مسارهم ومصيرنا وبالعكس

مسار(هم) ومصير(نا).. وبالعكس ؟

مسار(هم) ومصير(نا).. وبالعكس ؟

 تونس اليوم -

مسارهم ومصيرنا وبالعكس

حسن البطل

لنذهب إلى القصيدة: ما الفرق بين قصيدة الشاعرة العبرية الراحلة داليا رابيكوفيتش، في الانتفاضة الأولى، وقصيدة محمود درويش بعد الانتفاضة الثانية؟
داليا تأسفت على موت أولاد الانتفاضة في قصيدة لا أذكر منها سوى تكرار "الأولاد.. الأولاد" ودرويش قال: "اثنان في حفرة".
ربما رابيكوفيتش تسامت على أسف آخر قالته غولدا مائير: لن نغفر لهم أنهم أجبرونا على قتلهم؟!
بدأ المستوطنون المتطرفون عمليات "شارة ثمن" في العام 2008، وكانوا في العام 2013 بدؤوا في إحراق المساجد والكنائس، بدءاً من مسجد في أم الفحم، ثم صاروا في العام 2015 يحرقون بيوت الفلسطينيين، بدءاً من حرق بيت في دورا تمكن سكانه من الهرب أحياء.

عصابات "شارة ثمن" استوحت أفكار مائير كهانا، والتنظيم السرّي اليهودي T.N.T (إرهاب مقابل إرهاب).
يعرفون أن المساجد فارغة في الليل؛ وفي الليل تكون المنازل عامرة بعائلات، وفي كل عائلة أطفال.
لكن، فقط بعد المحرقة في دوما، صاروا في إسرائيل يتحدثون عن "داعش يهودية"، وكما أن طائفة من مشايخ المسلمين تقول إن "داعش الإسلامية" ليست من الإسلام في شيء، تسمعهم وتقرؤهم يقولون: إن "داعش اليهودية" ليست من اليهودية في شيء؟!

هذا كلام في الهواء، لكن في الصميم كلاما آخر: الاحتلال أم كل الشرور، والمستوطنات أم كل المشاكل، ربما كان ايهود باراك يلامس الشر والمشكلة في قوله: "نحن هنا.. وهم هناك"، أو كان اريئيل شارون يلامس الحل بـ "الانطواء" بدءاً من أربع مستوطنات قرب جنين؟
لكن، في زمن بين الانتفاضتين قال أحد أبرز ديمغرافييهم ميرون بنفينستي: الاستيطان وصل نقطة اللاعودة. متى بدأت نقطة "اللاعودة"؟ هل بمستوطنة "ألون موريه" قرب نابلس، أم مستوطنة "شافي شومرون" قرب سبسطية، أم كانت بؤرة المستوطنة اليهودية في قلب الخليل، ومجزرة باروخ غولدشتاين في الحرم الإبراهيمي نقطة تحوّل!

في مرور عشر سنوات على إخلاء قطاع غزة من الاستيطان وجيش الاحتلال الذي يحميه أقاموا "مناحة" في نقد شارون (الآن يهدّدون رئيس الدولة رؤوبين ريفلين بموت كموت شارون أو رابين).
قليل من العقلاء هناك تساءلوا: ما هي الحكمة في 7 آلاف مستوطن في قطاع يحوي 1.5 مليون فلسطيني. أو ما هي الحكمة من حشد 500 مستوطن في قلب الخليل وسط 220 ألف مواطن؟

قسموا الحرم الإبراهيمي، زمانياً ومكانياً، ويتطلعون لتقسيم الحرم القدسي على هذا المنوال، لكن انظروا إلى آخر أخبار الخليل، قبل المحرقة في دوما بيوم.
شارع الشهداء (الشلالة) يبقى مغلقاً أمام الخلايلة، وإلى جواره "سوق الذهب" بمحلات مغلقة من العام 1994 لأسباب أمنية، والآن يحوّلون هذه المحلات إلى مساكن للمستوطنين، ربما لأنها تجاور البؤر الاستيطانية في قلب الخليل.

منذ حكومة نتنياهو الثالثة، وبالخصوص الرابعة، صاروا يقولون في إسرائيل، وفلسطين أيضاً، وبعض خبراء العالم، أن "الحل بدولتين" عفا عليه الزمن، كما عفا على الفروقات بين "كتل استيطانية" خلف الجدار ومستوطنات وبؤر خارجه.

شروط "حل الدولتين" صعبة وأصعب عليهم وعلينا، لكن شروط حل الدولة الواحدة أخطر عليهم وأقلّ خطورة علينا. لماذا؟
لأن اليهودية سيطرت على الصهيونية، وعلى الإسرائيلية، وفي النتيجة الماثلة: مسار الأمور في إسرائيل يؤثر على مسار حق تقرير المصير الفلسطيني، وهذا يفاقم مسار الأمور في إسرائيل ليس إلى نقطة "اللاعودة" في المشروع الاستيطاني، لكن إلى نقطة "اللاعودة". في حل وسط بين تقرير المصير وتقرير مسار إسرائيل.
***

لا يعنينا ربطهم بين هجوم المستوطن يتسلئيل على مظاهرة المثليين في القدس، وبين المحرقة في دوما.
لكن يعنينا أن مصير فلسطين وإسرائيل مرتبط بانتصار التزمت اليهودي في القدس على العلمانية في تل أبيب.
يعنينا أن مسافراً بين حيفا والقدس يرى مناطق شاسعة خالية من الاستيطان، لكن لا تسافر دقائق من رام الله إلى نابلس أو الخليل دون أن تصطدم بمستوطنة يهودية.
الذي قال: "ما أكبر الفكرة ما أصغر الدولة" انتهى إلى القول: "اثنان في حفرة" وإلى القول: "أنت منذ الآن غيرك". فلسطين تغيّرت منذ الانقلاب في غزة، وإسرائيل تتغير منذ بدء "شارة ثمن".

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسارهم ومصيرنا وبالعكس مسارهم ومصيرنا وبالعكس



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia