سرّ الصمت

سرّ الصمت؟

سرّ الصمت؟

 تونس اليوم -

سرّ الصمت

حسن البطل

في بيروت، لم أكتشف سرّ صمت الحزن الدفين على وجه ولسان أبو باجس عطوان القادم من الخليل.. إلاّ لما عدت وزرت بلدة دورا. خجلت كفلسطيني غرّ.

الاكتشاف الثاني أخجلني كصحافي، كتبت "تعميماً" فصائلياً عن عملية "معلوت ـ ترشيحا" كلّفني بكتابته مسؤولي التنظيمي في الجبهة الديمقراطية، الرفيق جميل هلال (صار باحثاً مستقلاً ومرموقاً).

هل أقول إن الاكتشافين بمثابة كشّافين على عقوبة الإعدام قصاصاً بالعملاء، علماً أن الصحف تروي عن مغتصبين أو سفّاحين أدينوا وحكموا بالإعدام أو السجن المؤبد، ثم طلعوا براءة بعد تعديل قانوني، أميركي خصوصاً، يسمح ببراهين معاكسة من علم DNA.

فإلى اكتشافي الأول في بلدة دورا عن سرّ الصمت والحزن الدفين الذي رأيته على وجه والد أحد أبطال المقاومة خلال السبعينات في الخليل وجوارها، الشهيد باجس أبو عطوان.

زارنا "ابو باجس" في مكاتب "فلسطين الثورة" ـ بيروت وكنا شباباً فخورين بالمقاومة بجهاد وبطولة باجس، خاصة أن الشاعر معين بسيسو مجّد واقعة بطولته بقصيدة معنونة "مات البطل.. عاش الجبل". كان أبو باجس مهيباً بصمته وأيضاً بلباسه العربي: عباءة وحطة وعقال، يهزّ رأسه جواباً على أسئلتنا أو ينطق بكلمات "الله يرحمه".

.. وفي دورا، قال لنا زميل من البلدة، أول عودتنا، إن احد الاقرباء هو من وشى للإسرائيليين بمكان مغارة البطل باجس أبو عطوان. هذه طعنة في القلب لا في الظهر.

اكتشافي الثاني كان في قرية ترشيحا، وبعد سؤالي "أبو فادي" نائب رئيس بلدية "معلوت ـ ترشيحا" سابقاً عن عملية الجبهة الديمقراطية. لماذا سألتُ؟

دأبت الفصائل على تمجيد العمليات الفدائية، بالملصقات، والبيانات،.. وأيضاً بتعاميم مطبوعة توزع على أعضاء التنظيم حينما كانوا في لبنان أو طلاباً في دول أجنبية.

جرّاء انتقادي لتعبوية زائدة في "تعاميم" تنظيمية كلّفوني بكتابة "تعميم" عن عملية "معلوت"، فكتبته مزيجاً من الأسلوب التعبوي والأسلوب الموضوعي، كما في تقارير الوكالات. لاحقاً، قيل لي إن الأعضاء والأنصار وجدوا صياغة جديدة عليهم في التعاميم!

ما هو الاكتشاف الصادم؟ علمتُ من "أبو فادي" أن الخلية الفدائية سألت زوجين عجوزين عن الطريق إلى المدرسة الثانوية وكانت هدف احتجاز الرهائن لإطلاق أسرى فدائيين، وبعد أن استدلا، أجهزا بالرصاص على العجوزين خوفاً من أن يفشياه لأجهزة الأمن الإسرائيلية.

خلال الدورات الأولى لأول مجلس تشريعي فلسطيني منتخب، علقت في ذاكرتي استشهادات متكررة من رئيس المجلس، آنذاك، أحمد قريع (أبو علاء) بالقانوني والقاضي المصري الشهير "السنهوري"، ما دفعني للبحث عن السبب، وكان قاضياً عادلاً في أيام صعود نجم عبد الناصر بعد زعيم الانقلاب اللواء محمد نجيب.
للقاضي عبد الرزاق السنهوري عبارة شهيرة: أن أحكم ببراءة 99 متهماً أعدل من أن أدين متهماً واحداً بريئاً.

تعرفون حكم القضاء العادل في جرائم القتل: دفاعاً عن النفس، غير المقصود، أو بناء على سبق الترصد والإصرار.. ناهيك عن جرائم الثأر والشرف الرفيع، والسرقة والنهب.. إلخ!

للجاسوسية والعمالة، والخيانة درجات وأسباب ودوافع، وعقابها في زمن السلم غيره في زمن الحرب، وفي المجتمعات والدول المستقرة والديمقراطية وحكم القانون غيرها في مجتمعات ودول غير ديمقراطية. العدد متفوق علينا في "الاختراق" و"حرب الظلال" وتجنيد وإسقاط العملاء.. وأيضاً، السيطرة على الأراضي بالغش والتدليس والتزوير والإغراء المالي الفاحش أيضاً، وبالتعذيب، وبالمحاكمات التي تبدو محاكمات قانونية.

إن حكم المحلفين في المحاكم الأميركية ليس عادلاً دائماً، ولا حكم المحكمة والقاضي.. ولا بالأخص "القضاء الثوري" أو انتزاع الاعترافات بالترهيب النفسي أو التعذيب الجسدي.

المحاكم درجات من بداية الجزاء، إلى محكمة الجنايات إلى محكمة النقض، ويترافع أمامها محامي الدفاع عن المتهم.
أحد بنود المصالحة هو دفع "ديّات" لذوي ضحايا الانقلاب 2007، وتحت ضغط المزاج الشعبي وقّع عرفات على حكم بالإعدام وكانت بعض الأحكام تكشفت غير قانونية وغير مبنية على "بيّنات" وبراهين دامغة.

القاعدة هي أن "الشك" لصالح الظنين والمتهم، وليس لصالح حكم القاضي لا القانوني ولا في القضاء الثوري.
ملاحظة: كان الذي مكّن إسرائيل من اغتيال القائد الحمساوي الشهيد يحيى عياش هو خال أحد المقرّبين الذي خانه والوطنية معه!

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سرّ الصمت سرّ الصمت



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:04 2016 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

القثاء المرّ لعلاج السكري على الفور

GMT 03:59 2013 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

"HP" تطلق أول حاسب يعمل بنظام التشغيل "كروم"

GMT 07:24 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مبهرة من التنورة "الميدي" للمسة أناقة في الشتاء

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 11:13 2016 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

لسان عصفور بالبارميزان و الريحان

GMT 22:55 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

تسريحات شعر أنيقة للمرأة العاملة

GMT 20:42 2018 الجمعة ,21 أيلول / سبتمبر

جماهير الأهلي تخلد ذكرى خالد قاضي في المدرجات

GMT 22:52 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

البشير يقيل رئيس هيئة أركان الجيش السوداني

GMT 14:56 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

مايا دياب تؤكد أن لبنان يعاني ويلفظ آخر أنفاسه بسبب كورونا

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

طريقة مبتكرة لوضع "الماسكارا" للحصول على رموش كثيفة

GMT 10:40 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

طريقة إزالة طلاء الأظافر عن المفروشات الجلد والعناية بها
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia