أنصاف حقائق حول حصار اليرموك

أنصاف حقائق حول حصار "اليرموك"

أنصاف حقائق حول حصار "اليرموك"

 تونس اليوم -

أنصاف حقائق حول حصار اليرموك

حسن البطل

في يوم ما، من العام 1976 تظاهر مخيم اليرموك احتجاجاً على التدخل العسكري السوري في لبنان، ضد المقاومة الفلسطينية المتحالفة مع الحركة الوطنية اللبنانية (القوات المشتركة). رفعت الأسد، شقيق الرئيس حافظ الأسد، وقائد "سرايا الدفاع" أرسل من يحذّر المتظاهرين: لدينا مدافع على جبل قاسيون. ليس مخيم اليرموك أعزّ علينا من مدينة حماة. توقفت مظاهرات الاحتجاج! لن نحكي عن صمود وسقوط مخيم تل الزعتر في الضاحية الشرقية لبيروت، ولا عن دعم النظام السوري للواء السادس في الجيش اللبناني، وحركة "أمل" ـ (أفواج المقاومة اللبنانية) في الحرب على مخيم صبرا. لنقل إن سياسة النظام السوري أقرب إلى "الظلم بالسوية عدل في الرعية" إزاء السوريين واللاجئين الفلسطينيين المتساوين أمام القانون السوري. كتب زميلي اللبناني إلياس خوري، المعارض اللدود للنظام السوري، في صحيفة "القدس ـ العربي" اللندنية مقالة عنونها "فلسطين الشمالية" عن فوضى الحرب الأهلية في سورية. كان الرئيس اللبناني ـ الكتائبي أمين الجميل، قد قال بعد قصف بيروت الشرقية بالمدفعية السورية: سيأتي يوم ترتدّ فيه المدافع نحو دمشق! ها أن سورية في حالة احتراب تناحري، طال المخيمات الفلسطينية في سورية. لماذا؟ جورج صبرا، رئيس المجلس الوطني السوري ـ المعارض للنظام، صرح بقوله: اليرموك أرض سورية محررة. من حقنا أن نعمل فيها؟ للنظام السوري، كما نعرف، سياسة "قومية" إزاء فلسطين، مردفة بسياسة "فصائلية" تتعارض معها. ومن ثم؟ عادى حركة "فتح" وحلفاءها، وقرّب إليه "القيادة العامة ـ أحمد جبريل" ثم حركة "حماس" وسمح لهما بحرية مراقبة من جانبه في العمل التنظيمي والتواجد المسلح والمحدود في المخيمات. والآن، هاكم أنصاف حقائق حول حصار مخيم اليرموك (لأن للحقيقة وجهين.. ووجوها)، ويستحسن النظر إلى خريطة المواقع حسب "جوجل إيرث". في الشمال الغربي من المخيم يفرض الجيش طوقاً على المخيم من ناحية حي "التضامن" وحي "القدم". في الجنوب الشرقي هناك بلدة "ببيلا" ثم "الحجر الأسود".. ثم درعا التي تسيطر على ضواحيها قوات المعارضة، ثم طريق التسلل من الأردن.. مفتوح! ما معنى ذلك؟ بعد حي "التضامن" هناك حي "الميدان" الدمشقي، ثم "سوق الحميدية" القريب من ساحة "المرجة"، مركز دمشق القديمة. تريد المعارضة المسلحة تحرير دمشق ـ العاصمة انطلاقاً من سيطرتها على المخيم، الذي هو "كعب آخيل" العاصمة دمشق.. والنظام. المدفعية والدبابات السورية النظامية تردّ على محاولات التقدم لمسلحي المعارضة. السؤال، إزاء حصار المخيم القاسي، وموت 44 من سكانه جوعاً، هو: إذا كانت قوات المعارضة تسيطر على جنوب المخيم، فلماذا لا يقوم كل مقاتل فيها بحمل "ربطة خبز" مثلاً، إلى الجياع، وهم حوالي ستة آلاف عنصر مسلح! لا أدافع، قط، عن سياسة النظام السوري "القومية" إزاء فلسطين، ولا أهاجم سياسته "الفصائلية". هذا جزء من الحقيقة وذاك جزء آخر؟ لكن، إذا كانت مصلحة المعارضة هي إسقاط النظام و"تحرير" دمشق ـ العاصمة، فمن الواقعي أن يدافع النظام عن نفسه والعاصمة، وأن لا يثير في وجهه عداء للفلسطينيين بعامة، وسكان المخيمات في سورية بخاصة، وأن يستعين بحلفائه من الفصائل الموالية له في المخيم. ماذا عن منظمة التحرير وقيادتها؟ والنقد المتجني على موقفها من حصار اليرموك؟ مخيم اليرموك، والمخيمات بعامة، ليست "غيتو" للاجئين الفلسطينيين، بل مراكز جذب اقتصادية وسكنية وسياسية.. ثم مسلحة، كما يعرف كل من عاش مخيمات لبنان (عين الحلوة مثلاً أو مخيم صبرا). رسمياً، قيادة المنظمة على الحياد إزاء فوضى "الربيع العربي" لكن شعبياً يصعب الوقوف على الحياد، وخاصة نظراً للامتزاج السوري ـ الفلسطيني الذي عزّ نظيره! كل دول الجوار السوري تتدخل سياسياً وعسكرياً، إلاّ منظمة التحرير التي تتدخل إنسانياً، إزاء "نكبة" أخرى، وعرقلة إدخال المعونات للمخيم تتحمل مسؤوليته الجهات والفصائل التي ترى في المخيم أرضاً سورية محرّرة، ومنصة وثوب لتحرير دمشق وإسقاط النظام. لدى المنظمة متاعب تكفيها في لبنان (محاولة استجرار المخيمات للنزاع اللبناني) وكذلك مضاعفات أزمة مصر مع حركة "حماس" وتأثيرها على سياسة مصر الفلسطينية، وانعكاسها السيئ على موقف مصر الشعبية.. هذا إلى انشغالها الشديد بجهود تسوية الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي... ومن قبل كان العراق، ومن بعد العراق ليبيا.. إلخ! إن القنوات الفضائية الخليجية بخاصة ("الجزيرة" و"العربية") جزء من "بروباغندا" إعلامية مضادة للنظام السوري، وتقدم تغطية منحازة إلى المعارضة المسلحة. قال، بالأمس، رئيس المنظمة، الذي يعرف سورية تماماً: "من دخل المخيمات خونة للقضية ولشعبنا، إن لم يكن لدينا كلمة خير فلنصمت. إذا أراد الفلسطينيون أن يقاتلوا فمعروف أين.. وليس في اليرموك. كنّا نتمنّى على الجماعات المسلحة أن يبعدوا عن المخيمات، لكن المبلغ المدفوع لهم أكبر من الخروج من المخيم. علينا مساعدة أهلنا هناك، لأنهم جزء منا". ملاحظة: كاتب هذه السطور فلسطيني ـ سوري ممنوع من دخول سورية "إلى الأبد" جزاء نقده لسياسة النظام "القومية" و"الفصائلية".  

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنصاف حقائق حول حصار اليرموك أنصاف حقائق حول حصار اليرموك



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 06:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تنعم بأجواء ايجابية خلال الشهر

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 09:20 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

فوائد صحية وجمالية لعشبة النيم

GMT 18:17 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

إنجي علي تؤكّد أن مصر تتميز بموقع فني عالمي رفيع

GMT 13:10 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الــ " IUCN"تدرج "الصلنج" على القائمة الحمراء

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia