 يونيو من عام 2013 وجد نفسه مضطراً للقيام بثورة ثانية، ولكن ضد رئيس منتخب هذه المرة لم يمكث فى السلطة سوى عام واحد. ولم تقم ثورته الثانية لأن رئيسه المنتخب ينتمى إلى تيار «إسلامى»، كما يدَّعى البعض، ولكن لأن هذا الرئيس أثبت فشلاً ذريعاً فى إدارة شؤون الدولة والمجتمع، وتعمد استبعاد وتهميش جميع الفصائل والتيارات الأخرى، بمن فى ذلك الشباب وصناع الثورة الحقيقيون، وأصر على أن يضع مصلحة جماعته فوق مصلحة الوطن، وأن يسعى لتمكينها من الهيمنة المنفردة على مفاصل الدولة والمجتمع.. وها هو شعب مصر يستعد مع حلول شهر رمضان المبارك للدخول فى مرحلة جديدة من تاريخه نأمل أن تكون بداية لعصر جديد من الاستقرار والرخاء. ولأن شهر رمضان المعظم هو شهر العبادة وطلب الرحمة والمغفرة، آمل أن يجد فيه الجميع متسعاً للتأمل ومراجعة ما جرى، بنفس صافية، وبرغبة صادقة فى الاعتراف بما وقع من أخطاء، كى يتمكن الجميع من استخلاص الدروس الصحيحة. وتحتاج مصر اليوم، فى تقديرى، أكثر ما تحتاج إلى جهد ضخم يبذل على ثلاثة محاور متوازية ومتزامنة: المحور الأول: سياسى، لتهيئة الأجواء لمصالحة شاملة تنهى حالة الاستقطاب الراهنة، وتتمكن من إزالة واستئصال أسباب وجذور عدم الثقة القائمة بين مختلف الفصائل والتيارات، وتأكيد حسن النوايا وإظهار الرغبة الصادقة والمخلصة فى تأسيس دولة حديثة تقوم على القانون واحترام حقوق الإنسان والمواطنة. ولا يمكن لحوار جاد أن يتم إلا إذا التزم الجميع بنبذ العنف وعدم اللجوء إليه أو التهديد به على أى وجه من الوجوه، وبالحفاظ على الوحدة الوطنية، ومعاقبة كل من تسول له نفسه إثارة النعرات أو تأجيج الفتن الطائفية. وتتطلب المعالجة الصحيحة لملف المصالحة تكليف شخصية محايدة ونزيهة ولديها الخبرة الكافية لإدارة المفاوضات مع جميع الأطراف. المحور الثانى: اقتصادى- اجتماعى، لمعالجة الملفات الرئيسية التى تسمح بدوران عجلة النشاط الاقتصادى واستعادة الطمأنينة لدى المواطنين، وهو ما يتطلب قيام حكومة قوية يتعين أن تركز نشاطها على معالجة ثلاثة ملفات رئيسية: ملف الأمن، وملف الاقتصاد، وملف العدالة الاجتماعية. فالأمن يتطلب إعادة هيكلة وزارة الداخلية وكذلك سائر الأجهزة المعنية بأمن المواطنين بما يضمن تحسناً سريعاً فى أداء هذه الأجهزة ويولد لدى كل الأطراف فى الداخل والخارج شعوراً حقيقياً بالطمأنينة. والاقتصاد يتطلب اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لإعادة عجلة النشاط الإنتاجى والخدمى إلى ما كان عليه قبل الثورة واستعادة الثقة فيه على نحو يسمح بتدفق الاستثمارات الأجنبية وزيادة المدخرات. أما ملف العدالة الاجتماعية فيتطلب إعادة النظر فى منظومة الضرائب وفى هياكل الأجور والحوافز، بما يسمح بوضع حد أدنى وأقصى للدخول، وفى إعادة النظر فى الصناديق الخاصة وإجراءات تعيين المستشارين على مستوى الدولة ومكافآتهم. المحور الثالث: إجرائى- قانونى، ويتطلب إيجاد إطار للتشاور تـُمثَّل فيه الأحزاب والقوى السياسية المختلفة، على نحو يضمن أن يعكس الدستور الجديد وكذلك القوانين والتشريعات السياسية اللازمة لإدارة المرحلة الانتخابات، خاصة ما يتعلق منها بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة، أوسع توافق سياسى ممكن. لن يهتم الشعب هذه المرة بطول أو قصر المرحلة الانتقالية الجديدة، لكنه سوف يهتم كثيراً بانضباطها وشفافيتها.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كل عام ومصر الجديدة بخير كل عام ومصر الجديدة بخير



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 06:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تنعم بأجواء ايجابية خلال الشهر

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 09:20 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

فوائد صحية وجمالية لعشبة النيم

GMT 18:17 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

إنجي علي تؤكّد أن مصر تتميز بموقع فني عالمي رفيع

GMT 13:10 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الــ " IUCN"تدرج "الصلنج" على القائمة الحمراء

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia