لبنان عجيبة الجمهوريات العربية

لبنان عجيبة الجمهوريات العربية !

لبنان عجيبة الجمهوريات العربية !

 تونس اليوم -

لبنان عجيبة الجمهوريات العربية

حسن البطل

ابن أبيه انضم إلى "نادي رؤساء الحكومات" في لبنان، دون زهرة قرنفل في عروة سترته، وسيجار غليظ في أصابع يده. لكن، ليس دون شعارات أبيه الثلاثة وهي: الفهم والتفهُّم. لبنان واحد لا لبنانان. لا غالب ولا مغلوب! هذا هو تمام سلام، نجل صائب (بيك) سلام، الرئيس المكلّف 11 شهراً برئاسة حكومة، تخلف حكومة تصريف الأعمال، برئاسة نجيب ميقاتي، التي خلعت حكومة فؤاد السنيورة. لبنان، الجمهوري ـ البرلماني فريد الجمهوريات العربية، ليس لأن "نادي رؤساء الحكومات" أو رؤساء الأحزاب والطوائف يتم، غالباً، بالتوريث، بل لأن ديمقراطية النظام الجمهوري ـ البرلماني تتعكّز، في الملمّات التي تعقب "حروباً أهلية" على الجيش. ثلاثة من رؤساء الجمهورية اللبنانية، كانوا قادة الجيش: فؤاد شهاب، إميل لحود، والرئيس الحالي ميشال سليمان.. وقد نضيف إليهم العماد ميشال عون، الذي كان يشبه "رئيساً عرفياً" غير منتخب للجمهورية بعد رئيس الجمهورية الكتائبي أمين الجميل، الذي انتهت فترة رئاسته دون الاتفاق على انتخاب خلف له. حكومة تمام سلام، المعلنة بعد يوم من "عيد الحب" هي، نظرياً، حكومة "وحدة وطنية" بوزرائها الـ 24 (23 رجلاً وامرأة وحيدة)، وتشكّلت حسب وصية النبي محمد: ثلث للطعام، ثلث للشراب، وثلث لراحة المعدة؟.. أو ثلث من معسكر 14 آذار (سعد الحريري وحلفائه) وثلث آخر من معسكر 8 آذار (حزب الله وحلفائه) والثلث الأخير من المعسكر العازل بين المعسكرين. التوافق على "الحكومة التوافقية" استغرق 11 شهراً، فكم شهرا يلزم للبنان للتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية يخلف العماد ميشال سليمان الذي تنتهي ولايته الدستورية في آذار المقبل، علماً أن ولاية الرئيس من ست سنوات غير قابلة للتمديد والتجديد، باستثناء تمديد ولاية الرئيس "الزحلاوي" إلياس هراوي (الموالي لسورية) فترة سنتين بعد تعذّر الاتفاق على رئيس جمهورية توافقي، إلى أن تمّ انتخاب العماد إميل لحود (الموالي لسورية). كان العماد ـ الرئيس ميشال عون قد قاد و"تمرد" ضد "جميع الاحتلالات" السورية والفلسطينية وضد ميليشيات الأحزاب الطائفية.. لكن "التيار العوني" صار حليفاً للنظام السوري، ما تسبب بشق الطائفة المسيحية المارونية التي ينتمي إليها هو والحليف الماروني لسورية "تيار سليمان فرنجية" الذي كان رئيساً مارونياً وحليفاً لسورية ـ حافظ الأسد، بينما لم يشارك "حزب القوات اللبنانية ـ سمير جعجع" في الحكومة، لأنه ضد "حزب الله" في الحكومة وضد تحالفه مع سورية، وتدخُّله في حروبها. المسألة ليست هنا، بل في أن صائب سلام، والد تمام سلام، كان رئيساً للحكومة وقت كان الانقسام السياسي ـ الطائفي والتقاسم الحكومي في لبنان بين المسلمين والمسيحيين، أو بالأحرى بين السُنّة والموارنة. الآن، صار الانقسام السياسي ـ الطائفي بين الشيعة وحلفائها (حزب الله، خصوصاً) وبين السُنّة.. ولكل فريق تحالفاته مع قيادات مسيحية. حكومة تمام سلام عبارة عن تسوية لبنانية هي تسوية عربية في الواقع بين التيار السعودي متمثلاً في سعد الحريري، خلفاً لأبيه المغدور رفيق الحريري؛ والتيار السوري متمثلاً في "حزب الله"، وأيضاً في الحزب السوري القومي الاجتماعي، وبعض أجنحة الحزب الشيوعي. هذا يعني، لبنانياً، أن المحكمة الدولية الخاصة بالتحقيق في اغتيال رفيق الحريري لن تصدر حكمها بإدانة عناصر من حزب الله أو النظام السوري بجريمة الاغتيال. وقد يعني أن حزب الله لن يفجّر مواجهة مسلحة أخرى مع إسرائيل لتعطيل الحكم المتوقع بإدانته من المحكمة الدولية، على رغم فقدانه في الحكومة السابقة ما يدعى بـ "الثلث المعطِّل" حيث كان له غالبية الحقائب الحكومية (9 حقائب). الانقسام اللبناني الأول، أواخر الخمسينيات من القرن المنصرم كان بسبب "عروبة لبنان" أو "استقلالية لبنان" إبّان المدّ الناصري، وتسبّب في حرب أهلية، انتهت بتدخل الجيش بقيادة فؤاد شهاب. الانقسام اللبناني الثاني، أواسط سبعينيات القرن المنصرم كان بسبب الوجود المسلح الفلسطيني، وتسبّب في حرب أهلية مطوّلة، وخروج القوات النظامية الفلسطينية، وكان بوجه عام، حرباً بين ميليشيات مسيحية وأخرى إسلامية. الانقسام الثالث كان ولا يزال من أوائل تسعينيات القرن المنصرم، بسبب الخلاف على "المقاومة اللبنانية" بقيادة "حزب الله" ودعم إيران وسورية لها (أو للحزب). بذلك، يمكن اعتبار الانقسامات والحروب الأهلية اللبنانية "باروميتر" للواقع العربي المتغيّر، والتدخل الإقليمي والدولي تبعاً لتغير الواقع العربي. يهمنا كفلسطينيين أن تستقر "الصيغة اللبنانية"، المعدّلة والمتداخلة، لأن انفجارها بين "المعسكر السوري" و"المعسكر السعودي" قد يؤدي إلى وضع الفلسطينيين، الدقيق والصعب، في لبنان في محنة جديدة، بعد محنتهم في سورية. لبنان بلد العجيبة العربية المتحوّلة تبعاً لتحوّل الواقع العربي.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان عجيبة الجمهوريات العربية لبنان عجيبة الجمهوريات العربية



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia