رائحة انتصار

رائحة انتصار ؟!

رائحة انتصار ؟!

 تونس اليوم -

رائحة انتصار

حسن البطل

"بعد كل هزيمة نبحث عن اسم يوحي بالانتصار؛ ربما خجلاً من الدم.." هكذا كتب زميلي: الشاعر والناقد والمترجم التونسي محمد اليوسفي.
".. يوحي بالانتصار" أو كما قال الشاعر القديم "كل يدعي وصلاً بليلى"، كما اخترت للعمود عنوان "رائحة انتصار" لأن الرائحة غير جرعة الماء وغير اللقمة.. أو؟
أو لماذا؟ لأن قائداً بريطانياً، في زمن الانتداب على فلسطين له قولة عن المحاربين الفلسطينيين يجدر ذكرها وهي: "اعط العربي رائحة انتصار.. وحاول أن توقفه" ولعله هو نفسه، أو غيره، الذي قال: "ضع سريّة من العرب على تلة.. وحاول أن تخرجهم منها بكتيبة كاملة".
ما رأيكم بعنوان رمادي؟ وهو: لا انتصار؛ لا انكسار فلعله أكثر تعبيراً عن جولة الحرب الأخيرة (الحرب لا الحملة العسكرية كما اعترف قائد إسرائيلي).
في البحث عن اسم "يوحي بالانتصار" سأختار مفردة فلسطينية عربية يعرفها الإسرائيليون وهي "الصمود". حقاً، لقد صمدنا.. ولم ننكسر، ولم ننتصر بعد، لأن النصر مراوغ "كل يدعي وصلاً بليلى" لكن الصمود الفلسطيني كسر، فعلاً، حرب "الجرف الصامد". وبالمناسبة فإن مفردة "صامد" لها مرادف بالعبرية وهو "إيتان" بما يذكرنا بالجنرال رفائيل إيتان، قائد الأركان الإسرائيلي في حرب اجتياح لبنان (سلامة الجليل) عام 1982.
الجنرال إيتان يذكرنا بمفاجأة مدفعية فلسطينية بعد أن زعم هذا الجنرال: "لم يبق لدى الفلسطينيين في بيروت سوى مدفع واحد.. ونحن نبحث عنه لندمره".
رداً على هذا الادعاء، صبّت المدفعية الفلسطينية ناراً كثيفة وجحيمية على مواقع الجيش الإسرائيلي في تلال بيروت الشرقية، وأوقعت فيها إصابات كثيرة.
لست خبير مدفعية، لكن تفسيري للمفاجأة النارية الفلسطينية هو تفسير شاهد عيان، وكان كالتالي: تقوم بطاريات الكاتيوشا والغراد؛ وهي بطاريات محمولة على شاحنة ذات عجلات، بإطلاق صلية من مكان، ثم تتحرك إلى مكان آخر وتطلق صلية أخرى.
هذه خبرة عسكرية غابت، للأسف، عن الجيش السوري خلال حصار بيروت (لواء 85 بقيادة العميد محمد حلال) الذي نصب على تلة مقابل مبنى اليونسكو ومطلة على البحر، بطارية مدفعية سورية في صف كالطابور، فجاءت الطائرات الإسرائيلية ودمرتها (وهذه الواقعة هي من شاهد عيان للكاتب).
المهم، أن الصمود الفلسطيني 1982 هو الذي مكّن لقوات م.ت.ف أن تنسحب من بيروت انسحاباً مشرّفاً بسلاح عناصرها الفردي وزيّهم العسكري، بعد أن كان اقتراح المبعوث الأميركي فيليب حبيب هو انسحاب بلا سلاح، ومع ارتداء لباس أبيض للصليب الأحمر الدولي.. وللأسف، قبل بعض قادة الفصائل (مثل أحمد جبريل) الاقتراح.. لكن عرفات رفضه رفضاً باتاً.
هذا يعني أن تجريد قوات المقاومة في غزة من السلاح أمر مرفوض، لأنه يعني لإسرائيل "الانتصار" ويعني للمقاومة "الانكسار".. لكن على المقاومة التي نجحت فصائلها في وضع شروط موحدة لوقف إطلاق النار أن تستمر موحدة في تحقيق شروط إنسانية (فك الحصار) وسياسية (وحدة وطنية).
حقاً، وبصراحة، فإن "حماس" غسلت بصمودها في الحرب ما ارتكبته من إثم في الانشقاق عام 2007، وبعد شرعية ديمقراطية ثم شرعية نضالية عليها أن تتابع الطريق نحو شرعية وطنية.
ريثما نعرف في "حرب سياسية" تلي الحرب العسكرية هل أننا سندّعي انتصارنا والعدو يدّعي انتصاره، كما ادّعاءات متبادلة في حرب لبنان 1982 وحرب العبور 1973، علينا الاعتراف بأنه على الصعيد السياسي انتصرت مصر، برهنت أن غزة وفلسطين شأن مصري في الصميم، ولو اختلفت الرؤى بين المقاومة ومصر. أيضاً، فإن الخط السياسي لرئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن، يبدو مرشحاً للانتصار السياسي في أية ترتيبات وحلول سياسية بعد الحرب.. لكن؟
حسب بن كسبيت، في "معاريف" يوم 4 آب فإن المشكلة أمام إسرائيل هي كالتالي: "المشكلة هي أن نتنياهو لا يريد لا مفاوضات، ولا اتصالات، ولا تحالفات. لهذا يريد أن يحسم المعركة مع "حماس" حتى لا يتبقّى مع أبو مازن.. فيضطر إلى عقد السلام معه بشروطه".
***
يحسن بدعاة الانضمام الفلسطيني إلى معاهدة روما حول جرائم الحرب، وكذا لحملة "المليون توقيع" عليها أن يقرأوا مقالة ريتشارد فولك، وهو مقرر لجنة حقوق الإنسان في فلسطين.
المحكمة الجنائية الدولية تنظر في ادعاءات دول حول "جرائم الحرب" إما من تاريخ تقديمها، وإما من تاريخ تأسيس المحكمة الجنائية الدولية عام 2002.
المعنى؟ صحيح أن صواريخ المقاومة قتلت ثلاثة مدنيين إسرائيليين (مقابل 1900 فلسطيني معظمهم مدنيون) لكن "العمليات الانتحارية" تعتبر "جرائم حرب" ولو أن المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة شرّعت حق الشعوب تحت الاحتلال بممارسة الكفاح المسلح.. ولكن ليس ضد المدنيين!
لذا، سنكتفي بالقول: هذه رائحة انتصار، ولكن بعد صمود فلسطيني عزّ نظيره، وأيضاً قتال فلسطيني كان مؤثراً وشجاعاً.. وشكّل "مفاجأة" في هذه الحرب.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رائحة انتصار رائحة انتصار



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:04 2016 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

القثاء المرّ لعلاج السكري على الفور

GMT 03:59 2013 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

"HP" تطلق أول حاسب يعمل بنظام التشغيل "كروم"

GMT 07:24 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مبهرة من التنورة "الميدي" للمسة أناقة في الشتاء

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 11:13 2016 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

لسان عصفور بالبارميزان و الريحان

GMT 22:55 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

تسريحات شعر أنيقة للمرأة العاملة

GMT 20:42 2018 الجمعة ,21 أيلول / سبتمبر

جماهير الأهلي تخلد ذكرى خالد قاضي في المدرجات

GMT 22:52 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

البشير يقيل رئيس هيئة أركان الجيش السوداني

GMT 14:56 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

مايا دياب تؤكد أن لبنان يعاني ويلفظ آخر أنفاسه بسبب كورونا

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

طريقة مبتكرة لوضع "الماسكارا" للحصول على رموش كثيفة

GMT 10:40 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

طريقة إزالة طلاء الأظافر عن المفروشات الجلد والعناية بها
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia