قمة موسكو الثلاثية، حبل ثالث في الهواء

قمة موسكو الثلاثية، حبل ثالث في الهواء

قمة موسكو الثلاثية، حبل ثالث في الهواء

 تونس اليوم -

قمة موسكو الثلاثية، حبل ثالث في الهواء

بقلم : حسن البطل

في الجغرافية الطبيعية، حسب قول الشاعر: لكل "نهر مجرى وحياة". مثلاً: لن يصبّ النيل والسين والميسسبي في الفولغا. "أما في السياسة والجغرافية السياسية (جيوبولتيكا) فإن جهود باريس والقاهرة وواشنطن قد تصب في موسكو؟!

موسكو السوفياتية أول من دعا إلى مؤتمر دولي حول الشرق الأوسط "تحضره الأطراف كافة على قدم المساواة"، وبالذات القضية الفلسطينية، وهذا قبل مؤتمر مدريد، وقمتي كامب ديفيد، المصرية ـ الإسرائيلية، والفلسطينية الإسرائيلية.

أيضاً، قبل مؤتمر باريس الدولي التمهيدي، الذي كان اجتماعاً دولياً من ساعتين لالتقاط صور، بحضور أميركي وعربي ودولي، وبغياب الوزير الروسي سيرغي لافروف!

الحركة العسكرية الروسية في القرم وأوكرانيا رافقتها عقوبات على موسكو، وتلك العسكرية ـ السياسية ـ الجغرافية في سورية، رافقتها حركة روسية سياسية مع تركيا وإيران وإسرائيل.

أميركا مشغولة بانتخاباتها، وفرنسا "ملخومة" بعقد مؤتمر دولي تحضره إسرائيل وفلسطين، وقد غابتا عن المؤتمر الدولي التمهيدي. ومصر المشغولة بمشاكلها؟ ألقت حجراً في الهواء باقتراحها عقد لقاء فلسطيني ـ إسرائيلي رئاسي، ثم القى الرئيس السيسي حجراً آخر في الهواء عندما تحدث عن لقاء قمة رئاسي ثلاثي في موسكو برعاية "القيصر" بوتين.

لم ينجح الوزير كيري، في وساطة الشهور التسعة، بكسر القطيعة، منذ العام 2009 بين عباس ونتنياهو منذ فشل لقاءاتهما بعد مؤتمر أنابوليس.

باريس، بدورها، لا يبدو أنها ستحصل على موافقة بيبي هذا، الذي يرفض المبادرة الفرنسية ومؤتمرها الدولي.

إسرائيل تصرّ على لقاء قمة ثنائي فلسطيني ـ إسرائيلي إن في القدس، كما فعل عباس واولمرت مراراً أو حتى في رام الله "دون شروط مسبقة"!

تعرفون أن كيري أخفق في العام 2014 لأن نتنياهو تنصّل، بالذات، من تفاهم مسبق على إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين المسجونين قبل اتفاقية أوسلو، عدا عن رفضه الأساسي الالتزام بحدود 1967 المعدّلة شرطاً لمفاوضات  وفق "الحل بدولتين"، وبالتالي تجميد الاستيطان.

يُقال إن فكرة اللقاء الرئاسي الثلاثي في موسكو قد تتبلور وتتحقق في تشرين الأول أو الثاني، لأن الوساطة الروسية مقبولة، مبدئياً، إسرائيلياً وفلسطينياً، ويريد نتنياهو منها "المجاكرة" على مؤتمر باريس الدولي، المقرّر عقده قبل نهاية هذا العام، وكذلك، ربما، للتأثير على ما يتردد عن نوايا الرئيس أوباما اختتام ولايته الثانية بتحديد موقف أميركي أوضح من شروط تحقيق "الحل بدولتين".

أميركا كانت تحتكر الحلّ وتقود هذه "الرباعية" وروسيا طرف فيها، وبعد قمة باريس الدولية التمهيدية، بغياب فلسطين وإسرائيل، صدر عنها بيان صدم القيادة الفلسطينية، التي قررت التعاطي مع كل طرف في"الرباعية" لوحده، أي مع فرنسا وموسكو، علماً أن فرنسا عضو في الاتحاد الأوروبي، الذي وافق على بيان لا توافق عليه القيادة الفلسطينية.

تقول القيادة الفلسطينية، على لسان عضو لجنتها التنفيذية، أحمد مجدلاني، إن قمة موسكو المتوقعة يجب أن تصبّ في خدمة المؤتمر الدولي، لا أن تكون بديلاً له، وأن نجاح قمة موسكو يتطلب أن توافق إسرائيل على ما رفضته خلال مهمة الوزير كيري الفاشلة، وفشلها سبب من أسباب التصعيد الأمني منذ تشرين الأول 2015.

باقتراحه شرط اعتراف فلسطين بيهودية دولة إسرائيل، وضع نتنياهو عقبة كؤوداً، لكن يقال إن اوباما في خطاب الوداع سيوازن بين الاعتراف هذا وتأييد المبادرة الفرنسية التي تتحدث عن مفاوضات مباشرة على أساس خطوط العام 1967، ولن يعيق مشروع قرار في مجلس الأمن!

يقال إن موسكو تنسق لقمتها مع القيادتين الفلسطينية والإسرائيلية لكسر الاستعصاء بينهما، لكن هذا لا يكفي دون أن تنسق موسكو مع باريس حول مكانة القمة فيها بالنسبة لمؤتمر باريس الدولي، وكذا مع واشنطن بالنسبة إلى خطاب اوباما الوداعي، إذا فازت السيدة هيلاري، وبالتالي الحزب الديمقراطي.

كان مؤتمر مدريد الدولي احتفالية دولية، وكذا مؤتمر باريس التمهيدي احتفالية دولية وبروتوكولية أقصر كثيراً، لكن قمتي كامب ديفيد 1979 و2000 كانت مفاوضات ماراثونية.

هل سترعى موسكو في قمتها لقاءً ثلاثياً لمجرد كسر الجمود بين عباس ونتنياهو، أم ستنجح في فتح نافذة على مؤتمر باريس الدولي؟ موسكو تنسق مع تركيا وإيران وإسرائيل وأميركا في المسألة السورية المتشابكة والمستعصية عسكرياً وسياسياً، فكيف ستنسق مع هذه الأطراف في المسألة الفلسطينية ـ الإسرائيلية، علماً أن نتنياهو تنصّل من تنفيذه تفاهمات قمة واي ريفر مع عرفات 1998، ثم تنصّل من تنفيذه تفاهمات جولة كيري المكوكية المطولة مدة تسعة شهور عام 2014، ومن قبل تسبّب في تفشيل لقاءات القمة الثنائية الفلسطينية ـ الإسرائيلية وفق تفاهمات قمة أنابوليس بإشراف أميركي.

هل ستكون قمة موسكو الثلاثية المزمعة مجرد حبل في الهواء، كحال المؤتمر الدولي اللاحق في باريس، وأيضاً، خطاب الوداع من أوباما، أم حبالاً متّصلة؟

للأسف، يبدو أن القرار الإسرائيلي في الموضوع الفلسطيني مستقل أكثر من القرار الفلسطيني، الذي يعاني من "كعب أخيل" منذ الانقسام الغزّي، وأيضاً، من ديكتاتورية الجغرافيا مع الأردن ومصر المتسالمتين رسمياً مع إسرائيل.. ناهيك عن تجديد شرعية السلطة الفلسطينية عَبر الانتخابات.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قمة موسكو الثلاثية، حبل ثالث في الهواء قمة موسكو الثلاثية، حبل ثالث في الهواء



GMT 11:48 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

.. وإن قالوا «كلامَ جرائد»!

GMT 12:13 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

غروبها في يوبيلها الماسي؟

GMT 10:28 2020 الخميس ,17 أيلول / سبتمبر

هذا زمن الامتهان (ات) !

GMT 12:33 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

«باكس أميركانا» !

GMT 08:12 2019 الجمعة ,17 أيار / مايو

إيقاعات رمضانية ـ نكبوية!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 06:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تنعم بأجواء ايجابية خلال الشهر

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 09:20 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

فوائد صحية وجمالية لعشبة النيم

GMT 18:17 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

إنجي علي تؤكّد أن مصر تتميز بموقع فني عالمي رفيع

GMT 13:10 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الــ " IUCN"تدرج "الصلنج" على القائمة الحمراء

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia