غاضب لأجلك معلولا

غاضب لأجلك "معلولا"؟

غاضب لأجلك "معلولا"؟

 تونس اليوم -

غاضب لأجلك معلولا

حسن البطل

لا مكان عربيا يشبهها، لكنها تشبه سورية، من أيام السيد المسيح الذي خاطب ربه بالسريانية على الصليب: "إيلي .. إيلي. لمّا شبقتني" (إلهي .. إلهي. لماذا تركتني). لا مكان عربيا يشبه "معلولا"، ربما تقاربها شبهاً قليلاً "البتراء" المحفورة بالصخر، أين وكيف اختفى الأنباط؟ هذا سؤال (قيل انهم انخرطوا في الفتوحات العربية - الاسلامية..وذابوا. قيل ان زلزلة فرقتهم أيدي سبأ). لا شيء يشبه "معلولا" المعلقة على الصخر، والمبرقشة بيوتها العجيبة بما في الوان "قوس قزح" وخليطها. إنها محجة وكعبة طلاب الفنون الجميلة في جامعات سورية. الأنباط ذابوا في الاسلام، وانقرضوا، و"البتراء" محجة للسواح. الخزنة العجيبة و"السيق" العجيب، لكن السريان ذابوا في العروبة، بعد ان اعطوا سورية اسمها، واعطت سورية للعروبة صفتها واسمها. كان البرابرة في اوروبا، وكان البرابرة من المغول قد اجتاحوا امبراطورية العباسيين، وصبغوا ماء الفرات بالاسود (من مكتبات بغداد) .. والآن، جاء "برابرة" مسلمون الى "معلولا" الجميلة ليجعلوها "عصفاً مأكولاً" بذريعة أنها "قلعة الصليبية" في بلاد الشام (هم لا يسمون سورية باسمها السرياني). لا أعرف كم موقعاً سورياً في قائمة "التراث العالمي" لمنظمة اليونسكو، فإن لم تكن "معلولا" في القائمة فهناك نقص في قائمة التراث الانساني والعالمي. هل صعد السيد المسيح من صليبه و"قبره" الفارغ الى السماء، ام هبط من السماء الى معلولا، التي تتحدث بلسانه السرياني (الآرامي) لا النبطي ولا العبري ولا العربي؟ سريان سورية وعاصمتهم "معلولا" هم من السريان المسيحيين، لكن للعاصمة هذه قرى سريانية تدين بدين الاسلام، وتنطق بلسان السيد المسيح الى الآن. كان لي، في المدرسة الثانوية - دوما، ثلاثة زملاء - اصدقاء من قرى معولا، يحاكونني بالعربية ويحاكون بعضهم بالسريانية .. وكانوا ايضاً "عرباً ناصريين" وكانوا ايضاً مسلمين، وكان احدهم، خطّابا، لغوياً بالسريانية، ولغويا بالعربية، وفي العطلة المدرسية نتبادل الرسائل بالعربية، وكانت عربيته انصع من عربيتي، ومثقلة بالسجع العربي القديم، فلما وصل "خطاب" جامعة دمشق، راح في كلية اللغة العربية وآدابها يصوب لاستاذ السريانية، كما تصوب العربية العامية للعربية الفصحى! كان لي، ويبقى لي، صديق فنان، هو الفلسطيني - السوري - الفرنسي سمير سلامة، من عشاق "معلولا" .. ومثل السيد المسيح الذي صعد الى السماء (وقام في معولا؟) كان يرسم القرية كأنه يراها من السماء، وكأن بيوتها بقع ملونة على قماشة لوحاته! ماذا حصل في معولا؟ "جهادي" بربري اردني الجنسية قاد سيارة مفخخة وفجرها بنفسه وبجنود حاجز عسكري يحمي البلدة من "جهاد البرابرة". صارت البلدة الآمنة منذ السيد المسيح (ما عدا اضطهاد الحملات الصليبية لسكانها السريان) ميدان معركة كما بيوت حلب العتيقة، وبيوت حمص العتيقة. لا أهمية عسكرية لبلدة تقع شمال دمشق بخمسين كيلومتر على طريق حمص، سوى كونها "قلعة الصليبية" في بلاد الشام؟! لوين رايحين؟ أفهم ان يقوم انتحاري سعودي بتفجير سيارته ونفسه في حاجز على موقع مطار "منّغ" العسكري قرب حلب، وان يسيطر "المجاهدون" عليه. لا بد من شل سلاح الجو السوري وتعطيل راداراته، والسيطرة على اسلحته الصاروخية - الجوية، تمهيداً للضربة الاميركية. كيف نفهم "غزوة معلولا"؟ وكيف نفهم اعدام سائقي سيارات في "دولة الشام الاسلامية" بأيدي مجاهدي "جبهة النصرة" لمجرد انهم تلعثموا في اجابة السؤال: كم ركعة في صلاة الفجر؟ كيف نفهم "شبيحة" النظام وبربريتهم، وشبيحة المجاهدين الذين ينحرون اعناق "النصيرين" لأنهم علويون .. ويصورون فعلتهم الشنيعة! أنا فلسطيني سوري الهوى، واعرف، مثلاً، ان اليهود حولوا "عين حوض" المهجرة الى "عين هود" قرية للفنانين. اخذوا المكان وحوّروا الاسم؟ لكنني لا أفهم "غزوة معلولا" من الذين قطعوا رأس تمثال ابو علاء المعري، ويكرهون كل من هو ليس على مذهب دينهم، وكل اشكال الفنون. أنا غاضب على النظام الغبي سياسياً وعسكرياً، الذي حول "ربيعاً سورياً" من الاطراف لا من المدن الى حرب وقودها الناس والحجارة والأديان والملل والقوميات والطوائف والمذاهب. غاضب على مجاهدي "الوية الإسلام" ومعظمهم من الوافدين غير السوريين لأنهم "عملاء" برابرة من حيث يدرون ولا يدرون. غاضب على تحالف العشرة لضرب سورية، كما كنت غاضباً على تحالف الثلاثين لتدمير العراق. .. وغاضب على "غزوة معلولا" لأن السريان اعطوا للبلد اسمه، والاقباط اعطوا لمصر اسمها في غير العربية، والبرابرة، المجاهدون سلبوا الجهاد اسمه وصفته وفعله. في معلولا (وسورية) القبح يغزو الجمال والجاهلية تغزو العروبة والاسلام؟! نقلاً عن "الأيام"

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غاضب لأجلك معلولا غاضب لأجلك معلولا



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia