يا شباب غزة  على رسلكم

يا شباب غزة .. على رسلكم !

يا شباب غزة .. على رسلكم !

 تونس اليوم -

يا شباب غزة  على رسلكم

حسن البطل

في أي مقهى قعدت لشرب فنجان قهوة، أجد التلفزيون فيها شغّالا على مدار الساعة، وفي معظم الساعات، باستثناء مباراة فوتبول مهمة، فإن فضائية "فلسطين اليوم" هي المسيطرة على ساعات مشاهدة البث.
تعتمد المحطة على مزيج من الدوبلاج، والمونتاج، والبوانتاج.. ومن ثمّ فهي القناة الأكثر مشاهدة في فلسطين زمن الحروب الثلاث على غزة والاضطرابات في الضفة، وخاصة الانتفاضة ـ الهبّة، أو "انتفاضة القدس" حسب القناة.
يقال: كل شيء زاد عن حدّه انقلب إلى ضدّه لأن "الخبر العاجل" يبقى "عاجلاً" طيلة ساعات يوم بثّ.
الإعلاميون، والسينمائيون بخاصة، يعرفون معنى مفردات فرنسية: الدوبلاج والمونتاج.. وربما الشانتاج (التخريب) وأما البوانتاج، وهي كلمة فرنسية كذلك، فهي نقاط الاحصائيات الرقمية.
حسب المحطّة، نقلاً عن وزارة الصحة، هناك 61 شهيداً حتى يوم أمس، بينهم 43 في الضفة و17 في غزة، وواحد في النقب، وكذلك هناك 10 قتلى إسرائيليين.
هناك من يقول: ما من موت يعادل موتاً؛ وما من دمٍ يعادل دماً، لكن سآخذ جانب الاحصائيات الرقمية (البوانتاج).
إن القتلى الإسرائيليين، عسكريين ومستوطنين ومدنيين، سقطوا في الضفة، بما فيها القدس، لكن مقابل 17 شهيداً شاباً سقطوا في غزة، وعلى مبعدة مئات الأمتار من الجدار، لم يتكبّد الجنود إصابة قاتلة، ولا حتى غير قاتلة.
نعم، المشاركة الفلسطينية في الانتفاضة ـ الهبّة الجارية ذات مؤشّر إيجابي على فشل سياسة إسرائيل في تمييز القدس عن باقي الضفة، والفلسطينيين فيها عن باقي الشعب، وتمييز ووضع غزة عن وضع الضفة وحال الفلسطينيين في إسرائيل عن حال ومصير إخوتهم.
يقولون: هذه هبّة شباب وُلِدوا ما بعد اوسلو، لكن بعضهم وُلِدوا بعد اندلاع الانتفاضة الثانية، التي انتهت باجتياح مدن الضفة، وإخضاع مناطقها (أ. ب. ج) إلى السيطرة والتحكّم الأمني الإسرائيلي.
لكن، ماذا عن شباب غزة؟ بعد الانتفاضة الثانية، وسيطرة "حماس"، عانى أهلها ويلات ثلاث حروب متلاحقة في زمن قصير. جراح غزة أدركت عظامها.
في هذه الحروب، تضامنت الضفة مع غزة، ومن المنطقي أن تتضامن غزة مع الضفة و"انتفاضة القدس".
لكن، هل مناطحة الجدار الأمني في غزة هي التضامن المجدي والمطلوب، إذا تكبّد الشباب 17 إصابة قاتلة ومئات الإصابات غير القاتلة؟
هذه مباراة دموية بين الحجر والرصاصة، دون إمكانية استخدام سلاح السكين وأسلوب الطعن. لا يوجد بين غزة وإسرائيل تداخل ديمغرافي، ولا حواجز عسكرية، بل جدار أمني، وأمامه منطقة محظورة على الفلاحين، والشباب بالطبع مداها مئات الأمتار.
إسرائيل لا تفكر بإعادة احتلال القطاع، لأسباب عديدة، وبالطبع ليس باستيطان "نتساريم" و"غوش قطيف" مرّة أخرى.
لكن، في الضفة، هناك مستوطنون يفكرون بإعادة استيطان "حومش" وأخواتها التي أخلاها شارون. يعني: حُكم الضفة بالنسبة لإسرائيل، غير حكم غزة.
هل نقول إن حكم سير الانتفاضة ـ الهبّة في الضفة والقدس، يجب أن يكون أسلوباً غير أسلوب تضامن غزة مع الضفة، وأن على شباب غزة أن يوفّروا دماءهم وأرواحهم من "مناطحة الجدار" غير المجدية، سوى استعداد الشبيبة في فلسطين للتضحية، وتأكيد وحدة أقسام الشعب ووحدة أهدافه في إنهاء الاحتلال.
حاول كيري إطفاء بؤرة القدس بترتيب حول الحفاظ على "الوضع الراهن" في الحرم، بمعزل عن السلطة الفلسطينية، ولتأكيد سريان سلام "وادي عربة" على وضع الحرم القدسي. هذه محاولة متأخرة لأن بؤرة الحرم والقدس صارت حريقاً خارج الحرم والقدس.
لتأكيد تمييز القدس وسكانها عن الضفة، سمحت إسرائيل للمقادسة وحدهم، دون تحديد الأعمار، بأداء الصلاة في الحرم، وأيضاً باشرت التفكير بإخراج أحياء مقدسية خارج الجدار من هُويّات "القدس الكبرى"، وإلقاء مسؤولية إدارة حياتها على كاهل السلطة، باعتبارها منطقة (ب).
هذه الهبّة، تطرح تحدّيات على الشبان الفلسطينيين في أسلوب خوضها وتطويره؛ وتحدّيات سياسية ذات تعقيد إضافي وكبير مع السلطة الفلسطينية، التي يجب أن لا تنساق وراء البلاغات الفصائلية في إدارة هذا الصراع، الأكثر تعقيداً من معطيات الانتفاضتين الأولى والثانية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يا شباب غزة  على رسلكم يا شباب غزة  على رسلكم



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia