أي منطقة آمنة في سورية

أي منطقة آمنة في سورية؟

أي منطقة آمنة في سورية؟

 تونس اليوم -

أي منطقة آمنة في سورية

بقلم : وليد شقير

ها هو دونالد ترامب يفاجئ فلاديمير بوتين الذي ينتظر منه الإشارات الطيبة من أجل تحسين العلاقات، فإذا به يلوّح له بالعمل على إقامة مناطق آمنة في سورية من أجل عودة النازحين السوريين إليها، ما أطلق تحذيراً من موسكو بأن على واشنطن أن تفكر «في العواقب المحتملة لإقامة هذه المناطق الآمنة».

وعدا أن ترامب يقتحم بخطواته العالم ويقلقه، ومعه الأميركيين أنفسهم، بتدابيره الخارجة عن المألوف منذ أن تسلم السلطة قبل أسبوع، فإن حديثه عن المناطق الآمنة في سورية يقتحم المسار التي رسمته موسكو في خريطة الطريق للملف السوري تحت ناظري باراك أوباما، وصولاً إلى رعايتها مع تركيا وإيران محادثات آستانة بين النظام والفصائل السورية المعارضة التي قبلت الانخراط في وقف النار بعد هزيمتها في حلب.

وفي انتظار استكشاف مدى جدية ترامب في إقامة هذه المناطق الآمنة، بات احتمال من هذا النوع عاملاً في حسابات الفرقاء المعنيين بالحرب السورية، بما فيها اجتماع قادة المعارضة الذين يلتقون اليوم في موسكو بناء لدعوة من سيرغي لافروف، بعدما كان الأمر مستبعداً كلياً من أي حسابات في السنتين الماضيتين، نتيجة رفض أوباما الأخذ به.

وللتذكير فإن دعوة أنقرة المستمرة إلى قيام المنطقة الآمنة شمال سورية كانت سبباً للتباعد مع واشنطن أوباما، وللخلافات الكبيرة بينها وبين القيادة الروسية، قبل أن يتفقا، ومع إيران. وإقامة هذه المناطق كانت تعني أيضاً تمكين المعارضة السورية المعتدلة من أن يكون لها مقرات ونقاط ارتكاز تتمتع بحماية دولية-إقليمية، تمنع النظام وإيران من استكمال ما يسميانه «تحرير سورية»، وتعزز موقع المعارضة التفاوضي في أي حل. فاستناد المعارضين إلى رقعة جغرافية ثابتة عصية على إيران وبشار الأسد كان ليعزز موقعهم على الطاولة أكثر.

وللتذكير أيضاً، فإن ترامب عندما يكلف البنتاغون دراسة الخطوة، فإنه يوكل المهمة إلى وزير دفاعه الجنرال جيمس ماتيس الذي كان مؤيداً لخيار هيلاري كلينتون حين كانت وزيرة الخارجية عام 2012، ورئيس السي.آي.إي الجنرال ديفيد بترايوس في حينها، بضرورة دعم قيام مناطق آمنة في سورية.

قد يزول عنصر المفاجأة التي أطلقها ترامب إذا كان خيار المناطق الآمنة يواجه صعوبات لأنه يتطلب توظيفاً عسكرياً وكلفة عالية، فيما الرئيس الجديد ينوي خفض الإنفاق العسكري خارج بلده. إلا أن اعتماد ترامب سياسة الحد من النزوح التي يعتبرها أولوية للحد من المهاجرين وتدفق الإرهاب إلى دول الغرب، قد يجعلها خطوة جدية. وهناك من يعتقد أنها قد تتحول سبباً لدى موسكو للتقارب مع سيد البيت الأبيض الجديد، لأن المناطق الآمنة تتلاءم مع قيام المجالس المحلية التي نصت عليها مسودة الدستور السوري التي قدمها المسؤولون الروس إلى قادة المعارضة في آستانة. وهي نوع من الفيديرالية أو اللامركزية الموسعة، في التصور الروسي للنظام السوري المقبل.

لكن الأسئلة حول هذه المناطق الآمنة تتعدى نية نقل النازحين إليها، نظراً إلى أنها تؤشر إلى مستقبل بلاد الشام، وأدوار اللاعبين الإقليميين والدوليين فيها. فهل تبدأ إعادة النازحين المدنيين إلى المنطقة الآمنة من الرقعة التي سيطرت عليها تركيا عبر عملية «درع الفرات» التي بدأتها الصيف الماضي وبلغت مساحتها ما يقارب الـ6 آلاف كيلومتر مربع والتي كان من أهدافها عزل مناطق الإقليم الكردي الموعود عن بعضها البعض. فضمان هذه المنطقة يعني تركيز كثافة سكانية آمنة من السوريين الذين نزحوا إلى تركيا ومن حلب. وهؤلاء خزان معاد للنظام، ما يثير حفيظة إيران وبشار الأسد لأنها تعطي موطئ قدم للمعارضة الفعلية المطالبة بحل سياسي أساسه تنحي الأسد، ما يعني الاصطدام بهما. أم تبدأ من المنطقة التي تسيطر عليها «قوات سورية الديموقراطية» بقيادة «حزب الاتحاد الديموقراطي» (يرأسه صالح مسلم) والذي تعتبره أنقرة إرهابياً. فمراعاة موسكو لتركيا في عدائها لإقليم كردي كانت أحد أركان اتفاق الدولتين الذي كان ثمنه «تسليم» تركيا حلب إلى القيصر الروسي. أم تبدأ من المناطق التي يسيطر عليها النظام والميليشيات الإيرانية و «حزب الله»، أي ما يسمى الشريط السوري المحاذي للحدود اللبنانية - السورية وصولاً إلى حمص؟ فالأخيرة هي المناطق التي أمعن هذا الحلف فيها تغييراً ديموغرافياً ومذهبياً كبيراً ما زال مستمراً حتى اليوم ويشمل العاصمة دمشق ومحيطها. وافتراض إعطاء الأولوية لهذه الرقعة في إقامة منطقة آمنة هدفه نقل جزء كبير من نازحي لبنان إليها، الأمر الذي قد يحول دونه التغيير الديموغرافي الحاصل، فضلاً عن أنه يصطدم بالمشروع الإيراني في سورية ولبنان معاً.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أي منطقة آمنة في سورية أي منطقة آمنة في سورية



GMT 05:51 2017 الجمعة ,26 أيار / مايو

الشرق الأوسط «الإيراني» والتنف السوري

GMT 05:10 2017 الجمعة ,12 أيار / مايو

الجمباز الروسي في سورية

GMT 05:56 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

مناطق آمنة للدول أم للسوريين؟

GMT 05:53 2017 الجمعة ,28 إبريل / نيسان

روسيا المرتبكة تنتظر ترامب

GMT 06:15 2017 الجمعة ,21 إبريل / نيسان

جنرالات ترامب وإيران وسورية واليمن

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia