حسن البطل
هل، حقاً، أبو مازن.. فلسطيني؟". هكذا عقّبت "فيسبوكياً" السيدة نوال، الفلسطينية ـ الكندية على سياسة الرئيس الفلسطيني وإدارته للأزمة الكبيرة (التفاوضية) والجانبية (مخيم اليرموك).
تساؤل معيب؟ منكر؟ تشهير وإساءة سمعة.. أو هو تجنّ يقترب من الجناية. إنها زميلة سابقة، وابنة مخيم اليرموك، ونشيطة سابقة في حزب فلسطيني ـ سوري يحمل اسماً له وقع: "حزب العمال الثوري الفلسطيني". أظن أن أحد المنظّرين الماركسيين لسياسة التحالفات قال: تحييد الخصوم، كسب المحايدين، زيارة الأنصار.. ولعلّ رئيس السلطة، المعترف بها دولة معلنة من الجمعية العامة، يدير سياسة دولة قائمة، حسب ذاك المنظّر الماركسي.
نضع جانباً الإدارة الفلسطينية للأزمة الكبيرة التفاوضية مع أميركا وإسرائيل، ولنأخذ جانب إدارة الأزمات "الجانبية".
سياسة كندا، بلد اللجوء للسيدة نوال، أقرب الى صف الخصوم، فهي لم تصوّت إلى جانب فلسطين في طلبها عضوية دولة مراقب في الجمعية العامة، ورئيس وزراء كندا، ستيفن هاربر، قال خلال زيارته لإسرائيل: "كندا معكم.. في الماء والنار". ماذا قال خلال زيارته لرام الله وفي مؤتمر صحافي مع رئيس السلطة؟ "آمل بقيام دولة فلسطينية ديمقراطية، وقابلة للحياة، وتنعم بالسلام".
ماذا قال رئيس السلطة عن موقف كندا في تصويت عضوية دولة فلسطين مراقبة؟ "نحن نحترم إرادة الشعوب والدول وقراراتها فهي دول مستقلة ذات سيادة من حقها أن تقرر ما تريد"!
هي، إذاً، سياسة "تحييد الخصوم" ونحو "كسب المحايدين" لأن موضوع التصويت هو "موقف" عابر أما تأييد "دولة فلسطينية ديمقراطية" هو "سياسة" جديدة.
في النتيجة العملية وقع، خلال الزيارة لرام الله، وزير التنمية الدولية الكندي على منحة بقيمة 40 مليون دولار كندي (حوالي 37 مليون دولار أميركي) لدعم التنمية الفلسطينية ومشاريع القطاع الخاص.
كندا هي عضو في المحادثات متعددة الأطراف، بعد أوسلو بقليل، لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وسيأتي دورها ـ كما قال الرئيس ـ في مؤتمره مع رئيس الوزراء، لاستيعاب من يرغب بالهجرة إليها، وفق موضوعة كلينتون خماسية الخيارات لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين.
العودة إلى ما يسمى إسرائيل، مواطنية دولة فلسطين، تجنيس من يريد في دول اللجوء، التعويض، الهجرة إلى بلد آخر).
تحتاج كندا الشاسعة وقليلة السكان إلى أيد عاملة في البناء مثلاً، وإلى خبرة في "الزراعة الحثيثة، ومهاجرين ذوي تعليم أكاديمي عال.. وهي صفات تتوفر لدى اللاجئين الفلسطينيين.
يعرف أبو مازن، أنه بعد "الخروج الثاني" الصغير للفدائيين من بيروت 1982، سيأتي دور "الخروج الثالث" الكبير من دول الجوار العربي، بدلالة ما يحصل في سورية، وقبلها في العراق وليبيا، دون أن نشير إلى وضع اللاجئين في لبنان؟
سياسة أميركا تؤيد تفاوضاً يؤدي لقيام دولة فلسطينية، وسياسة كندا قريبة من السياسة العامة للولايات المتحدة، وسنرى كيف ستصوت كندا، بعد زيارة لإسرائيل وفلسطين، حول عضوية فلسطين في المنظمات الدولية.
أميركا، أيضاً، مع إسرائيل في "النار" وتحاول أن تكون إسرائيل معها في "الماء" أي السلام التفاوضي!
المهم، بعد يومين من زيارة أولى لرئيس وزراء كندا لرام الله، سيؤدي رئيس السلطة والمنظمة زيارة إلى روسيا تستمر أربعة أيام. هذه زيارة فلسطينية أخرى لموسكو الصديقة، ومع أن "حق الزيارة" ثلاثة أيام، لكن اليوم الرابع سيكون للقاء رؤساء الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، ربما للبحث في لقاء قمة متوقع بين رأسي الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية في فلسطين، إبّان زيارة بابا روما في الصيف المقبل للديار المقدسة، وستكون ثاني قمة مسيحية منذ نصف قرن!
للعلم، فإن أبو مازن رئيس قديم لجمعية الصداقة الروسية ـ الفلسطينية، ونال شهادة الدكتوراه من جامعة روسية حول المسألة الفلسطينية ـ الإسرائيلية.
روسيا مشغولة بسورية وإيران أكثر من فلسطين، لكنها عضو في "الرباعية" التي تؤيد المساعي الأميركية لحل المسألة الفلسطينية ـ الإسرائيلية.
كانت دول "المنظومة الاشتراكية" تؤيد م.ت.ف، وصارت أقرب إلى الحياد، أو حتى تأييد إسرائيل، خلافاً لدول أوروبا الغربية، رغم عضويتها في الاتحاد الأوروبي.
لتشخيا، التي كانت جزءاً من تشيكوسلوفاكيا تمثل في رام الله، لكن سفيرها لدى إسرائيل زار مستوطنة "أريئيل". فاستدعته الخارجية الفلسطينية للاحتجاج، وكذلك استدعت ممثل استراليا للاحتجاج على تصريحات وزيرة خارجيتها، جولي ييشوب، التي انتقدت ضغوطاً أوروبية على الاستيطان اليهودي.
هكذا، تدير "السلطة" سياسة "دولة" في علاقاتها الخارجية، وأيضاً في علاقاتها العربية.. ورغم المواقف "الميدانية" و"الوطنية" إزاء محنة الفلسطينيين في سورية، فإن سياسة السلطة أثمرت نتائج جزئية في حصار مخيم اليرموك.
لا مكان لسؤال "نوال". هذا ليس تشهيراً أو إساءة سمعة، بل هذا تجنّ يقترب من الجناية؟