حسن البطل
توّاً، سأوضح العنوان، ربما حتى لا يستبدله رئيس التحرير، مع أنه بين مزدوجين، أي انه مقتبس عن نعت يستخدمونه في إسرائيل لوصف بعض اليهود، من المفكّرين والساسة الأجانب، الذين لا يروقون لبعض الإسرائيليين.
بنيامين نتنياهو ليس «يهودياً صغيراً» وإلاّ، ما كان يحكم إسرائيل بالثلاثة، وربما يحكمها بالأربعة بعد أقل من شهر.. لكنه، مع ذلك «يهودي صغير» في صغائره الشخصية، أو طباعه.
لو اقتبست من الأوصاف التي تنعتها به معظم الصحف الإسرائيلية (باستثناء «إسرائيل اليوم») سأجد باقة محترمة: مقزّر، جبان، بخيل، حرامي. وفكرت أن أُعنون العمود بما في لغة الضاد: وضيع، خسيس، دنيء.. وأُهونها طمّاع وغشّاش!
في العربية يُقال: إذا سرقت فاسرق جملاً، لكن بعض اللصوص من الأثرياء الفاحشين، أو الأشخاص من ذوي الشهرة، تراهم يسرقون أشياء تافهة من «السوبر ماركت» مثلاً.
المسألة، كما وصفها صحافي إسرائيلي في وصف سلوك البخل للزوجين نتنياهو، هي كحال الطفل الذي يسرق القليل من محفظة أُمّه.
عرفت أُناساً يحلو لهم سرقة قدّاحات بسيطة من أصحابهم، وآخرين كانوا مولعين باختلاس أدوات المائدة من المطاعم، ولكم أن تفتشوا في علم النفس عن الأسباب المرضية الدفينة (بلاش سرقة ملابس النساء الداخلية!).
ليكن، أن استرداد 4 آلاف شيكل (وربما أكثر) من فوارغ القناني ووضعها في الجيب، قصة طريفة، أو جنحة خفيفة.. لكن ماذا عن صغائر غيرها، مثل تكليف موظفين صغار رواتبهم صغيرة في مكتب رئيس الوزراء، أو في بيته الشخصي في قيساريا، بشراء أشياء أو هدايا صغيرة، دون أن يعوضهم رئيس الحكومة أو زوجته؟.. بحجة النسيان (في الذمّة)!
ماذا إذا دعوت الأصدقاء إلى عشاء في مطعم، ثم تنصّلت من دفع الحساب، أو حتى المشاركة فيه، في أحسن الأحوال التدفيع على «فاتورة» الحساب بوصفها «نثريات» على خزينة الدولة!
عندما ثارت قضية القناني الفارغة وأثمان استردادها للتدوير، قال بيبي: اتركوا سارة واشتغلوا بي. وبالفعل، جاء التقرير: جنحة بعد جنحة، ومجموع الجنح لا يشكل جناية، والأهم أنه لا يؤثر على صناديق الاقتراع لولاية رابعة.. لأن بيبي «رأس كبير» في الأمن!
في ولايته الثانية، مال نتنياهو على أذن الحاخام خدوري، وقال: البعض ينسى أنه يهودي، لكن، في ولايته الثالثة ـ وهذا ما يهمنا ـ تكاثرت لصوصية إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وبخاصة منذ تقديم موعد الانتخابات، لاستمالة أصوات المستوطنين في الصناديق، وحتى سرقة أصوات قد تذهب إلى حليفه الطبيعي في الائتلاف الحكومي المزمع.. إذا فاز، حزب «البيت اليهودي» بزعامة نفتالي بينيت.
في الظاهر، أن هذه انتخابات يراها البعض في العالم تدور على سياسة إسرائيل، والبعض الآخر في إسرائيل يراها تدور على هُويّة إسرائيل، حيث المناكفة الشخصية بين هُويّة الدولة الصهيونية، أو هُويّتها اليهودية. ماذا عن هُويّتها الإسرائيلية؟
لكنها، أيضاً، تجري في أجواء محمومة من المهاترات الشخصية، لا توفر حتى توظيف «داعش» التي سيأتي بها الصهاينة إلى «أرض إسرائيل»، كنتيجة لمفاوضات محتملة للمعسكر الصهيوني في المسألة الفلسطينية، وأما المسألة النووية الإيرانية فسوف يحملها نتنياهو إلى الكونغرس الأميركي، قبل أيام من الانتخابات. الأمن مثل حلب الثور في إسرائيل!
«اليهودي الصغير» في الأمور الشخصية هو اليهودي الخطير في ما يهم الإسرائيلي، أي في مسألة الأمن.. وإذا تمّ انتخابه لولاية رابعة، ليتفوق على بن ـ غوريون، سيقال كما تقول العرب: كما أنتم يُولّى عليكم.
حصة الأمن في موازنة السلطة
حسب تقارير دولية، فإن الاقتصاد الفلسطيني دخل مرحلة انكماش ثانية جرّاء حجب إسرائيل أموال المقاصة، والانكماش الأوّل كان في العام 2006 بعد انتخاب «حماس». في المقابل ارتفع نمو الاقتصاد الإسرائيلي، في الربع الأخير من العام الماضي، بنسبة 7.3%.
انضمت الخارجية الأميركية إلى المحذّرين من انهيار السلطة، نتيجة وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل.
نعرف أن التعليم والصحة والأمن تلتهم معظم موازنة السلطة، لكن الناطق الأمني الرسمي، عدنان الضميري قال: «نحن الدولة العربية الوحيدة التي تنشر موازنة الأمن فيها على الإنترنت».
موازنة الأمن تشكل 28%، لكن مع احتساب رواتب رجال الأمن (30 ألفا في الضفة و34 ألفا في غزة) لكن الموازنة التشغيلية للأمن لا تزيد على 3 ـ 4%، ويتم سدادها بالكفالة من المورّدين.
قال: ماذا إذا طُرحت رواتب المعلمين من ميزانية وزارة التربية والتعليم؟.
قال: لا توجد سوى السوق السوداء تموّل الفلتان الأمني، في محافظة واحدة يطلقون 12 ألف طلقة في أربعة أيام.
المهم أن طلقة بندقية M16 المستخدمة في إسرائيل بـ 6 ـ 8 شواكل، والكلاشنكوف 25 شيكلاً والمسدّس 6 شواكل، مع من بندقية M16 ومع من رشّاش الكلاشن؟
إسرائيل تريد الفوضى في فلسطين.