مطرح ما ترزق إلزق ولكن

"مطرح ما ترزق إلزق".. ولكن؟

"مطرح ما ترزق إلزق".. ولكن؟

 تونس اليوم -

مطرح ما ترزق إلزق ولكن

حسن البطل

هي وزوجها في قائمة أصدقائي. هي سورية ـ إسماعيلية وهو فلسطيني أمه شيعية لبنانية ووالده فلسطيني سني. هما لاجئان في/ إلى لبنان. هي بعد الحرب السورية، وهو بعد النكبة الفلسطينية.. وهي وزوجها علمانيان يناصران المعارضة السورية، والمقاومة الفلسطينية.
لكن، بعدما ذبح "داعش" أكثر من 120 جندياً سورياً، بعد سقوط مطار "الطبقة" لأنهم "نصيريون، وتهليل بعض العرب السوريين السنة للمذبحة، كتبت على صفحتها في الفيسبوك خلاصة ألمها وخيبتها: "تسقط المعارضة، يسقط النظام. هو يكاد يكتب على صفحته: تسقط "حماس"، وتسقط "فتح".. وتعيش المقاومة؛ وتعيش الدولة الفلسطينية.
هي من مدينة السلمية، التي آوت لاجئين سوريين من مختلف الطوائف، وفي "بوست" لاحق تشكّت أن من أسرتها من هاجر، بفعل الحرب، إلى بلاد في القارات الخمس.
في الإحصائيات الدولية أن زهاء 3 ملايين سوري أضحوا مهاجرين في دول الجوار؛ وأن نصف عديد الشعب السوري أضحوا في حال هجرة داخلية.
.. وفي آخر أخبار كوارث الهجرة، عبر البحر، أن مركباً يقل مهاجرين سوريين غرق في البحر قبالة سواحل تونس، وانتشلت 41 جثة، حتى الآن، بينهم نساء وأطفال هاجروا من ساحل ليبيا.
تكاد الهجرة من بلاد الشام، بفعل الحروب الأهلية، تذكّرنا بالهجرة الكبرى أواخر القرنين الثامن والتاسع عشر إلى "العالم الجديد" في الأميركتين.
الهجرة حركة انتقال ديمغرافية عالمية قديمة، بعضها يعود للحروب والغزوات، وبعضها يعود للمجاعات والقحط.. ولسبب آخر: "مطرح ما بترزق إلزق".. وليس لبنان، وحده، هو البلد الوحيد الذي يفوق عدد سكانه المهاجرين سكانه المقيمين.
سنقول إن الهجرة أنواع: هجرة العقول. هجرة الأكاديميين.. وهجرة الأيدي العاملة إمّا باحثة عن الرزق، وإمّا طالبة الأمان والنجاة بأرواحها من الحروب. الهجرة الأولى والثانية طوعية غالباً، والثالثة إمّا شرعية وإنسانية مقيّدة، وإمّا غير شرعية.
العراق النازف الآن، كان ينزف على مدى نصف قرن من الاضطراب: عقولاً وأكاديميين، بحيث أن محمود درويش تساءل في مستشفى هيوستن: ألا يوجد أميركيون في طاقم عملية انتهت بموته؟ كان الجرّاح ومساعده عراقيين، ومعظم الطاقم من الأكاديميين العرب المهاجرين.
الآن، تنزف سورية، أيضاً، عقولاً وأكاديميين وهجرة غير شرعية باحثة عن النجاة بأرواحها، وساعية إلى الرزق بعد دمار بلادها واحتراب شعبها، علماً أن العراق وسورية أكثر بلاد العرب تعدداً دينياً وطائفياً وقومياً، لكن ليس تعدداً ديمقراطياً.
المهاجرون الذين يلقون حتوفهم غرقاً هم، أيضاً، ضحايا الحروب الأهلية في بلادهم العربية والأفريقية أساساً، قبل أن يكونوا طلاب رزق وحياة نوعية في أوروبا، خصوصاً تلك التي تعاني من شيخوخة في هرم أعمارها الديمغرافي، بينما تعاني بلاد الهجرة من فرط نمو سكاني، ومن ثم تحتاج أوروبا إلى "مصل" يجدد شبابها، ويحرك اقتصادها وأعمالها.. ويثير ردّات فعل عنصرية من بعض سكانها.
في التقديرات الديمغرافية العالمية أن عدد سكان دول "العالم العربي" سيدرك النصف مليار إنسان في غضون عشرات السنوات، لكن لا أحد في هذا "العالم العربي" صار يُغنّي "وطني حبيبي الوطن الأكبر" فقد غرب حلم الوحدة القومية وتلاشى، وصارت وحدة الأقطار العربية القطرية مهددة بالتفكك.. ومن يتحدث الآن عن قمة عربية عُقدت في عمّان أواخر السبعينات، ونظرت في مشروع عراقي لعقد التنمية العربية، قدّمه سعدون حمادي؟
التنمية تقوم على عقول وأكاديميين، والعالم العربي طارد للكفاءات وحتى الأيدي العاملة المضروبة بالبطالة وبالخوف من الحروب الأهلية.
رأس مال الدول شعوبها؛ ورأس مال شعوبها عقولها وأكاديميوها.. وقواها العاملة لا المتبطلة، والاستثمار في الإنسان هو الأجدى.. هذه كليشه!
لفت اهتمامي المقارنة بين فرط شبابية العالم العربي (الثالث) وشيخوخة العالم الغربي (الأول) ومنها أن الفلسطينيين فوق سن الـ 65 يشكلون 3% من السكان، لكنهم يشكلون ربع سكان اليابان الآن، و60% من السكان بعد ستة قرون، وهكذا الحال في معظم دول أوروبا.
دول مصدرة، عشوائياً، للأيدي العاملة؛ ودول تحتاج أيدي عاملة انتقائياً.. وفي حالة الاضطراب والاحتراب الجارية في العالم العربي، فإنه يفقد عقوله وأكاديمييه ويده العاملة الشبابية، أيضاً.
اليابان والصين لا تريدان هجرة إليهما، وكندا مثلاً تشجع هجرة نوعية إليها.. وحصل أن تقدم فلسطيني أكاديمي كهل وزوجته بطلب هجرة إلى كندا، فسألوهما: كم ولداً لديكما؟ كانا بلا أولاد.. ومن ثم رفضوا طلب الهجرة، فلدى كندا حاجتها من العقول والأكاديميين وتحتاج أولاداً وشباباً.
يا للمفارقة: أوروبا تصدر كفاءات من يهودها إلى إسرائيل، وتستورد أيدي عاملة عربية وأفريقية وآسيوية.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مطرح ما ترزق إلزق ولكن مطرح ما ترزق إلزق ولكن



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:04 2016 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

القثاء المرّ لعلاج السكري على الفور

GMT 03:59 2013 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

"HP" تطلق أول حاسب يعمل بنظام التشغيل "كروم"

GMT 07:24 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مبهرة من التنورة "الميدي" للمسة أناقة في الشتاء

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 11:13 2016 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

لسان عصفور بالبارميزان و الريحان

GMT 22:55 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

تسريحات شعر أنيقة للمرأة العاملة

GMT 20:42 2018 الجمعة ,21 أيلول / سبتمبر

جماهير الأهلي تخلد ذكرى خالد قاضي في المدرجات

GMT 22:52 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

البشير يقيل رئيس هيئة أركان الجيش السوداني

GMT 14:56 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

مايا دياب تؤكد أن لبنان يعاني ويلفظ آخر أنفاسه بسبب كورونا

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

طريقة مبتكرة لوضع "الماسكارا" للحصول على رموش كثيفة

GMT 10:40 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

طريقة إزالة طلاء الأظافر عن المفروشات الجلد والعناية بها
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia