الرئيس وإدارة أزمة الجنود المختطفين

الرئيس وإدارة أزمة الجنود المختطفين

الرئيس وإدارة أزمة الجنود المختطفين

 تونس اليوم -

الرئيس وإدارة أزمة الجنود المختطفين

حسن نافعة

يواجه الدكتور مرسى اختباراً فى غاية الصعوبة منذ اللحظة التى أقدمت فيها جماعة إرهابية مسلحة، يعتقد أنها تنتمى لإحدى فصائل «الجهاد الإسلامى»، على اختطاف عدد من الجنود المصريين العاملين فى سيناء. فقد فجرت هذه الجريمة أزمة كبرى بات عليه أن يثبت أنه يديرها بمنطق رجل الدولة المسؤول عن أمن الوطن، وليس بمنطق عضو مكتب الإرشاد فى جماعة مشكوك فى تعاطفها مع الخاطفين، على الأقل بسبب انتمائها الفكرى والسياسى لنفس «التيار». لو كان الدكتور مرسى حريصاً حقاً على التصرف فى هذه الأزمة كرجل دولة لقام على الفور بعقد مؤتمر صحفى، وأعلن إدانته لجريمة اختطاف الجنود بشكل قاطع لا يحتمل أى لبس، ولطالب المختطفين بالإفراج عن الرهائن فوراً دون قيد أو شرط، ولعبر عن إصراره على ترك الخيارات كافة مفتوحة، بما فى ذلك إمكانية استخدام القوة لتحرير الرهائن إن لزم الأمر. ولأن تصرفاته عقب وقوع الجريمة البشعة لم تكن بمثل هذا الوضوح والحسم، فقد أعطى الدكتور مرسى انطباعاً عاماً لدى كثيرين بأنه يدير الأزمة بقلب عضو مكتب الإرشاد المتعاطف، وليس بعقل رئيس الدولة المسؤول عن أمن الوطن وكرامة مواطنيه. دليلنا على ذلك ما يلى: 1- صدور تصريحات منسوبة إلى الرئيس تؤكد «حرصه على دماء جميع المصريين خاطفين ومخطوفين»، هكذا دون تمييز بين المجرمين والضحايا. 2- الإعلان عن قيام أحد مساعديه بالتوجه إلى سيناء لإجراء مفاوضات مع الخاطفين، أو مع شخصيات قريبة منهم، دون أن يكون واضحاً ما إذا كانت هذه الخطوة قد تمت بالتنسيق وبعد التشاور مع الجيش والأجهزة الأمنية. لكنها تركت فى جميع الأحوال انطباعاً عاماً بأن الرئيس يتبنى موقفاً أكثر ليونة تجاه الخاطفين، ويضع العراقيل أمام المحاولات الرامية للتعامل معهم بحسم. 3- قيامه بدعوة عدد من الشخصيات العامة إلى لقاء لمناقشة الأزمة، وصف من جديد بأنه «حوار وطنى»، فى خطوة عكست ارتباكاً وعجزاً فى مواجهة أزمة محدودة النطاق، بأكثر مما عكست توافر نية حقيقية لحوار يخرج الوطن من أزمته السياسية الكبرى. ولأن الحضور اقتصر على شخصيات «أليفة وحليفة»، فقد كرس هذا اللقاء انطباعاً عاماً لدى كثيرين بأن جماعة الإخوان لاتزال تناور وتحاول توظيف قضايا لا تحتمل المناورة والتوظيف لتحقيق مصالح خاصة، وبالتالى لاتزال مستمرة فى العبث بأمن الوطن. تجدر الإشارة هنا إلى أن الدكتور مرسى كان قد اتخذ قراراً فور وصوله للسلطة، وصف وقتها بالشجاع من جانب البعض، بالإفراج عن عدد كبير من المحكوم عليهم فى قضايا سياسية، بما فى ذلك قضايا الإرهاب. بل تردد أن الإفراج أو العفو شمل عناصر قيل إنها على صلة بتنظيم القاعدة، الذى تروج إسرائيل هذه الأيام أنه يقوم بتشكيل فرع له فى سيناء، دون أن يكون واضحاً ما إذا كان جميع المفرج عنهم قد التزموا سلفاً بعدم اللجوء إلى العنف مجدداً، أو وضعوا تحت رقابة الأجهزة الأمنية. وأياً ما كان الأمر، فلا جدال فى أن شريط الفيديو الذى سربته الجماعة الخاطفة، وظهر فيه الجنود المخطوفون وهم يتوسلون للدكتور مرسى كى يستجيب لمطالب الخاطفين، صادم لكل المصريين. ولأنه شريط يذكرهم بأيام الهزيمة فى 67، فقد وقر فى يقين أغلبية المصريين أنهم يشهدون تحت حكم الدكتور مرسى حالياً، وبعد أكثر من عامين على ثورة يناير المجيدة، أياماً أسوأ من تلك التى عاشوها عقب هزيمة 67. وإذا كان شعب مصر قد أحس بالانكسار حين وقع جنوده أسرى حرب فى يد العدو الإسرائيلى، فإنه سرعان ما استعاد كرامته وثقته بنفسه بعد أن كال لنفس العدو المغرور الصاع صاعين عام 1973. أما اليوم فإحساسه بالمهانة يفوق إحساسه بالانكسار، وهى مهانة لن يمحوها إلا عبور من نوع جديد. فمتى يأتى ذلك اليوم؟ نقلا عن جريدة المصري اليوم

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرئيس وإدارة أزمة الجنود المختطفين الرئيس وإدارة أزمة الجنود المختطفين



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 06:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تنعم بأجواء ايجابية خلال الشهر

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 09:20 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

فوائد صحية وجمالية لعشبة النيم

GMT 18:17 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

إنجي علي تؤكّد أن مصر تتميز بموقع فني عالمي رفيع

GMT 13:10 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الــ " IUCN"تدرج "الصلنج" على القائمة الحمراء

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia