بقلم : حسن البطل
يتوقع صديقي، وهو موظف إداري في جامعة بيرزيت، أن تتجدّد الأزمة الدورية بين مجلس الطلبة وإدارة الجامعة، نتيجة قرار بزيادة الأقساط الجامعية.
صديق آخر، معلم لغة إنكليزية في مدرسة حكومية، يقول إن ذيول إضراب المعلمين الطويل، خلال السنة الدراسية المنصرمة، قد يتجدّد، رغم أن الدفعة الأخيرة من مستحقات المعلّمين تم صرفها، أمس، الأربعاء.
المعلم إيّاه، كان نشيطاً في إضراب المعلّمين المطلبي، وخلاله تبلور مطلب تشكيل نقابة مستقلة للمعلّمين، ومع بدء السنة الدراسية الجديدة، يقول إن عشرات آلاف المعلّمين وقّعوا على عريضة بتشكيل نقابة مستقلة مهنية، موازية أو بديلة من الاتحاد العام للمعلّمين الفلسطينيين، كما هو حال نقابات عمّالية واتحادات وجمعيات نسائية، وبالذات مجالس طلبة منتخبة.
كان من الاتحادات والمنظمات الشعبية الفلسطينية، اتحاد عام لطلاب فلسطين، الذي كان نواة أولى لتشكيل م.ت.ف، ثم تلاه آخر للعمال وللمرأة وللمهندسين.. إلخ!
في العام الدراسي 2014ـ 2015 كان عدد التلاميذ والطلاب في مناطق السلطة الفلسطينية زهاء مليون و172 ألف تلميذ وطالب، بينما كان عدد طلاب الجامعات، الخاصة والحكومية، والكليات ومعاهد التعليم العالي، أو ما بعد الثانوي، زهاء 220 ألف طالب وطالبة، فإن أضفنا لطلبة المدارس والجامعات عدد الأطفال في الحضانات، ربما يتجاوز الإجمالي العام ثلث عديد الشعب الفلسطيني، أو أكثر قليلاً.
نعرف أن الهرم العمري للشعب الفلسطيني يؤكد فتوّته وشبابيّته، لكن بعض الديمغرافيين الإسرائيليين يدّعون، مثلاً، أن الجهاز المركزي للإحصاءات الفلسطينية يضيف إلى عديد سكان الضفة، بالذات، لا أقل من مليون. حسب تقديراتهم فإن عديدهم لا يتعدى المليون ونصف المليون؟!
يعيدنا هذا الادعاء الإسرائيلي إلى أول تعداد عام للسكان والمساكن جرى في العام 1996، وقدّر نسبة السكان الفلسطينيين في القدس بـ37% من إجمالي سكانها.
آنذاك، ادعوا وجود مبالغة، لكنهم في وقت لاحق اعترفوا بصحة أرقام التعداد الفلسطيني، خاصة في القدس، وهم يقدرونها، حالياً بين 38% ـ 40%، ويفكرون بطرح حتى 200 ألف من هؤلاء، يسكنون مناطق في الضفة ضمّت إلى القدس المكبّرة، ليصبح سكان القدس الفلسطينيون 20% من إجمالي القاطنين فيها، أي بنسبة الفلسطينيين في إسرائيل إلى إجمالي السكان فيها. تهويد الأرض والديمغرافيا.
ربما كان فوز كتلة حماس بجامعة بيرزيت في انتخابات مجلس الطلبة العام الفائت، شجعها على قبول إجراء الانتخابات البلدية والقروية، ومن ثمّ سوف يتحدّى مجلس الطلبة قرار إدارة الجامعة برفع الأقساط، وخاصة عن الطلبة القادرين.
دورياً، تقوم إدارات الجامعات برفع الأقساط، لأن العلاقة بين زيادة سنوية دورية لطلاب الجامعات وزيادة ميزانية الجامعة، مثل علاقة الأواني المستطرقة في السوائل!
مع بدء سنة دراسية جديدة، سيتغير إيقاع الحياة والشوارع وروتين العائلات، ومعهم ستزداد أعباء أزمة نموّ قطاع التعليم المدرسي والأكاديمي، علماً أن الأمن والتعليم والصحة تحوز على حصة الأسد من الميزانية العامة للسلطة.
إلى احتمالات الإضرابات الطلابية في الجامعات، وتجدّد أزمة رواتب معلّمي المدارس، ومطلب تشكيل نقابة معلمين مستقلة، عن أطر المنظمة، هناك تحدٍّ مستجد، هو بدء تطبيق نظام تدريجي في امتحانات الشهادة الثانوية، لربط قطاع التعليم بحاجة المجتمع والاقتصاد.
التعليم الرسمي الحكومي له الحصة الأكبر من حيث عدد الطلاب والمدارس، وهناك مدارس «الأونروا»، والمدارس الخاصة، ويجمعها منهاج واحد موطّن لمدارس الضفة وغزة جرى وضعه وتطبيقه خلال ست سنوات، ويشمل مدارس القدس الشرقية.
مع بدء سنة دراسية جديدة، قررت سلطات الاحتلال أن تتوسع تدريجياً في تطبيق المنهاج الدراسي الإسرائيلي في القدس الشرقية، لإعداد الطلاب فيها إلى التقدم لامتحانات «البجروت».
ردّت وزارة التربية على خطة «أسرلة» التعليم في مدارس القدس الشرقية بتوزيع الكتب المدرسية مجاناً على هذه المدارس.
جميع المدارس الفلسطينية، على اختلافها، يحتوي منهاجها الدراسي على الرياضيات الحديثة، والفيزياء، والكيمياء واللغات الأجنبية، ويتم رفدها كل سنوات.
لكن، في إسرائيل هناك نظام تعليم أصولي ينخرط فيه، حالياً، زهاء 400 ألف تلميذ وطالب، وفي قسمه الأعظم يتجاهل الإنكليزية، والرياضيات والعلوم، ويتوقعون في إسرائيل أن تصل نسبة التعليم الأصولي إلى 37% من إجمالي المدارس.
لا أعرف عدد الحصص الأسبوعية في المدارس الفلسطينية المكرّسة للعلوم، والرياضيات واللغات الأجنبية، لكن قرأت أنه في أسبوع مدرسي من خمسة أيام، هناك أربع حصص دينية!
يتحدث وزير التربية عن الحوسبة والرقمنة في المدارس، وحديثاً يجري بناء «مدارس خضراء» تعتمد الإنارة بمولّدات الطاقة الشمسية، وربما يلزمنا حصة أسبوعية واحدة، مثلاً، عن البيئة الفلسطينية.
قرأت أن المدارس الإسرائيلية (واليهودية في الضفة) تقوم بجولات في الطبيعة ليعرف تلاميذها أسماء النباتات والزهور البرية، بالعبرية طبعاً، لكن لكل نبات وزهرة في هذه البلاد أسماء محلية، مختلفة، وكثير من البالغين الفلسطينيين حتى لا يعرفون تسمية النبتة والزهرة باسمها.
لدينا كمّ محترم جداً من عديد التلاميذ والمدارس وعديد طلاب الجامعات والكليات؛ والمطلوب تحويل العديد إلى نوعية مفيدة للمجتمع والاقتصاد، وفق خطط بعيدة المدى من عشرين سنة مثلاً، كما فعلت سنغافورة وكوريا الجنوبية وايرلندا.
لاحظ باحثون أجانب معنى ومغزى نسبة الطالبات إلى الطلاب، سواء في المدارس الثانوية أو الجامعات، حيث 60%من الطلاب إناث، وهذا صحيح في بلادنا، وحتى في إيران الإسلامية.
هذا الأسبوع، سوف يتنكب الطلاب حقائبهم في سنة مدرسية جديدة، لكن وزير التربية، صبري صيدم، على مناكبه مسؤولية ثقيلة ومتشعّبة من حل مشكلة أقساط الجامعات، ومطالب معلمي المدارس، وكذا بشكل خاص، بدء تطبيق منهاج جديد للشهادة الثانوية.
هناك تقدير بأن بطالة الخرِّيجين الجامعيين عالية لدينا، بينما بطالة العمّال المهنيين قليلة نسبياً، وهذه مشكلة عالمية.