عن الصورة والرسمة والكاريكاتير  والهياج

عن الصورة والرسمة والكاريكاتير .. والهياج!

عن الصورة والرسمة والكاريكاتير .. والهياج!

 تونس اليوم -

عن الصورة والرسمة والكاريكاتير  والهياج

حسن البطل

بكم تُسّعر لوحة «غيرنيكا» لبابلو بيكاسو؟ بأكثر بما يقاس من سعر صورة أو شريط وثائقي سينمائي عن مجزرة جوية لسكان قرية إسبانية، خلال الحرب الأهلية الأسبانية قيمة الفن من قيمة الفنان، ولو رسم بيكاسو الوجه بأنف وثلاث عيون!

يقال إن الصورة أبلغ من كذا مقال، فكيف صارت رسمة كاريكاتير تثير المشاعر اكثر من الصورة والمقال؟ سنجد بعض الجواب في موقف الدين الاسلامي من الأوثان والأصنام، لكن الجواب، حقاً، نجده في شعار مرفوع في احتجاجات إسلامية صاخبة يقول: «إلاّ رسول الله».

في عصور الأنبياء المرسلين وغير المرسلين، لم تكن هناك كاميرات تصوير ترينا الوجوه، وحدنا نرى صور المجرات في الكون السحيق.
علم الاحافير والمستحاثات يجعلنا «نرى» كيف كانت الديناصورات مثلاً،  واحياناً يعيدون رسم هيكل عظمي لديناصور ما بناء على عظمة من هيكله، ثم يكسونه لحماً، ويحركونه في السينما، كما رأيتم في «الحديقة الجوراسية» مثلا!

في نقاش مع سلفي عرفت شيئاً من اسباب رفع شعار «إلا رسول الله»، فقد أفادني الى «فتوى»  مجهولة المصدر تقول: القذف بالذات الإلهية يستوجب التوبة والاستغفار، لكن القذف بالرسول الأعظم يستوجب القتل وهدر الدم .. ومن هنا، هناك من يقول أن الأصوليين يؤنسنون الله ويؤلهون الرسول؟
عاش النبي محمد حياة حقيقية، ونعرف سيرته وتاريخ ولادته ووفاته ومكان ضريحه، لكن بقية الرسل والأنبياء عاشوا حياة افتراضية، او متخيلة في جوانب كثيرة منها.

يفترض ان رسمة الكاريكاتير مبنية على صورة، او تخيل صورة لأوصاف الوجه مثلاً او بالذات، كما في رسم صورة السيد المسيح مثلاً، او تمثال مايكل أنجلو عن داود وقوله للتمثال «تكلم».

على كثرة ما تعيد المطابع ودور النشر نشر أمهات الكتب الإسلامية القديمة، فإنها لا تعيد نشر كتاب قديم صدر في دمشق قبل اكثر من ثلاثة عقود.

الكتاب يتحدث عن أوصاف النبي محمد الجسمانية وملامح وجهه، واستعرته من صديق، ثم اعرته لآخر، وهذا أعاره لآخر .. وهكذا ضاع الكتاب .. وعبثاً يبحث صديقي عنه.

الآن، يرفعون في شوارع «أنا شارلي» وتردّ شوارع «أنا مسلم» .. ورسام «الأيام» نشر كاريكاتير يقول: «أنا ناجي العلي» .. وبالطبع «إلا رسول الله».

كان هناك مستشرقون أشادوا بالإسلام وبالنبي محمد، وآخرون اساؤوا إليهما، لكن منذ فتوى إيرانية بإهدار دم سليمان رشدي، ثم قضية الحجاب والنقاب، لم تصل الأمور الى ما وصلت اليه في تداعيات ما نشرته «شارلي الأسبوعية»  من رسوم.

كانت هذه الصحيفة توزع ٣٠ - ٣٥ الف نسخة، وبعد مقتلة رساميها صارت توزع ٧ ملايين نسخة، بعد ان أعادت نشر رسوم آخر عدد قبل المقتلة.

يعود شعار «أنا شارلي» الى نسخ وتحريف لشعار الرئيس الأميركي جون كندي، الذي هتف في برلين وقت حصار سوفياتي خلال «الحرب الباردة» قائلاً: «أنا برليني».

