66 ثانية

66 ثانية ..؟

66 ثانية ..؟

 تونس اليوم -

66 ثانية

حسن البطل

وهي كناية عن 66 سنة نكبوية أرضية، مضروبة كل سنة بـ 365 يوماً وربع اليوم، مجموعة أيامها في 52 أسبوعاً وكسور الأسبوع.
ليش ها الحسبة؟ كل أربع سنوات تأتينا سنة ميلادية كبيسة عالمياً، والسنة الجاي ستكون سنة كبيسة فلسطينياً، إذ أن السنة 67 للنكبة الأيارية ستقترن بالسنة التي حصلت فيها النكسة الحزيرانية، ولو شئت أن استكمل اقتران السنة النكبوية بالسنة النكسوية، لقلت إنه في أيار العام ٢٠١٥ تبلغ اتفاقية مبادئ أوسلو عامها الـ ٢١ أي عنفوان الصبا، علماً أن عمر الإنسان المفترض والطبيعي هو ٢١ سنة مضروبة بـ ٥، وهو عمر بيولوجي مقدّر لا يبلغه واقعياً إلاّ معمرون قلائل، يدخلون موسوعة غينيس في قائمة "عميد" او "عميدة" البشرية؟!
الأهم من هذه الحسبة الزمانية - النكبوية، والسنة الكبيسة النكسوية، أن هذا هو الجيل الرابع للنكبة. هم يقولون في جيلهم الرابع للمحرقة "لن نغفر ولن ننسى" عدد ضحايا "الهولوكوست" .. لكننا نقول "لن ننسى" مدننا وقرانا، وقد نغفر لمن اقترفوا المذابح بحق شعبنا، في اللجوء وفي البلاد، ربما لأننا لم نعدهم واحداً - واحدة. ضحية- ضحية. مجزرة - مجزرة، او ربما لأننا سنعدّ ضحايانا عندما نصبح دولة، نقيم مؤسسة ومتحفاً خاصاً للبطولة والذكرى .. أو لأننا نرخص الروح ونعلي شأن الأرض!
لماذا قارنت بين ذاكرتهم لعدد ضحاياهم الـ ٢٣،١٦٩، وذاكرة الجيل الرابع للنكبة الذي لا ينسى "مسقط الرأس"؟ حصل أن سأل مؤرخ إسرائيلي فتى فلسطينياً في مخيم من مخيمات شمال الضفة: أين كانت بلدتك؟ فأجابه باسم بلدة كانت أولى ضحايا الاستيطان اليهودي في فلسطين أواخر القرن الثامن عشر، وقبل النكبة؟!
الفتى التجأ جده إلى بلدة في الجليل، ثم لجأ جده وأبوه الى بلدة في الضفة .. فتصوروا صدمة المؤرخ ودهشته من قول الفتى انه ينتمي الى قرية كانت من ضحايا الاستيطان اليهودي قبل إقامة إسرائيل. اسألوا الطفل في مخيم اليرموك من أين أنت؟
نحن نتذكر الأرض، البلد، مسقط الرأس، وننسى عدّ عديد ضحايانا، وهم يتذكرون أن إجمالي ضحاياهم ٢٣،١٦٩ منذ العام ١٨٠٠، عندما أُقيم الحي اليهودي في القدس خارج الأسوار؟
لنا مفردات الأرض ودونماتها، ومسقط الرأس في المدينة والقرية اولاً، ولهم مفردات عدد ضحاياهم، وهي اقل تنوعاً من مفردات عدد سكان اسرائيل اليهود وعدد سكانها من الفلسطينيين، وعدد الاسرائيليين غير المهودين، وعدد العمال الأجانب .. وعدد مدنها الجديدة بعد النكبة.
في مفرداتهم أن ضحاياهم في "حرب استقلال" إسرائيل هم ٦،٢٠٠ اي ما يعادل ١٪ من عدد يهود "اليشوف" قبل إعلان الدولة، وعدد ضحاياهم في حرب أكتوبر ٢،٤٠٠ جندي، وعدد ضحاياهم المدنيين هم ٢٤٩٠ ضحية.
هذا يعني ان معظم قتلاهم سقطوا في الصراع الأساسي والأصلي بين الفلسطينيين واليهود ثم الإسرائيليين، اي ما يفوق عدد قتلاهم في حروبهم مع الجيوش العربية، او في "الغارات الانتقامية" الحدودية.
* * *
66 سنة نكبوية وتليها سنة كبيسة نكسوية حزيرانية ١٩٦٧، وأظن أن الشعب الفلسطيني أحيا النكبة كما يجب في يوبيلها الخمسيني الوخيم عام ١٩٩٨، وكما يجب في عامها الـ ٦٦ الذي صادف فشل جولة تفاوضية أخرى، علماً أن العام ٢٠١٤ كان في خطة باراك أوباما يفترض ان يكون عام السلام بين دولة فلسطينية ودولة إسرائيل، بعد أن فات موعد العام ٢٠٠٨ لقيام دولة فلسطينية حسب خطة جورج بوش.
يبدو أن إحياء سنوية النكبة الـ ٦٦ جاء رداً أيضاً، على إثارة نتنياهو مطلب الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، وبما يلغي "حق العودة"!
تغّيرت ظروف "أشكال" الإحياء الفلسطيني لسنوية النكبة، حيث كانت قبل الثورة "مسيرات حزن" ترتدي الأسود وتحمل أعلام البلاد في أماكن اللجوء، وصارت بعد الثورة صداماً عسكرياً بين طلائع التحرير والعودة ودولة إسرائيل .. والآن، بعد السلطة صارت مواجهة بين شعب تحت الاحتلال يحمل أعلام البلاد ودولة إسرائيل، ويتم إحياء الذكرى باحتفالات في الأراضي المحتلة، وتصاحبها مسيرات عودة رمزية إلى القرى المهجرة في فلسطين - إسرائيل، او ما يسميه سلمان ناطور "فلسطين الغربية"؟
* * *
احياء سنوية النكبة 66 كان شاملاً للشعب في المنفى، في أراضي السلطة .. وأيضاً خلف الخط الأخضر.. لكن لا أظن أن تقاليد الاحتفال بسنوية النكبة، وهي "شعبية" تماثل تقاليد احتفالهم باستقلالهم، وهو "رسمي" و"برتوكولي" صارم .. مل كوريا الشمالية، ونحن مثل كومونة باريس!
لم يلبس معظم الفلسطينيين الأسود في يوم النكبة، وربما لم يتوقفوا ٦٦ ثانية. هذا صراع مفتوح متغير الأشكال والأدوات.

 

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

66 ثانية 66 ثانية



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 06:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تنعم بأجواء ايجابية خلال الشهر

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 09:20 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

فوائد صحية وجمالية لعشبة النيم

GMT 18:17 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

إنجي علي تؤكّد أن مصر تتميز بموقع فني عالمي رفيع

GMT 13:10 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الــ " IUCN"تدرج "الصلنج" على القائمة الحمراء

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia