حسن البطل
من لقطة بعدسة الكاميرا... فإلى البحث فيها على محرك "غوغل" و"ويكيبيديا". تسجّل اللقطة عبارة على مسجد في القاهرة العتيقة غير منسوبة لقائلها: "حسين مني وأنا من حسين أحبّ الله من أحبّ حسيناً، حسين سبط من الأسباط".
في محرك "غوغل" علمت أنها منسوبة إلى رسول الله، هي و (40) حديثاً في موضوعها وعلى شاكلتها. واحد منها في الأقل يفسّر زيارات المسلمين الشيعة إلى العتبات المقدسة، و"عاشوراء" التي نحن في غمرة أيام موسمها "يأتي قوم في آخر الزمان يزورون قبر ابني الحسين عليه السلام، فمن زاره فكأنما زارني، ومن زارني فكأنما زار الله سبحانه، ألا من زار الحسين عليه السلام فكأنما زار الله في عرشه"!
عادة، يردّ علماء في الإسلام الحديث النبوي إلى "صحيح ومسند"، وإلى "ضعيف"، أو في تعبيري، إلى "منقول" و"منحول" أي مسروق!
ينسبون إلى الإمام البخاري 7397 حديثاً مسنداً، ويعتبرونه أدقّ من الترمذي، ومسلم، والنسائي.. إلخ. وثمة من يدقّق ويرى أن الأحاديث الصحيحة لا تتعدّى الـ (500) وسواهم يميز بين الحديث النبوي والحديث القدسي.
في تقديري (وللمصيب أجران والمخطئ أجر واحد) أن بعض ما يفسّر وفرة الأحاديث النبوية هو أن الخليفة عثمان جمع ودوّن المصحف الشريف، قاطعاً بذلك الإضافات والتحريف والتصحيف، وهكذا انصرف الرواة إلى التسابق في العماد الثاني للإسلام بعد القرآن، أي سنّة رسول الله وأحاديثه.. ولو بعد زمان طويل أو متطاول من وفاة الرسول.
فور وفاة الرسول خاطب الخليفة أبو بكر المسلمين: "من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت".
لا أعرف هل الحديث النبوي القائل: "أنا أفقهكم بشؤون دينكم أما شؤون دنياكم فأنتم أدرى بها" هو حديث صحيح ومسند أم حديث ضعيف.
لكنك ترى عبارة "إلاّ رسول الله" على سيّارات الركّاب مثلاً، رداً على سلمان رشدي مثلاً وكتابه "آيات شيطانية" وأضرابه لكن ثمة علماء في الإسلام يرون خللاً في "تأليه الرسول وأنسنة الله".. ولله الأسماء الحسنى التي عدّوها 99 اسماً.
يقودنا هذا إلى سجال قائم حالياً يرى في "داعش" إسلاماً صحيحاً ضد "البدع" وآخرون يرون "كل إسلام هو الإسلام".
نظرة إلى راية "داعش" و"النصرة" السوداء فترى الإسلام الأول، فإن بعض سحرها هو أن "لا إله إلاّ الله/ محمد رسول الله" عبارة تخلو من التنقيط على الحروف العربية، أي قبل أن يضيفها أبو الأسود الدؤلي، بعد قرون من جمع الخليفة عثمان مصحفاً صحيحاً.. غير منقوط.
ثمة ملاحظة ثانية على شكل راية "داعش" وهي أن عبارة: "لا إله إلاّ الله تأتي وفق الكتابة العربية (والساميّة) من اليمين إلى اليسار، أما العبارة المكملة تحتها "محمد رسول الله" فهي تُقرا من الأسفل إلى الأعلى (الله هو الأعلى!).
قادني البحث عن قائل العبارة على حائط مسجد في القاهرة العتيقة، مجاور لجامع الأزهر، إلى احتفال "عاشوراء" وإلى تقاليد معيّنة ومحدودة في هذا الاحتفال، ومنها "التطبير" بشج الرؤوس بساطور أو سيف حتى الإدماء، أو جلد الظهر بسوط مجدول من الجلد والجنازير، وهي سارية في بعض مناطق لبنان.. ألا تشبه قول اليهود عن صلب المسيح "دمه علينا وعلى أولادنا"!
بما أن الأديان التوحيدية أخذت عن بعضها، فإن هناك تقليداً كان سارياً في الفلبين الوحيدة المسيحية الكاثوليكية في آسيا، حتى منعه الفاتيكان، وهي تمثيل قصة صلب السيد المسيح عن طريق صلب رجل مؤمن به كما صلب السيّد، لكن مع إنزاله عن الصليب قبل أن يلقى وجه ربه.. راضياً مرضياً!
سأعود إلى الـ 40 حديثا عن الإمام الحسين منسوبة للرسول الأعظم، فلا تجد رواة الحديث المشهورين بين القائلين بها. من هو "علي بن مرّة" و"أبو عبد الله" و"حماد بن اسحاق الأنصاري" و"بشير الدهان" و"الحسن بن علي بن أبي حمزة".. وآخرون!
لقد لجأ كل خليفة، تقريباً، أموي أوعباسي أو فاطمي.. إلخ إلى "منحول" الحديث عن الرسول الأعظم. لا أحد جرؤ على إضافة آية إلى سورة!
"أنا أفقهكم بشؤون دينكم أمّا شؤون دنياكم فأنتم أدرى بها".. والله وحده علاّم الغيوب، ويرى ما في الصدور.. ومن ثم فكيف ينسبون للرسول "نبوءات" عن مصير الإمام الحسين، وقبله الإمام علي؟
إن "أركان الإيمان" في الإسلام خاصة بالمؤمنين، و"أركان الإسلام" خاصة بالمسلمين، لكن الخلاف بين السنّة والشيعة لا علاقة له بأي ركن منهما، و"البدع" موجودة عند أتباع المذهبين، بل لدى الفرق المتفرعة عنهما. إذا قيل في الشعر "كل يدعي وصلاً بليلى" فكل يدعي صلة أوثق بالإسلام الصحيح، وبالحديث المسند الصحيح، سواء أكان حسب ما رواه البخاري أو حسب قول القائلين إنه لا يتعدّى 500 حديث صحيح..
"وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلاً" !
***
صحيح أن موسم "شمّ النسيم" منسوب للفراعنة، وأن موسم الإمام الحسين منسوب للفاطميين لكنهما ساريان الآن في مصر الإسلامية والسنية.
وكان أبي يعلّق رسمة للإمام علي وإلى جانبه الحسن والحسين، ورسمة للخضر قاتل الأفعوان.. إلخ.