لم يقل، مثلاً، أنا مؤمن والسوفيات ملحدون، او أنا مسيحي والسوفيات كفار، لأن المرحلة كانت صراع أيدلوجيات او معسكرات سياسية وعسكرية واقتصادية .. وديمقراطية حتى.

أفادني صديق بأنه رأى الرسمة في «شارلي ايبدو» قبل المقتلة، وكان يشار الى الرسول بكلمة «محمد» لكن بعد إعادة النشر تم حذف الكلمة، اما تخفيفاً لوقعها الاستفزازي، او لأن القراء صاروا يعرفون من هو المقصود!

سببت قراءة مختلفة للرسمة في استقالة واحد من ابرز مذيعي شبكة «سي. أن. أن»، لأنه كتب «تغريدة» تقول: الرسامون سخروا من «داعش» وليس من الرسول نفسه. الغريب ان الموالين لإسرائيل قالوا أن السخرية من الرسول نفسه، أي انهم معنيون بجعل الأمر صراع حضارات وأديان.

ثمة صحافي عربي، هو سليم نصار أشار الى واقعة في العام ١٩٩٧، عندما احتج بعض المسلمين على جدارية لـ ٢٤ مشرّعاً بارزاً، بينهم «صورة» للنبي محمد (ص) وطالبوا بازالة الجدارية.

بعد مراجعة لسور القرآن، وعلماء الفقه، تبين انها تخلو من اي نص مكتوب يحرّم الصور المتخيلة لملامح النبي، الذي حرّم الاوثان وصناعة التماثيل.
سواء قبل الرسوم، وقبل قضية النقاب وكتاب سليمان رشدي، فإن اسم النبي محمد (ص) هو اكثر الأسماء شيوعاً في العالم، وفي إسرائيل ايضاً.
لكن، بعد الحركات الأصولية الجهادية صار لـ «الإسلام فوبيا» والرسوم المسيئة قوة استقطاب شديدة لأنها ربطت بالإرهاب وبصراع الحضارات والأديان.

ابن الهيثم
رسوم الكاريكاتير مبنية على رسمة أو صورة (فوتو) او على صورة متخيلة. وتجدون رسمة متخيلة لعالم البصريات الإسلامي ابن الهيثم (بدايات القرن الحادي عشر).

كان عالماً في البصريات والفلك والفيزياء والرياضيات، وأخيراً كرمته «اليونسكو» لأنه وضع أساس التصوير، ومبدأ التصوير الفوتوغرافي، واطلق اسمه على كويكب في الفضاء باسم «الحسن» أي الحسن ابن الهيثم.

انه أول من قال «الضوء يأتي الى العين ولا تذهب اليه» .. وكان الاعتقاد أن العين تطلق ضوءاً ترى الأشياء بفضله.. «والا كنا نرى في الظلام».

هناك ظلام دامس وبصيص ضوء في هذا «الربيع العربي».

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الصورة والرسمة والكاريكاتير  والهياج عن الصورة والرسمة والكاريكاتير  والهياج



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:04 2016 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

القثاء المرّ لعلاج السكري على الفور

GMT 03:59 2013 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

"HP" تطلق أول حاسب يعمل بنظام التشغيل "كروم"

GMT 07:24 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مبهرة من التنورة "الميدي" للمسة أناقة في الشتاء

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 11:13 2016 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

لسان عصفور بالبارميزان و الريحان

GMT 22:55 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

تسريحات شعر أنيقة للمرأة العاملة

GMT 20:42 2018 الجمعة ,21 أيلول / سبتمبر

جماهير الأهلي تخلد ذكرى خالد قاضي في المدرجات

GMT 22:52 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

البشير يقيل رئيس هيئة أركان الجيش السوداني

GMT 14:56 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

مايا دياب تؤكد أن لبنان يعاني ويلفظ آخر أنفاسه بسبب كورونا

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

طريقة مبتكرة لوضع "الماسكارا" للحصول على رموش كثيفة

GMT 10:40 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

طريقة إزالة طلاء الأظافر عن المفروشات الجلد والعناية بها
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia