سأزور سورية

سأزور سورية ؟

سأزور سورية ؟

 تونس اليوم -

سأزور سورية

حسن البطل

هل مات الرائد بسام؟ تقاعد! انشق. هو من كتب القرار ضدي 1993: ممنوع من دخول سورية.. إلى الأبد، بصفته رئيس قسم فلسطين في استخبارات الجيش السوري. قبل أمر المنع، كنتُ أزور سورية حتى العام 1982، موطن نشأتي من النكبة ودراستي من الحضانة إلى الجامعة، ومن ذلك العام حتى قرار الحظر الصادر، رغم وساطات، كنت أزور أهلي فيها بتواطؤات لطيفة. في المطار، قادماً من قبرص، يقولون: اذهب إلى الضابطة الفدائية. ابن عمي صديق مدير الضابطة، وهو بعثي طيب يسكن مخيم اليرموك. نزوره صباحاً، فيطلب من موظف الأرشيف ملفي السميك. لا يفتحه. في المساء نزوره فيطلب من موظف آخر للأرشيف ملفي وهو على طاولته من الصباح. لا ملفّ! وفي اليوم التالي يعيده الموظف الصباحي إلى الأرشيف. في أيلول 1993، وقت إعلان أوسلو، كنت في الشام مصادفة، في مطار دمشق: اذهب إلى الضابطة. ذهبت وكان المسؤول الطيب تغير. اذهب إلى فرع فلسطين في استخبارات الجيش السوري. الرائد بسام أبرز لي مقالات في "فلسطين الثورة" ضد مشاركة سورية في "تحرير الكويت" قال: أنت ابن سورية.. وستموت فيها وتُدفن.. لا تكتب ضدها. اذهب إلى الأرشيف لعمل ملف أمني لك، غير ملف الضابطة. موظف الأرشيف كان غبياً، ومن أسئلته: من هم أصدقاء طفولتك في المدرسة الابتدائية؟ قلت: قد لا أتذكّر أسماء أصدقاء سقطوا في الحرب الأهلية اللبنانية! عدت إلى قبرص، وكتبت ساخراً من غباء الاستخبارات العسكرية السورية، ومن المقدم بسام، الذي تلفن لابن عمي وأخي: ممنوع من دخول سورية.. إلى الأبد! إسرائيل يهمها من حَمَل السلاح ضدها، ولا يهمها كثيراً من حَمَل القلم.. لكن الحال في سورية معكوسة، فمن حملوا السلاح ضد التدخل السوري بلبنان سامحوهم، ومن كتب ضد سورية.. ممنوع إلى الأبد؟ طالت غربتي عن سورية، وفي الغربة ماتت أُمي، ولحقها شقيقي، وشقيقاي الأكبران، وابنة شقيقتي. كل الوساطات لاقت الصدّ، رغم أن ملفي العدلي من أنظف الملفات في سورية، حسب قولهم.. لكن الملف السياسي؟ فإلى مقالة يوم 26 شباط الماضي: "أبو مازن المحير؟ شريك ـ لا شريك؛ وسيط ـ لاعب" فقد قرأها قارئ مزمن لي من أيام قبرص وبيروت، وصار أحد الوسطاء في دور أبو مازن الذي قال "جنيف 2 من صناعتنا"، وكان الوسيط "مفك براغي"، و"مفتاح إنكليزي" ولما عرف بنبذ سورية لي، قال: سأدبرها.. سأشيل الاسم! قرّاء آخرون ذيلوا المقالة متشكّكين: الأحرى بأبو مازن أن يقنع أوباما ليقنع إسرائيل بإخلاء المستوطنات؟ الأحرى أن يرفع الحصار عن مخيم اليرموك.. إلخ من استحقاقات كهذه! قال بعض الشعراء إن سورية هي سورية، ومشكلة سورية هي تداخل محلي وإقليمي ودولي مأزوم، يسمح بتدخل وسطاء.. لكن فلسطين ـ إسرائيل ـ أميركا شيء آخر، فأميركا تحتكر الحل، وما تراه من حلول هي أقرب إلى مصالحها الاستراتيجية الأقرب إلى مصلحة إسرائيل من مصلحة فلسطين. الوسيط، أعطاني خفايا معلومات الدور الفلسطيني، وهذا الدور حلحل جزئياً أزمة مخيم اليرموك، وهي المرتبطة بالوضع السوري العام، وبحماقة بعض الفصائل الفلسطينية الموالية للنظام؛ وبعض فصائل المعارضة ضد النظام. .. ومن ثمّ، قد أزور سورية، ليس على منوال "عودة الابن الضال".. لكن، بعد هدوء حروبها والحرب عليها، إذا طال العمر بي. بين "سوراقيا" و"داعش" ! الحكم الاستبدادي مثل مرض جلدي طويل ومزمن، لكن الحكم الأصولي مثل داء السرطان ينخر في العظام. بناء على هذه المقارنة أنسج موقفي من الحرب في سورية وعليها. الآن، فظاعات الحرب، وفظاعات "داعش".. ومن قبل كانت مجلة فصلية تدعى "سوراقيا" (سوريا والعراق) يموّلها العراق قبل حربه مع إيران وغزوة الكويت. قيّض لي أن أعيش تحوّلات سورية، وخاصة صعود حافظ الأسد؛ وتحوّلات العراق، وخاصة صعود صدام حسين، وتحوّلات لبنان في حربه الأهلية.. والآن، تحوّلات فلسطين ـ إسرائيل منذ أوسلو. أنا جغرافي أكاديمي من جامعة دمشق، وما عشته من تحوّلات بلاد الشام والعراق، أكّد لي صوابية نظرية أنطون سعادة، لكن العراق شيء آخر غير بلاد الشام. على ذكر فظاعات "داعش" وممارستها الأخيرة بتطبيق "حدّ الحرابة" على السارق بقطع يده، فقد كانت هذه العقوبة "الحمورابية" ناجعة لما كانت ممتلكات المسروق أساسية، وحرمانه منها يهدّد حياته. في أميركا كانت سرقة الحصان عقوبتها الشنق على أغصان الشجر، لأن الحصان كان وسيلة حياة يهلك من دونها صاحبها. تغيّرت الدنيا، ولا تتغيّر العقليات المتحجّرة من الجماعات الغازية لبرّ الشام. لن ينجو النظام من تأثيرات سقوط "حاجز خوف" الشعب منه، لكن الجماعات الإسلامية المتطرفة تحاول "السطو" على تاريخ سورية والعراق، واحتلال عقول الشعوب هناك.. عبثاً؟ تفتّح دين الإسلام بعد غزو موطن الحضارات: سورية والعراق وإيران والحروب مع "الروم"، والآن؟ يكفي ما قاله ابن خلدون عن الأعراب ـ البداوة والحضارات. إنهم يصنعون خليطاً متفجراً من الإسلام الحنيف، والإسلام الضعيف، والإسلام العنيف، سيودي بهم قبل أن يودي بسورية. سأزور سورية. الفاتحة على قبور الراحلين من عائلتي .. ورحلة بالقطار من دمشق إلى حلب إلى الجزيرة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سأزور سورية سأزور سورية



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:04 2016 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

القثاء المرّ لعلاج السكري على الفور

GMT 03:59 2013 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

"HP" تطلق أول حاسب يعمل بنظام التشغيل "كروم"

GMT 07:24 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مبهرة من التنورة "الميدي" للمسة أناقة في الشتاء

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 11:13 2016 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

لسان عصفور بالبارميزان و الريحان

GMT 22:55 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

تسريحات شعر أنيقة للمرأة العاملة

GMT 20:42 2018 الجمعة ,21 أيلول / سبتمبر

جماهير الأهلي تخلد ذكرى خالد قاضي في المدرجات

GMT 22:52 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

البشير يقيل رئيس هيئة أركان الجيش السوداني

GMT 14:56 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

مايا دياب تؤكد أن لبنان يعاني ويلفظ آخر أنفاسه بسبب كورونا

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

طريقة مبتكرة لوضع "الماسكارا" للحصول على رموش كثيفة

GMT 10:40 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

طريقة إزالة طلاء الأظافر عن المفروشات الجلد والعناية بها
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia