من يخلف «داعش»

من يخلف «داعش»؟

من يخلف «داعش»؟

 تونس اليوم -

من يخلف «داعش»

بقلم : وليد شقير

ما أن اتجهت القوى الدولية والإقليمية المؤثرة في سورية إلى اعتماد الجدية في تحقيق هدف التخلص من «داعش» ومواجهته، حتى أخذ الارتباك يصيب الجميع ويفرض على هذه القوى خططاً عسكرية وسياسية وعملانية معقدة، ومناورات تبدو في كثير من الأحيان غير مفهومة.

إلا أن التفسير الأكثر عقلانية لكل هذا الارتباك والتخبط، إن من قبل الغرب أو روسيا وإيران، هو أن اضطرار الولايات المتحدة الأميركية إلى إظهار مقدار مختلف من الجدية في ضرب «داعش» بسبب ضرباته في أوروبا وأميركا وتحولها إلى عنصر خارجي مؤثر في الحملات الانتخابية الرئاسية الأميركية، أخذ يطرح السؤال الكبير: أي من القوى العسكرية على الأرض في سورية والعراق سيتولى السيطرة على الأراضي التي احتلها «داعش» قبل سنتين بعد دحره منها، ولا سيما في بلاد الشام؟

بات الشغل الشاغل هو عما بعد «داعش» في حال جرى تحرير الموصل في العراق، وفي حال جرى استكمال الخلاص من التنظيم المتوحش في الرقة والجيوب الأخرى التي يحتفظ بها في سورية؟ ويثبت السجال الدائر في العراق بين الأطياف العراقية نفسها، وبين بعضها والجانب الأميركي، الشريك في خطط استعادة الموصل، أن الكثير مما يدور هو حول هوية القوى التي تحل مكان «داعش»: الحشد الشعبي الذي تقوده إيران أو الجيش العراقي بالتعاون مع القوى العسكرية العشائرية والتشكيلات السنية، أم قوات البيشمركة التابعة للقيادة الكردية في السليمانية المتعاونة مع الأميركيين، والتي لها طموحات بالسيطرة على مدن وبلدات تتطلع إلى استعادتها إلى الهوية الكردية. ويبدو أن هذا السجال دفع بالجانب الأميركي إلى الحديث عن تأجيل تحرير الموصل.

الأمر نفسه مطروح في سورية بإلحاح أكثر حدة، لأن الإشكال البعيد المدى لهوية القوى التي ستتولى السيطرة على مناطق «داعشية» يساهم في رسم الخريطة المستقبلية. لا تقبل تركيا أن تقبض قوات سورية الديموقراطية على منبج والتوسع منها تمهيداً لوصل المناطق التي استطاعت هذه الميليشيا أن تحررها بأخرى جديدة تكرس قيام الإقليم الكردي، بحيث يصبح الأمر غير قابل للتفاوض عندما يحين أوان الحل. وإذا كانت إيران تشارك تركيا رفضها هذا، فإنها تتعارض معها في خيار إعطاء دور لفصائل المعارضة السورية الأخرى المتعارف على تسميتها «معتدلة»، في تولي مسؤولية هذه المناطق المحررة من التنظيم التكفيري، لأن هذا يعزز موقعها في المعادلة التي سيرسو عليها الحل المفترض للأزمة السورية حين تدق ساعته، فضلاً عن أنه يشكل رافعة لدور الدول العربية الداعمة لهذه الفصائل على الساحة السورية. في المقابل تشارك موسكو طهران خشيتها من أن تتولى الفصائل السورية المعارضة، لأنها تضعف موقع ورقتها في المعادلة، أي بشار الأسد.

لم تنجح الخطط الروسية- الإيرانية في كسب حلب، تمهيداً لتأهيل القوات المدعومة من إيران، تحت لافتة القوات الأسدية، للسيطرة على مناطق «داعشية» لاحقاً. وإذا كان هذا الفشل تحقق بدعم تركي- عربي للفصائل العسكرية «المعتدلة»، فإنه حصل أيضا نتيجة موقف أميركي رافض أي تغيير في الخريطة لمصلحة الأسد، وفق واحدة من الأهداف الثلاثة التي أعلن عنها مستشار البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط روبرت مالي، وهي: خفض العنف، هزيمة «داعش» و «النصرة»، والدفع من أجل حل سياسي من دون الأسد.

المحاولات الروسية الأميركية للاتفاق على عمليات مشتركة ضد «داعش» و «النصرة» منذ أكثر من شهرين باءت أيضاً بالفشل، لاختلاف الأهداف: فموسكو تحتفظ بحرية مواصلة ضرب الفصائل العسكرية الأخرى، كما تفعل يومياً، فيما تأمل واشنطن بأن تلعب هذه الفصائل دوراً في التخلص من «داعش» وتحل مكانها.

لا تقتصر الإشكالية على ما إذا كان التخلص من «داعش» يلغي دور الغطاء الذي افتعله الجانبان الإيراني والروسي حين كرسا معادلة إما بشار وإما «داعش»، لأن هزيمة الأخير و «القاعدة» والإرهاب، يفقد لافتة الأسد مفعولها وينهي صلاحيتها، بل إن إظهار الجدية في التصدي للتنظيم الإرهابي في الإقليم، كما هو حاصل في ليبيا (سرت) وفي اليمن من قوات التحالف العربي بالتعاون مع الشرعية اليمنية، يأخذ بُعداً إقليمياً لا يقف عند حدود سورية والعراق. وقد يعيد النموذج الذي يكرس الشراكة العربية في مواجهة الإرهاب في غير دولة عربية، تظهير اقتراح السعودية إرسال قوات عربية وإسلامية تتولى محاربة التنظيم المتوحش في سورية والإمساك بالمناطق المحررة من بعده.

ألهذا السبب وجد السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير حاجة لدعوة «داعش» و «النصرة»، إلى وقف القتال تمهيدا لمصالحة وتسوية معهما؟

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من يخلف «داعش» من يخلف «داعش»



GMT 05:51 2017 الجمعة ,26 أيار / مايو

الشرق الأوسط «الإيراني» والتنف السوري

GMT 05:10 2017 الجمعة ,12 أيار / مايو

الجمباز الروسي في سورية

GMT 05:56 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

مناطق آمنة للدول أم للسوريين؟

GMT 05:53 2017 الجمعة ,28 إبريل / نيسان

روسيا المرتبكة تنتظر ترامب

GMT 06:15 2017 الجمعة ,21 إبريل / نيسان

جنرالات ترامب وإيران وسورية واليمن

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia