قـال «مقـايضـة» قـال

قـال «مقـايضـة» قـال.. !

قـال «مقـايضـة» قـال.. !

 تونس اليوم -

قـال «مقـايضـة» قـال

حسن البطل

مرايا وملح مقابل جالون أسود وعاج! متى وأين كانت هذه التبادلية؟ في أفريقيا أوائل الاستعمار الأوروبي.

كان الملح سلعة نادرة في أعماق أفريقيا الاستوائية، بحيث كان ناسها يلحسون بعضهم بعضاً للحصول على بعض حاجتهم من الملح. أمّا المرايا فليروا وجوههم على غير صفحة الماء كما في أسطورة نرسيس.

كان التبادل التجاري مقايضة سلع، وصار تحويلاً إلكترونياً بين المصارف، أو بيع برمجيات بين «وديان السيلكون».

.. إلى أن وصلنا في المقايضة السياسية إلى: سلام مقابل الانسحاب، أو أرض مقابل السلام، أو تسهيلات في مقابل الهدوء!

هل ينسى الفلسطينيون كيف كانت «المقايضة» قبل سقوط مخيم تل الزعتر 1976؟ كوب دم مقابل كوب ماء!

شارون كانت له مقايضته إبّان الانتفاضة الثانية: سبعة أيام هدوء بلا جنازات، مقابل تسهيلات وبوادر حسن نيّة اقتصادية (كل يوم جنازات فلسطينية).

نتنياهو صاغ مقايضته في ولايته الثانية: «إن أعطوا أخذوا.. وإن لم يعطوا لن يأخذوا»، أي: يعطي الفلسطينيون ويتنازلون، قبل أن تعطي إسرائيل. الشعب تحت الاحتلال «يُعطى» أولاً لتعطي القوة القائمة بالاحتلال؟

لا أعرف أين قرأت ما جاء في بعض كتبهم المقدسة: إن أعطيتَ فأعطِ ملءَ كفِّك ومن قلبك، لأن سياسة إسرائيل إزاء فلسطين هي: الله أعطى لليهود: من النيل إلى الفرات، ثم للأردن ضفتان أُولاهما لنا وثانيهما لنا.. ثم من النهر إلى البحر.. ثم المنطقة (ج) من «يهودا والسامرة».

مساحة المنطقة المصنّفة (ج) هي 360 ألف هكتار (كل هكتار 10 دونمات) وتفكّر حكومة نتنياهو الثالثة بـ «التنازل» عن 1.6% منها، وتحويلها من (ج) إلى (ب) في مقابل هدوء هذه الهبّة الممتدة.

هذه الـ 40 ألف دونم مبعثرة بين مناطق متباعدة: في الخليل، في طولكرم، في قلقيلية.. وفي أريحا، وهي مشروطة: ليس بلا مقابل؛ وليس الآن.

المستر كيري رفض قبول «المقابل» وهو اعتراف أميركا بضم الكتل والمستوطنات الكبرى، لكنه كرّر قبول واشنطن بـ «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»!

من أساليب إسرائيل في «الدفاع عن نفسها» عقوبات جماعية تشمل: هدم منازل، إبعاد عائلات الطاعنين والداهسين إلى غزة، حصار كل قرية إذا قام واحد فيها بطعن أو دهس، أو إطلاق نار!

فإلى «ليس الآن»، فلو كانت بدايات الانتفاضات حجارة مقابل رصاص، فلماذا لم تكن «عسكر وحرامية» أي حجارة مقاليع فلسطينية مقابل قاذفات حجارة من المدرّعات الإسرائيلية؟ بل قاذفات قنابل غاز، و»إعدامات» لمجرد الاشتباه أحياناً، أو طلقات إجهاز على الجريح.

حسناً، إلى المقايضة التبادلية البخسة: 1.6% من المنطقة (ج) إلى المنطقة (ب)، ولكن من الذي تنصّل في قمة «واي ريفر» من نبضة انسحاب ثالثة مقدارها 13.1% ؟ من الذي تنصّل من بادرة «حسن النيّة» وإطلاق سراح أسرى ما قبل اتفاق أوسلو؟

خلال مهمة الشهور التسعة لكيري، تمتعت إسرائيل بهدوء دون مقابل بوادر حسن نية إسرائيلية، لكن ليس بلا ذرائع إسرائيلية: عباس يمارس الارهاب السياسي في المحافل الدولية. عباس ليس شريكاً. على عباس الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل.. إلخ!

الآن، عدنا إلى «إن أعطوا أخذوا.. وإن لم يعطوا لن يأخذوا» فإن أعطوا «هدوءاً» قد «نعطيهم» 1.6% من الـ 3.6 مليون دونم هي مساحة المنطقة (ج).

في دولة ديمقراطية يقوم المستوى السياسي بالتقرير، والمستوى الأمني بتقديم اقتراحات للمستوى السياسي، فإذا كان الأمن يحكم سياسة إسرائيل العامة، وفي الموضوع الفلسطيني خاصة، فلماذا يرفض نتنياهو توصيات كبار الأمن بتعزيز سلطة فلسطينية «لا تشجع الارهاب» بل «المقاومة الشعبية».

لأنه في حالة الهدوء لا حاجة لإسرائيل إلى مفاوضات وبوادر حسن نيّة، وفي حالة الاضطراب لا مفاوضات قبل الهدوء، بما يذكرنا بقصة إبريق الزيت الشعبية.

دولة ديمقراطية ودولة احتلال أمران لا يستقيمان، ومن ثمّ هذه المفارقة: سياسة عباس مقبولة دولياً، وإن كانت سلطته ضعيفة، وسياسة نتنياهو مذمومة دولياً بأنه «كذاب» ومتملّص!

أين المفارقة؟ الضعيف الفلسطيني مصداقيته الدولية مقبولة ولو أن سلطته ضعيفة، لكن القوي الإسرائيلي سمعته الدولية ومصداقيته ضعيفة.

ومن ثمّ؟ كل بديل من عباس سيكون أسوأ لإسرائيل، لكن كل بديل من نتنياهو.. ماذا؟ له بديل في سياسته الأمنية، وليس له بديل كرئيس حكومة في سياسته السياسية.

كيف يحصل في دولة احتلال ديمقراطية أن الفاشل عالمياً لا بديل له إسرائيلياً؟
.. و«ليس مهماً ما يقوله العالم، المهم ما يفعله اليهود»؟

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قـال «مقـايضـة» قـال قـال «مقـايضـة» قـال



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:04 2016 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

القثاء المرّ لعلاج السكري على الفور

GMT 03:59 2013 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

"HP" تطلق أول حاسب يعمل بنظام التشغيل "كروم"

GMT 07:24 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مبهرة من التنورة "الميدي" للمسة أناقة في الشتاء

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 11:13 2016 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

لسان عصفور بالبارميزان و الريحان

GMT 22:55 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

تسريحات شعر أنيقة للمرأة العاملة

GMT 20:42 2018 الجمعة ,21 أيلول / سبتمبر

جماهير الأهلي تخلد ذكرى خالد قاضي في المدرجات

GMT 22:52 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

البشير يقيل رئيس هيئة أركان الجيش السوداني

GMT 14:56 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

مايا دياب تؤكد أن لبنان يعاني ويلفظ آخر أنفاسه بسبب كورونا

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

طريقة مبتكرة لوضع "الماسكارا" للحصول على رموش كثيفة

GMT 10:40 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

طريقة إزالة طلاء الأظافر عن المفروشات الجلد والعناية بها
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia