إستراتيجية جديدة «انقعها واشرب ماءها»

إستراتيجية جديدة؟ «انقعها واشرب ماءها» !

إستراتيجية جديدة؟ «انقعها واشرب ماءها» !

 تونس اليوم -

إستراتيجية جديدة «انقعها واشرب ماءها»

حسن البطل

في مراقص الديسكو تتغيّر الموسيقى، فيتغير إيقاع الرقص ويخرج راقصون ويدخل آخرون.
يقولون: «الحياة مسرح كبير». هل موسيقى الرقص جزء من مسرح صغير؟ الأيديولوجيات ترقص أو تخرج من الرقص. الاستراتيجيات ترقص على موسيقاها.
كان السؤال الماركسي الكلاسيكي هو «ما العمل؟» يبدو أن جواب الماركسيين الجدد هو «استراتيجية جديدة». ربما ليس حذاءً جديداً، فليكن إصلاح الحذاء «نص نعل» أو «ميّالة» لاهتراء كعب الحذاء.
يقولون، مثلاً: إن استراتيجية أوباما الأميركية الجديدة هي «استراتيجية خروج» من دور «الشرطي العالمي» وأن استراتيجية بوتين هي «استراتيجية عودة» إلى الإمبراطورية السوفياتية؟!
لشاعرنا محمود درويش أن يقول: يجب الذهاب إلى اليمين/ يجب الذهاب إلى اليسار/ يجب الدفاع عن الغلط/ يجب الذي يجب.
فوضى خيارات؟ ربما، مع أن خيارين سيئ وأسوأ قد يكون أحسن من رهان على خيار وحيد يبدو جيداً. هل كانت أوسلو خياراً بين سيئ وأسوأ؟ هل حل السلطة خيار مطروح؟ أم «حوار وطني شامل» للوصول إلى «استراتيجية جديدة» فلسطينية هو الخيار؟ زمان كان «توحيد العمل الفدائي» شعاراً استراتيجياً، وكانت التعددية الفصائلية خياراً واقعياً، أو اضطرارياً، أو تعددياً ديمقراطياً في اطار «م.ت.ف».
هل يستطيع الفلسطينيون وضع استراتيجية جديدة للخروج من ما يبدو «مأزق أوسلو»، علماً أن هناك «التكتيك» لحركات التحرر وهناك «الاستراتيجية العليا» لقوى عالمية كبرى.
كان خروج بيروت 1982 مأزقاً للكفاح المسلح كاستراتيجية، وقبل الانتفاضة الأولى قام خبراء في مركز التخطيط ـ م.ت.ف بوضع «استراتيجية» على الورق وقدّموها لياسر عرفات، الذي قرأها ثم قال: «انقعوها واشربوا ماءها».
كل استراتيجية يجب أن تتوفر لها عواملها من قوى بشرية، وعسكرية، واقتصادية، وسياسية، ولا تستطيع الإدارة الفلسطينية التي تحدّت موازين القوى الإقليمية أن توفرها لرسم «استراتيجية جديدة».
هل كان قصور حرب اكتوبر 1973 مسؤولا عن «استراتيجية» برنامج النقاط العشر 1974؟ هل كانت هزيمة العراق 1991 مسؤولة، ومعها الانهيار السوفياتي، عن الذهاب لمؤتمر مدريد؟
إذا قال عرفات: انقعوها واشربوا ماءها، فهو اغتنم ريح الانتفاضة الأولى، وبدلاً من شعار حصار بيروت «هبّت رياح الجنّة» قال: هبّت رياح حرية فلسطين، وأعلن المجلس الوطني «وثيقة استقلال دولة فلسطين» تعرفون لماذا وكيف اندلعت الانتفاضة الثانية المسلحة، وصار الشعار «شهيداً.. شهيداً».. لا طريداً ولا أسيراً!
كان أستاذ في العلوم السياسية قد نظّر لخيار «حلّ السلطة» ثم صار وزيراً، والآن عاد جزئياً إلى خياره بعد تعديله إلى خيارين: «حلّ السلطة» و/أو «العمل ضمن اتفاق أوسلو».
هناك خيار «الحلّ بدولتين»، وخيار «الدولة الواحدة»، وخيار «الكونفدرالية».. وبالطبع، خيار «استراتيجية جديدة» فلسطينية، من نقض أوسلو، إلى برنامج استراتيجي يفترض أن يكون ثمرة «حوار وطني شامل» وصار رهناً بتفعيل م.ت.ف ومؤسساتها، لأن المفاوضات والمقاومة المسلحة لن يحققا الدولة الوطنية المستقلة.
يا سادة، ترون مخطط عمارة على الورق، وصورا حاسوبية للعمارة، غير ما ترونها عمارة مبنية، ولو بتشطيب «دو لوكس» في الإعلانات!
زميل في «الأيام» كتب أن على المجلس الوطني المقبل أن يتخذ جملة من ثمانية قرارات تشكل، في رأيه، وبمحصّلتها «استراتيجية جديدة» وتجمل «كل الأوراق المحلية، والعربية، والإقليمية، والدولية وتوظفها في مجرى الكفاح الوطني لإنجاز الحقوق الفلسطينية»!
نعم، لدينا «أوراق فلسطينية» لكن الأوراق العربية والإقليمية والدولية خارج قدرة المجلس الوطني على جمعها في يديه المباركتين، هذا إن لم تكن هي المؤثرة (وخاصة الإسرائيلية) على الورقة الفلسطينية!
من زمان، وأنا أقول لدعاة «الاستراتيجية الجديدة» الفلسطينية، إننا نجحنا في ما حلم به الفيزيائيون من اختراع مادة «مضادة للجاذبية» أي للاستراتيجية، وأننا جعلنا المصير الفلسطيني مشتبكاً مع المسار الإسرائيلي، وبالعكس!
السلطة ليست دولة سيادية بعد، لكنها حدّدت حدود دولتها؛ وإسرائيل الدولة القوية استراتيجياً إزاء فلسطين لا ترسم حدودها السيادية، ولا حدودها الأمنية.
الموسيقى تغيّر إيقاع الرقصة، وموسيقى موازين القوى تغيّر استراتيجيات الدول، وليس برامج استراتيجية على الورق.
«انقعوها واشربوا ماءها»؟!

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إستراتيجية جديدة «انقعها واشرب ماءها» إستراتيجية جديدة «انقعها واشرب ماءها»



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:04 2016 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

القثاء المرّ لعلاج السكري على الفور

GMT 03:59 2013 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

"HP" تطلق أول حاسب يعمل بنظام التشغيل "كروم"

GMT 07:24 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مبهرة من التنورة "الميدي" للمسة أناقة في الشتاء

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 11:13 2016 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

لسان عصفور بالبارميزان و الريحان

GMT 22:55 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

تسريحات شعر أنيقة للمرأة العاملة

GMT 20:42 2018 الجمعة ,21 أيلول / سبتمبر

جماهير الأهلي تخلد ذكرى خالد قاضي في المدرجات

GMT 22:52 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

البشير يقيل رئيس هيئة أركان الجيش السوداني

GMT 14:56 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

مايا دياب تؤكد أن لبنان يعاني ويلفظ آخر أنفاسه بسبب كورونا

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

طريقة مبتكرة لوضع "الماسكارا" للحصول على رموش كثيفة

GMT 10:40 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

طريقة إزالة طلاء الأظافر عن المفروشات الجلد والعناية بها
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia