المصلحة الشخصية بين الأسد وسليمان

المصلحة الشخصية بين الأسد وسليمان

المصلحة الشخصية بين الأسد وسليمان

 تونس اليوم -

المصلحة الشخصية بين الأسد وسليمان

وليد شقير

يغادر الرئيس اللبناني ميشال سليمان القصر الرئاسي عصر غد السبت إلى منزله فيما يتهيأ الرئيس السوري بشار الأسد إلى تنظيم مسرحية تجديد رئاسته بانتخابات شكلية ينظمها بالحديد والنار والبراميل المتفجرة والمجازر المتنقلة، في 3 حزيران (يونيو) المقبل.
لتبرير بقاء الأسد في السلطة أصر مناصروه في لبنان على أن سليمان سعى إلى التمديد، في وقت تثبت الوقائع الفعلية عكس ذلك تماماً، ويذهب بعضهم، من الذين أصابتهم الخيبة من مواقف سليمان خلال السنتين الماضيتين حيال النظام السوري، إلى حد افتعال الفخر بأن الأسد باق في السلطة فيما الرئيس اللبناني ذاهب إلى بيته. وفيما يبرر خصومه اغتباطهم بتلك المفارقة، بأنه راهن على سقوط الأسد، تقول الوقائع إن تدهور علاقته به بدأ عندما اكتشف الأمن اللبناني مخطط سماحة- مملوك صيف 2012 لإحداث تفجيرات في الشمال تتسبب بردود فعل مذهبية.
منذ قرابة السنة قال سليمان في تصريح علني إنه لن يقبل بأي تعديل دستوري للتمديد له إذا لجأ إليه مجلس الوزراء ومجلس النواب، «لأني طعنت بدستورية قانون التمديد للبرلمان فكيف أقبل بالتمديد لي؟». وفي خريف 2013 طرح الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند على سليمان التمديد (حين التقاه في نيس)، فكان جوابه أنه مناقض للدستور، وكرر هولاند الفكرة في 5 آذار (مارس) الماضي على هامش اجتماع مجموعة الدعم الدولية في باريس، فكان جواب سليمان أنه بين التمديد وبين المواقف التي يعلنها (في شأن تدخل «حزب الله» في سورية ومسألة السلاح وحصرية الإمرة عليه بالدولة...) «أفضِّل أن أستمر في اتخاذ المواقف التي أعلنها». وفي الأسبوعين الماضيين طرحت غير جهة، من البطريرك الماروني بشارة الراعي (بتأييد من المطارنة) إلى سفراء، ومنهم الأميركي ديفيد هيل (قبل 3 أيام)، على الرئيس اللبناني أن يقبل بالتمديد كمخرج من الفراغ المحتم ولتفادي انعكاساته السلبية على المؤسسات في ظل العجز عن التوافق على انتخاب الرئيس الجديد، فكان جوابه أن الأمر غير وارد بالنسبة إليه حتى لو كان بصيغة تعديل دستوري لمرة واحدة يبقي الرئيس في حالة تصريف الأعمال إلى أن يُنتخب خلفه.
دأب سليمان خلال الأشهر الماضية على القول لبعض المقربين منه، من الذين لم يقتنعوا أنه سيذهب إلى النهاية في رفضه التمديد، حين رفعوا بوجهه حجة «مصلحة البلد»: «سأفعل ما تمليه علي مصلحتي الشخصية بعد أن قمت بما أراه مصلحة البلد خلال 6 سنوات، ومصلحتي السياسية ضد التمديد، وقد أسسست ما يكفي للذي سيأتي من بعدي كي يستند إلى ثوابت من أجل النهوض بالدولة، خصوصاً في مسألة السلاح، الذي لا يمكن أن يبقى على حاله». وقبل أن يطرح هيل فكرة التمديد على العماد ميشال عون ليرفضها، وقبل أن يتداول البعض فكرة اتصال بعض الدول بالجانب الإيراني كي يقنع «حزب الله» بالتمديد في انتظار الوصول إلى تسوية على الرئيس العتيد، كان سليمان يردد أمام مقربين منه: «من هو الغبي الذي يقبل بالاستمرار في الحكم؟ وماذا أستطيع أن أفعل في ظل هذا الوضع المعقد؟ ألا تدركون أي مشاكل ستفرض نفسها على العهد المقبل، بدءاً من قنبلة النازحين السوريين الموقوتة، إلى بقاء حزب الله في سورية وتفاعلاته السلبية على البلد في ظل قصر يد الدولة؟».
يعتبر سليمان أن معادلة التعايش القسري لسلاح «حزب الله» مع الدولة أفشلت عهده وأقفلت عليه أي إمكان لتحقيق أي إنجاز، وأنه دافع عن كرامة الدولة وكرامته الشخصية بإصراره على تحييد لبنان عبر «إعلان بعبدا» وعلى رفض فوضى السلاح وربط البلد بالمحاور الخارجية وبالأزمة السورية، والبعض ينقل عنه ما يشبه الشفقة على الرئيس المقبل.
هل أن اختلاف مصلحة سليمان الشخصية عن مصلحة الأسد يُحدث فارقاً في السياسة الواقعية؟
بحجة مواجهة مخطط أميركي إسرائيلي، والإرهاب الذي عُمل على تغذيته عبر «داعش» وغيرها، وجد الثاني مصلحته الشخصية في البقاء في السلطة من دون أن يحرجه القول لمعارضيه إنهم إذا أرادوا انتزاعها منه سيأخذونها وسورية مدمرة.
قضت «مصلحة» الأسد التمسك بالرئاسة بأن يسلم سورية بالكامل للإدارة الإيرانية، لتصبح ورقة بعدما كانت تستخدم العلاقة مع طهران ورقة في علاقتها مع الغرب والدول العربية. وفي وقت كان الاسد يصر على الترشح للرئاسة ويرفض قيام حكومة انتقالية في محادثات جنيف-2، ويفشّل الحل السياسي في سورية، كان سليمان يرفض التمديد ويقدم التنازلات من أجل قيام حكومة الرئيس تمام سلام ليضمن تسلمها الرئاسة وفق الدستور، في مرحلة انتقالية، إذا تعذر انتخاب خلفه.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المصلحة الشخصية بين الأسد وسليمان المصلحة الشخصية بين الأسد وسليمان



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia