رام الله البسطات

رام الله البسطات

رام الله البسطات

 تونس اليوم -

رام الله البسطات

حسن البطل

أين تجد هذا "اللُّوف"؟ وجدته بعد سؤال البائعات الفلاّحات في "الحسبة" التي تجد على بسطاتها بسهولة هذه "الخبّيزة" وهذا "العلك: الهندباء".. وهذه وتلك أجيد إعدادهما، وأما "اللُّوف" فسأعمل بنصيحة الفلاّحة الوحيدة في إعداده.. فلم أسأل أُمّي. "حسبة" المدينة ليست كلها خضاراً وفاكهة ونباتات برية.. وشيئاً فشيئاً لم تعد البسطات خارج الحسبة للخضراوات وعربات الفاكهة والنباتات، كما لم تعد البسطات موسمية قبل العيدين الصغير والكبر (الفطر والأضحى). جاءتنا مشكلة أخرى، فبعد إضرابات الموظفين العموميين والمعلمين و"الشوفيرية" أضرب أصحاب "البسطات" واعتصموا أمام البلدية: "قطع الأرزاق من قطع الأعناق"! ما المشكلة؟ خلال سنتين ـ ثلاث، أعادت بلديات رام الله والبيرة (وجزئياً بلدية بيتونيا) تأهيل المركز (قلب المدينة) ظاهراً وباطناً (بنية تحتية وأخرى سطحية)، فلا مقارنة الآن مع ما كانت عليه (مثلاً: كيف كان الشارع الرئيسي في رام الله وكيف صار، وكيف كان شارع القدس ـ فلسطين وكيف صار.. وبقيت الفوضى كما كانت. المشكلة أن مركز المدينة "خليّة نحل" من السّابلة، والسيارات والبسطات، وأما الشوارع الجانبية القريبة فهي خالية تقريباً، ويضطر عمال النظافة لكنس شوارع المركز مرات في اليوم. شوارع المدينة في مركزها ضيقة عموماً، وأرصفتها كذلك، وقالت إحصائية طريفة إن 100 الف مواطن يعبرون ساحة المنارة يومياً (وأنا أعبرها مرتين يومياً).. وكل شوارع المدينة "كراج كبير".. ومجّاني! في زحمة الناس والسيارات، خاصة بعد عيد الأضحى الأخير، أضيفت ظاهرة استشراء البسطات من منتصف شارع المعاهد إلى منتصف شارع الإذاعة ـ الإرسال، وإلى شارع القدس والساحتين: المنارة وياسر عرفات. في سنوات سابقة أيام الأعياد خاصة حولت البلدية أول شارع الإرسال إلى "سوق" انتشرت فيه غابة من البسطات، وأحياناً حاولت بلدية رام الله إعادة الحياة والنشاط القديم لساحة الحرجة (رام الله القديمة).. والآن، ستعود إليها سوقاً للبسطات تكون بديلة من التبسيط في مركز المدينة. هل ستنجح المحاولة؟ هناك ثلاثة معايير أو قياسات للفوضى، مثلاً حسب المتر الطويل (متر العمار) يشكو عزمي بشارة وأتباعه من "ترييف المدينة" ورام الله "مرضعة قرى" وهي تحولت من قرية اصطياف ملحقة بالقدس، إلى حاضرة يلتحق بها سكان وتجار القدس الشرقية. الوجه الآخر لهذا الادعاء هو دور المدينة في "تمدين الريف" حيث الفوارق طفيفة بين أبنية القرى وأبنية المدن السكنية. لا توجد في فلسطين "أحزمة فقر" حول المدن. القياس الثاني هو حسب متر النجّار الخشبي، وتستخدمه البلديات لتنظيم المدينة شوارع وأرصفة وإنارة وتشجيراً. مشكلة مدينة رام الله بالذات هي عشق الناس للمركز (وسط البلدة). لم تستطع البلدية حتى الآن إلزام الناس السير على الأرصفة (انظروا ساحة المنارة وساحة عرفات.. إنهما أشبه بشوارع كالكوتا الهندية في الفوضى). القياس الثالث هو حسب مسطرة البسطات وأصحابها البسطاطية ورزق حوالي 300 من أصحاب البسطات، ومحاولة اثنين منهم إحراق نفسيهما (بوعزيزية فلسطينية) في ساحة المنارة، أو الاعتصام أمام البلدية، أو التظاهر مع البسطات في الشوارع. المنتفعون بالبسطات قلة، والمتضررون كثرة: من تعب اضافي لعمال النظافة، إلى عرقلة المشاة والسيارات، إلى شكاوى أصحاب الدكاكين من المنافسة.. ولكن المشكلة ليست "مظهر المدينة" كما يدعي البعض، بل انسياب حركتها من المشاة والسيارات.. يعني عملية تمييل لقلب المدينة وشوارعها. ليست هذه "حملة" على البسطات وقطع رزق البسطاطية، بل جزء من تنظيم البلديات لمراكز المدن، وتغيير اتجاهات السير لانسياب أكبر في الحركة. بين التنظيم المديني ـ البلدي وبين الناس علاقة غير صحية أبداً، وكذا بين المواطن والقانون.. وربما سنصير شعباً يستحق دولة ذات قانون عندما يمشي الناس على الرصيف في ساحة المنارة، ويلقون بالفوارغ والأكياس في سلاّت القمامة، ويلتزم أصحاب العمارات الكبيرة بتخصيص الطبقات التحت ـ أرضية كمواقف سيارات. ثمة فارق كبير بين الأسواق الشعبية في مدن أوروبية مثل لندن وباريس، وبين هذه الفوضى وأسواق وأرصفة وبسطات المدن الفلسطينية، التي كانت "قرى" كبيرة وصارت مدناً، وبعضها حواضر مثل رام الله التي تصب فيها كل مشاكل التطوير والتطور المديني والنمو المعماري السريع.. والغلاء في الأسعار. "تنظمنا يد الفوضى" كما قال الشاعر، أو ينظمنا القانون.. بقدر الإمكان، وبقدر هضم المواطن لقوانين أول سلطة فلسطينية في التاريخ. جرت انتخابات بلدية ومحلية للمرة الثانية في حقبة السلطة. واستحق رؤساء بلديات رام الله والخليل ونابلس السابقين وساماً من الرئيس، لأن إدارة مدينة أشبه بإدارة دولة صغيرة. لا ضرائب بلا خدمات، أو لا خدمات بلا ضرائب.. مثل ما بدكم، لكن لا حياة مدينية بلا تنظيم، بدكم أو ما بدكم! نقلاً عن جريدة "الأيام الفلسطينية"

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رام الله البسطات رام الله البسطات



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia