حال السلطة كحال برج بيزا

حال السلطة كحال برج بيزا !

حال السلطة كحال برج بيزا !

 تونس اليوم -

حال السلطة كحال برج بيزا

حسن البطل

«ثلاث جدّهن جدّ وهزلهنّ جدّ: الزواج والطلاق والرجعة»     الإمام علي بن أبي طالب
***
حسبما قرأتُ، ثمة أغنية إيطالية من كلماتها: برج بيزا يميل ويميل.. ولا يقع». لا إيطاليا ولا اليونسكو معنيتان لا بسقوطه، ولا بتجليسه.  لماذا مال؟ لأنه بُني على قاعدة رخوة. كيف يحافظون على ميلانه دون سقوطه؟ يُحصّنون قاعدته بمهد من الإسمنت والحديد.. وتعالوا يا سُيّاح!
هل أبدأ بما قاله إمام البلاغة، حيث الاحتلال اغتصاب صار كزواج الإكراه؛ وحيث الطلاق منه كحال الاستقلال عنه؛ وحيث «حلّ السلطة» أو «انهيار السلطة» هو كعودة الإدارة المدنية الاحتلالية.
أذكر القول ولا أعرف من قال عن الاحتلال والطلاق منه قبل الانتفاضة الأولى أو خلافها، ولعلّه داوود كتّاب الذي قال لإسرائيل: إما زواج وإما طلاق. يعني، في الواقع الحالي؛ إما رعايا بحقوق كاملة في دولة واحدة، وإما «حل الدولتين». يا هيك.. يا هيك.
لأحد رؤساء حكومات لبنان، ولعلّه حسين العويني صاحب الطربوش الأخير جواب على معضلات المعجزة اللبنانية الطوائفية (قبل الحروب الأهلية) وهو: «هيك.. وهيك».
بعض الفلسطينيين خاطَ بمسلّته ثوباً اسمه «حلّ السلطة». الآن بعض الساسة والعسكريين الأجانب منهم والإسرائيليون يخيطون ثوباً اسمه «انهيار السلطة».
الاحتلال كان جدّياً جدّاً، والطلاق منه بدا جدّياً، وعودة الاحتلال تبدو شبحاً جدّياً.. والجميع صار هزلاً جدّياً.
تأمّلوا معي حالتين: شركة كهرباء القدس عملت زمن  الأردن، والاحتلال الإسرائيلي، والسلطة الفلسطينية، ولعلّها ستعمل حتى بعد انهيار السلطة و»رجعة» إلى زواج فلسطين بالإكراه من الاحتلال.
في ما يقابلها إسرائيلياً، تعرفون أن 68 سنة مرّت على هذه البلاد، من إعلان إسرائيل، وضم الضفة للأردن، وهذه الاوسلو، وطرح موضوعة «الحل بدولتين» أو «دولة واحدة»، وخلالها بقيت إسرائيل تتحكّم بالفلسطينيين وفق «قوانين الطوارئ» زمن الانتداب البريطاني.
يذكّرني الانتداب البريطاني بشيء طريف قاله جنرال إنكليزي عن عرب فلسطين، في إعادة صياغة لما قاله لورنس الجزيرة العربية: أعطِ العرب رائحة انتصار..  وحاول أن توقفهم!
الفلسطينيون «شمُّوا» رائحة الاستقلال بعد اوسلو، وكلّ محاولات إسرائيل لإيقافهم لن تجديها نفعاً، فإذا «انهارت» السلطة الفلسطينية فسوف تشتاق إليها إسرائيل، وليس هذا بسبب «التنسيق الأمني».
هناك في إسرائيل من «يشتاق» إلى رابين؛ وهناك في فلسطين من «يشتاق» إلى عرفات. المهزلة هي أن إسرائيل سوف «تشتاق» إلى أبو مازن إذا انهارت سلطته أو قامت بحلّ نفسها.
يسوق المشتاقون هؤلاء، على اختلافهم، أسبابهم التي تعرفونها، لكن السبب الأساس هو الأمن الإسرائيلي. لماذا؟
لإسرائيل جواب أمني على كل ما تراه يهدد وجودها أو يمسّ به مسَاً، لكن ليس لها جوابها الأمني على التحدي الفلسطيني. يستطيعون في إسرائيل عدّ الانتفاضات الأولى والثانية والثالثة.. إلى الرابعة والخامسة، أيضاً، فليس أبلغ من السكين في قتال «المسافة صفر».
للجيوش والدول والحركات، أيضاً، أن «ترتدع» من قوة الجيش الإسرائيلي، وليس لهذا الجيش أن يردع طموح الفلسطينيين للاستقلال بعد أن «شمُّوا» رائحته.
هذا السبب يتقدم الأسباب الديمغرافية والديمقراطية وكلفة الاحتلال وجدواه، ومكانة إسرائيل الدولية.. إلخ!
الجيش الإسرائيلي تدرّب على خوض حربين في جبهتين، وعلى مواجهة الصواريخ القصيرة والبعيدة، وقادر على ضربة ثانية نووية تمحو إيران، لكنه ليس قادراً على مجابهة انتفاضة تجري في حالة حرب حدودية طويلة.
ألف جندي لحراسة «هدم بيت»، لواء كامل لحصار مدينة كالخليل في الانتفاضة الجارية.
للفلسطينيين جواب نضالي، ولهم، أيضاً، جواب سياسي، وليس لإسرائيل جوابها الأمني، وهي تتلعثم في جوابها السياسي.
كان رابين تصوّر جواباً: كيان سياسي فلسطيني يكون أقلّ من دولة، وهذا جواب رئيس دولتهم الحالي رؤوبين ريفلين:  مساواة في إسرائيل بين شعبيها، ولا مساواة سيادية للفلسطينيين خارج حدودها.
على ريفلين أن يدرس فيزياء الأواني المستطرقة. الانتفاضة هنا هبّة هناك، والهبّة هناك انتفاضة هنا!

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حال السلطة كحال برج بيزا حال السلطة كحال برج بيزا



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia