كيف فاتت فرصة أسلمة بريطانيا

كيف فاتت فرصة "أسلمة" بريطانيا؟

كيف فاتت فرصة "أسلمة" بريطانيا؟

 تونس اليوم -

كيف فاتت فرصة أسلمة بريطانيا

حسن البطل

"زعزوعة" أسكتلندية في الاتحاد الأوروبي، أو "زلزلة" في المملكة المتحدة؟ سنعرف هذا بعد يوم الخميس 19 أيلول حيث سيجري استفتاء حول استقلال أسكتلندا.
هل تغرب الشمس عن المملكة المتحدة U.K، كما غربت الشمس عن الامبراطورية البريطانية العظمى؟ وقد كانت مستعمراتها تحيط بمحيط الكرة الأرضية!
قبل سنوات، اهتزت أسواق المال الأميركية فالأوروبية كأنها بيت العنكبوت، وقد تتبعها هزة سياسية في الاتحاد الأوروبي، وهزة مالية في سوق الاسترليني الإنكليزي، اذا صوت الأسكتلنديون على الاستقلال عن التاج البريطاني، وعن U.K، اذا فاز خيار الانفصال، وطالبت أسكتلندا المستقلة بحصتها من نفط بحر الشمال.
من الشركات عابرة القارات، الى شراكة اقتصادية أثمرت سوقاً أوروبية مشتركة، ثم أثمرت السوق اتحاداً أوروبياً عابراً حدود حروب دول أوروبا العتيقة، لكن ليس عابرا حدود القوميات والإثنيات داخل هذه الدول.
هناك سوق مشتركة، وهناك اتحاد أوروبي، وهناك فيزا مشتركة "شينجن" لبعض دول الاتحاد .. وبريطانيا العظمى - المملكة المتحدة اختارت ما يناسبها من هذه الاطر. الاسترليني بقي "ليحفظ الله الملكة" بعيدا عن "اليورو" وبقيت بريطانيا بعيدة عن فيزا شينجن. لكنها ليست بعيدة عن تفكك المملكة المتحدة .. اذا فاز الاستقلاليون الأسكتلنديون.
هل رأيتم فيلم "القلب الشجاع" - ببطولة ميل جيبسون عن بطل المقاومة الأسكتلندية للاحتلال البريطاني "والاس" الذي انتهى رأسه الى المقصلة، وفرضت لندن بعدها الاتحاد السياسي منذ العام ١٧٠٧.
الحزب الوطني الاسكتلندي، بزعامة اليكس سالموند، فاز بغالبية مقاعد برلمان أسكتلندا، قبل ثلاثة أعوام، وحكومة لندن قبلت مطلبه الاحتكام الى الاستفتاء على الاستقلال، لكن الأسكتلندنيين منقسمون بالشعرة بين الاتحاد والانفصال.
من مقالة د. خالد الحروب، الأستاذ الفلسطيني في جامعة كمبروج (آراء امس "الايام")، علمت ان غالبية الـ ٧٠٠ عربي يعيشون في أسكتلندا ويحملون الجنسية البريطانية ميالة لبقائها تحت التاج البريطاني، على خلفية الحنين العربي للوحدة العربية التي تبقى متجذرة في الوجدان العربي كما يقول الكاتب او يفسر.
شخصياً، أنا مع انفصال اسكتلندا عن التاج البريطاني لأنني أرى شبهاً ما بين الاحتلال الإنكليزي والاحتلال الإسرائيلي، وبين استيطان الإنكليز لايرلندا الشمالية والاستيطان اليهودي، ولو بَدَت المسألة كاثوليكاً إيرلنديين ضد بروتستانت إنكليز.
صحيح، غربت شمس الإمبرطورية البريطانية، لكنها تركت في كل بلد مشكلة: في فلسطين، شبه القارة الهندية، جنوب إفريقيا، جنوب السودان.. الخ.
المملكة المتحدة تدين بمذهب المسيحية البروتستانتية، لأن "الناس على دين ملوكها"، كما يقال؛ وتقال رواية تاريخية غير محققة (بلاش غوغلة) ان مطالبا إنكليزيا بالعرش سأل خليفة في الأندلس دعما، مقابل ان يحوّل بلاده الى دين الإسلام اذا انتصر.
انتصر المطالب بالعرش، رغم أن الخليفة ردّه بجواب لاذع: "من لا خير فيه لقومه لا خير فيه لنا". يمكنكم تخيّل بريطانيا إسلامية لا بروتستانتيه، ومن ثم الولايات المتحدة، واستراليا، وكندا ..الخ.
لو كنت في مكان الخليفة لكان جوابه هو جوابي. مع هذا، فإن هناك ملاحظة وهي ان الأسكتلنديين والإيرلنديين أكثر تأييداً سياسياً للقضية الفلسطينية من حكومة بريطانيا، علماً ان برلمانيين من مختلف الأحزاب في مجلس العموم البريطاني شكلوا "لوبي" لدفع حكومة لندن للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
الاتحاد الأوروبي يخشى انتقال عدوى استقلال أسكتلندا الى بعض دوله، مثل اسبانيا ومسألة كتالونيا والباسك، وربما لاحقا لكورسيكا وفرنسا، وحتى لإيطاليا الشمالية والمتوسطية، والمشكلة الراهنة هي وحدة أوكرانيا، ومطالب الجاليات الروسية في دول بحر البلطيق بالحكم الذاتي.
بعض دول الاتحاد قد لا تقبل أسكتلندا مستقلة عضوا فيه، وبعضها الآخر لا يستبعد قبول عضويتها بعد سنوات وشروط. بريطانيا دخلت الأطر الوحدوية الأوروبية بشروطها، لكن دخول أسكتلندا هذه الأطر يتطلب موافقة جميع دول الاتحاد.
الأسكتلنديون لن يقرروا مصيرهم فقط، عبر استفتاء وليس عبر خطوة أحادية مثل استقلال كوسوفو الذي تعارضه صربيا، ومع تقرير مصيرهم سيقررون هندسة سياسية جديدة لدول الاتحاد الأوروبي.. وسيبقى ويسكي السكوتش هو الفاخر!
تفككت الامبراطورية السوفياتية، وتلاها تفكك في الامبراطورية الروسية، لكن الامبراطورية الأوروبية تواصل التمدّد، مع مشاكل قومية وثقافية وتاريخية داخل بعض دولها.
الغريب أن دعم استقلال أسكتلندا أقوى في إنكلترا منه في أسكتلندا، لكن المؤكد اذا فاز الاستقلاليون - وهذا مستبعد - أن تتخلى لندن عن نعت المملكة المتحدة، وربما بريطانيا العظمى، الى إنكلترا فقط، وتعود الى الماركة التجارية العالمية Made in England.
كشّت الامبراطورية الى الكومنوولث، وكش هذا الى المملكة المتحدة .. فإلى إنكلترا التي تقل، مساحة لا اقتصاداً، عن دولة "داعش".

 

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف فاتت فرصة أسلمة بريطانيا كيف فاتت فرصة أسلمة بريطانيا



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia