أيها الفلسطينيون قليل من التواضع

أيها الفلسطينيون.. قليل من التواضع !

أيها الفلسطينيون.. قليل من التواضع !

 تونس اليوم -

أيها الفلسطينيون قليل من التواضع

حسن البطل

موجز مبتسر للقضية الفلسطينية: من حالة تاريخية، إلى حالة نضالية، إلى حالة سياسية. في سائر هذه الحالات تجد الجذر الديني بارزاً على السطح، أو دفيناً في العمق. مع هذا الموجز، تطوّر أو تغيّر الفلسطينيون من جزء في الشكل العربي قومياً، إلى شعب، ومن حالات تاريخية ونضالية إلى حالة سياسية، ربما للإجابة على سؤال شارل مالك، وزير خارجية لبنان سابقاً (وآخرين) حيث أوجد اتفاق سايكس ـ بيكو لتقسيم بلاد الشام هذه الحالة: أربع دول وخمس شعوب. في الحالة التاريخية ـ النضالية، رفع الفلسطينيون ضد الانتداب شعار "فلسطين سورية الجنوبية" وفي الحالة النضالية ـ السياسية رفعوا شعار: "القرار الوطني المستقل"! تبقى فلسطين قضية، وتاريخاً، ونضالاً، لكنها الآن، أولاً، مشروع سياسي للكينونة السياسية الدولانية. في المقابل، فالمسألة اليهودية الأكثر حضوراً من القضية الفلسطينية في العالم الغربي بخاصة، تحولت إلى قضية سياسية، ولكنها تبقى أكثر أهمية للعالم الغربي من الحالة السياسية الفلسطينية. يهود إسرائيل انشقوا دينياً وسياسياً، أساساً، عن عالم غربي ذي تقاليد ديمقراطية، والفلسطينيون "انشقوا" سياسياً لا دينياً ولا قومياً عن عالم عربي ذي تقاليد غير ديمقراطية. المهم، عاد الصراع إلى جذره: صراعاً فلسطينياً ـ إسرائيلياً، دافعاً إلى الوراء صفته صراعاً عربياً ـ إسرائيلياً (أو إسلامياً ـ يهودياً كما يقول البعض)، ومعه تصاعدت نزعة شوفينية فلسطينية في "تعظيم" الشعب، وإلى جانبها "تأثيم" قيادته! الواقع أن أبرز قيادة فلسطينية، وهي الرئيس ـ المؤسس ياسر عرفات قال متملقاً شعبه: الشعب الفلسطيني أعظم من كل قياداته: السابقة، والحالية، واللاحقة، لكنني لا أرى في "تعظيم" الشعب و"تأثيم" قياداته أمراً صائباً على الدوام. لماذا؟ الشاعر القومي للشعب، قال بمرارة بعد الاقتتال الفلسطيني في غزة، لما صارت القضية من تاريخية لنضالية، ومن نضالية لسياسية: "أنت، منذ الآن، غيرك" و"كم كذبنا حين قلنا إننا الاستثناء". لقد كفّت إسرائيل عن مطالبة عرفات في حياته أن يقتدي بسفينة "التالينا" لأن غزة كانت أكبر من "أرمادا" فلسطينية من "التالينا" اليهودية. كانت هناك انقسامات فلسطينية، بفعل جذب عربي في مرحلة الفصائل، وبخاصة في طرابلس ـ لبنان، ولكنها كانت انقسامات سياسية ـ نضالية، وانحيازاً فصائلياً محدوداً لهذا النظام العربي أو ذاك (وبخاصة النظامين السوري والعراقي). أن يصير الفلسطينيون من طائفة عربية إلى شعب، وحتى من "وطنية قطرية" إلى مشروع "أمة ـ دولة" يجرّ معه حالة مأزومة من "تعظيم" الشعب وتنزيهه و"تأثيم" القيادة القاصرة عن عظمة الشعب! موجة "النبذ" العربية للفلسطينيين (يهود العالم العربي!) وبخاصة في سورية، الأكثر عروبة وفلسطينية، رفعوا في وجهها "سوري وفلسطيني واحد" في المحنة، والدم، والمصير. لا اعتراض لدي على القول إن "مخيم اليرموك" هو عاصمة الشتات الفلسطيني، ولكن مخيمات الشتات ليست "غيتوات" عن محيطها، بل مراكز جذب له، وتحوي كل التناقضات والاتجاهات السياسية والفكرية التي تخوض صراع وجود على مستوى المنطقة. إذا مرض الشعب السوري، الأكثر عروبية، بالطائفية والمذهبية والدينية، فقد مرض، أيضاً، بنوع من "تجارة الرقيق الأبيض". وبما أن نصف مخيم اليرموك من السوريين، ومحيطه سوري تمام، فما ينطبق على الحالة السورية ينطبق، ولو جزئياً على الحالة الفلسطينية.. ولو رمزياً! محمد بكري أنجز شريطاً صادماً ـ شفافاً بعنوان "يرموك". ليس وثائقياً ولا روائياً، فثارت عليه ضجّة شعواء تصرّ على أن الفلسطينيين والفلسطينيات هم "الاستثناء". طرح المعترضون سجالات سخيفة: اين "أل" التعريف في "يرموك"، مع أن حذفها مقصود. لماذا لم يبع سيارته بدل ابنته (من يشتري سيارة في مخيم محاصر)؟ كيف اشترى فاكهة وخبزاً ولم يشتر لحماً؟ وأين وجد هذا في مخيم يعاني من الموت جوعاً. إذا كان "فلسطيني وسوري واحد" فيجب أن نشخّص الحالة بغير شعار عروبي وقومي.. بل بواقع اجتماعي. لا أحد ينكر أن "الفلسطينية" هي سيدة نضال المرأة العربية بل والعالمية، لكن الجوع كافر، ومحمد بكري استعار استعارة فلسطينية غير مكنيّة من واقع عربي مرّ. في ضائقة "اليرموك ـ يرموك". نسي الفلسطينيون ضائقة مخيمات لبنان بعد خروج القوات من بيروت، حيث كانت المنظمة تصرف لعائلات الشهداء 500 ليرة شهرياً، لمّا كانت كل 3 ليرات ونصف في قيمة الدولار، ثم صار الدولار بـ 2600 ليرة، ولم يعد مخصص عائلة الشهيد يشتري "ضمّة بقدونس".. إلى أن تداركت المنظمة هذا الأمر. الفلسطينيون قاتلوا في كل بلد عربي محيط، وتقاتلوا فيه وفي البلاد، ويكفيهم فخراً أنهم يواجهون أقوى دولة إقليمية وأقوى دولة عالمية.. وهم منقسمون. .. لكنهم شعب، ولكل شعب له ما له وعليه ما عليه. لسنا "الشعب المختار" عربياً، ولا اليهود "الشعب المختار" عالمياً. الفرد يمرض والشعوب والأيديولوجيات والتقاليد والعادات... إلخ!!

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أيها الفلسطينيون قليل من التواضع أيها الفلسطينيون قليل من التواضع



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 06:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تنعم بأجواء ايجابية خلال الشهر

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 09:20 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

فوائد صحية وجمالية لعشبة النيم

GMT 18:17 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

إنجي علي تؤكّد أن مصر تتميز بموقع فني عالمي رفيع

GMT 13:10 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الــ " IUCN"تدرج "الصلنج" على القائمة الحمراء

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia