حسن البطل
قرأت في صحيفة «القاهرة» المصرية سجالاً حول تصميم النصب التذكاري الضخم لمشروع قناة السويس الجديدة، الذي سيرفع عنه الستار يوم ٦ آب (أغسطس) من عامنا هذا.
لا يتساجل أهل مصر حول تمثال «نهضة مصر» لكبير نحاتيها محمود مختار، لكن حول بعض المسلات الفرعونية في ميادين القاهرة الرئيسة، أو نقلها من مكانها، أو حمايتها من عوامل التعرية والتآكل الجوية والكيميائية.
نصب ٦ آب ليس هرماً، لكن مشروع شق «سويس جديدة» ربما سيصبح «هرماً» يسجل على اسم الرئيس عبد الفتاح السيسي. لماذا؟
لأن الافتتاح سيكون بعد يوم واحد من انتخاب الرئيس العسكري الرابع لمصر ما بعد ثورة ٢٣ تموز (يوليو)، وليس في ٦ تشرين الثاني (اكتوبر) حيث بدأت حرب العبور.
هكذا أول مشروع تنموي استراتيجي كبير في عهد الجمهورية الرابعة (أو الرئيس الرابع) لثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، علماً أن تأميم ادارة القناة أو تمصيرها، كان انجاز الرئيس الأول جمال عبد الناصر، وقاد هذا الانجاز إلى بناء السد العالي، أو «هرم ناصر» بالأحرى.
يمكن تسجيل حرب العبور على اسم الرئيس انور السادات، كإنجاز عسكري، لكن اعادة افتتاح القناة وتعميق غاطسها كان انجازه التنموي - الاقتصادي، كما كان استكمال مشروع «الوادي الجديد» لزيادة رقعة الأرض الزراعية المصرية (٤٪ من مساحة مصر) من اصلاح الصحراء. كذلك، فإن الرئيس الثالث، حسني مبارك، انجز مشروع «قناة توسكي».
المهم في مشروع قناة السويس الجديدة أن الخبراء قدّروا زمن اتمام المشروع بأربع سنوات، لكن السيسي أصرّ على انجازه في عام واحد.
عندما انتهى بناء السد العالي، أنشد عبد الحليم حافظ اغنية «من أموالنا / بيد عمالنا / قلنا ح نبني وده إحنا بنينا السد العالي، ..» ولكن بالطبع بمساعدة مالية وفنية من الاتحاد السوفياتي.
هذه المرة، فإن توسيع القناة يتم بأيد مصرية، وبشكل خاص بخبرة جيش مصر على انجاز المشاريع، اضافة إلى ان التمويل كان باكتتاب مصري صرف. جيش العبور الذي بناه ناصر صار جيش الاعمار؟!
تجدون في «الانترنت» مواصفات المشروع، وعائداته الفورية او المتطاولة على اقتصاد مصر، وتشغيله عشرات الآلاف من المهندسين والايدي العاملة.
لا توجد دولة عربية ضربتها فوضى الربيع العربي قامت بانجاز اقتصادي - تنموي استراتيجي كما فعلت مصر، علماً ان المشروع يتضمن ستة انفاق جديدة تحت القناة، غير نفق الضابط الشهيد احمد حمدي.
الانفاق الجديدة ستستخدم لسرعة اعادة اعمار شبه جزيرة سيناء، وايضا لسرعة نقل القوات المدرعة في حالة حرب جديدة.
الى «السويس الجديدة» هناك مشروع كبير لشق الاف الكيلومترات من الطرق المعبدة، وكذلك تحديث شبكة السكك الحديدية، لكن مشروعاً لبناء عاصمة ادارية جديدة بالكامل، شرقي العاصمة السياسية القاهرة موضع اخذ ورد لاسباب عديدة، منها كلفتها العالية، والمدى الزمني لانجازها، والمقدرة اصلاً بعشر سنوات، بينما طموح الرئيس السيسي هو اربع سنوات.
فقط، بعد نجاح التمويل الذاتي المصري لقناة السويس الجديدة، عُقد في القاهرة مؤتمر دولي لاعادة اعمار مصر، وكانت النتائج جيدة، بحيث دفعت رئيس الوزراء ابراهيم محلب الى البكاء فرحاً وتأثراً.
قبل اطاحة الرئيس المنتخب محمد مرسي، اعلن الجيش «خارطة طريق» للتغيير، ودعمها الشعب بثورة شعبية، ثم بانتخاب رئيس عسكري جديد هو الرئيس السيسي، الذي يرى ان الانتقال الديمقراطي في مصر سيكون تدريجيا وعلى مدى ١٥ - ٢٠ سنة، وأن الوقت وقت اعادة بناء مصر، جنباً إلى جنب مع مواجهة الارهاب والتغلب عليه، لكن الرئيس السيسي يدعو إلى «ثورة» في تجديد الاسلام، وهذه مهمة كبيرة وعسيرة.