رائحة انتصار في النقب

رائحة انتصار في النقب!

رائحة انتصار في النقب!

 تونس اليوم -

رائحة انتصار في النقب

حسن البطل

وحدة حال، في غير مجال، بيني وبين عضو الكنيست أحمد الطيبي. هو وقف على المنصة، في ذروة "أليكسا" وسكب ماء على نص مشروع برافر ـ بيغن، وقال: "بللوه واشربوا ماءه".. أما أنا فكنت أبلل الخبز للعصافير واضعه على افريز النافذة المثلجة! المشروع الذي أعلن في حزيران واجتاز القراءة الأولى في الكنيست، "ثم إيقاف النظر فيه بصيغته الحالية" كما أعلن الليكودي بيني بيغن في مؤتمر صحافي، علماً أن بيغن وضع مشروع الاقتراح بعد جولات ميدانية وحوارات، استمرت عاماً مع عشائر وقبائل وشخصيات بدو النقب، وجاء مسؤول التخطيط في مكتب نتنياهو، ايهود برافر، مع تعديله نحو التشدّد فصار مشروعا يحمل اسم برافر ـ بيغن! في القراءة الأولى مرّ المشروع بغالبية 44 صوتا ضد 40، ويوم 12 كانون الأول أعلن صاحبه الأساسي عن ايقاف النظر فيه بصيغته الحالية. لم يسقط المشروع بأصوات النواب العرب في الكنيست بالطبع، وحكومة الائتلاف الأكثر يمينية تجتاز بسهولة تصويتات الثقة بها في الكنيست.. فلماذا أعلن رئيس الائتلاف، ياريف ليفين، أن لا احتمال للموافقة على قانون برافر في القراءتين الثانية والثالثة. الجواب موجود في مؤتمر بيغن الصحافي عن وقف المشروع، وهو ان "اليمين واليسار، العرب واليهود عملوا معاً من خلال استغلال ضائقة الكثير من البدو بهدف تعكير الجو لأهداف سياسية (..) عملنا كل ما في وسعنا، لكن علينا أن نعترف بالواقع أحياناً"! اليمين عارض المشروع، لانه يقدم "تنازلات" للبدو.. واليسار عارض لأن المشروع يقحم الحكومة في "صراع قومي" مع البدو ومع الشعب الفلسطيني في اسرائيل، وقد يتسبّب في انتفاضة، وأنصار البيئة عارضوا لأسبابهم، وحتى البلدات اليهودية القائمة في النقب تحفظت أو عارضت مشروعا "تهويدياً" ملحقاً بإقامة ست بلدات يهودية، لأنه سيجرف السكان منها إلى البلدات الجديدة، والأحرى تقوية البلدات اليهودية القائمة و"مركزتها" بدلاً من "مركزة" الانتشار البدوي. كل هذا صحيح، لكن لولا هبة البدو، وتضامن الشعب الفلسطيني في اسرائيل (والأراضي المحتلة، وعواصم العالم) لكان المشروع سيمرّ في الكنيست. بدأ مسار "فلسطنة" من تسميهم اسرائيل "عرب اسرائيل" انطلاقاً من "يوم الأرض" 30 آذار 1976، وما بعده، وبدأ مسار فلسطنة من تسميهم اسرائيل "بدو النقب" منذ بدء معركة الاعتراف بالقرى الأربعين في النقب. تجلّى العناد البدوي بإعادة بناء قرية العراقيب 61 مرّة وكان هذا العناد فتيل البارود الذي اشتعل غضباً وتهديداً صريحا بالبدء في انتفاضة، تعني انهيار السياسة البدوية للحكومة، وقد يليها انهيار السياسة الدرزية.. وأخيراً تمييز "عرب اسرائيل" عن "عرب يهودا والسامرة".. فالجميع فلسطينيون وينتمون إلى شعب واحد، كما تجلّى الأمر في "هبة اكتوبر" 2000 في الجليل والمثلث تضامناً مع الانتفاضة الثانية. ألقت حكومات إسرائيل بالحطب على الجمر، بإعلانها مشروع توسيع تهويد النقب، وزادت النار ضراما، بإعلانها مشروعاً آخر لتهويد قلب الجليل (سهل البطوف)، لقلب التوازن الديمغرافي فيه لصالح "التهويد" ناهيك عن مشاريع التهويد المتسارعة في الاراضي الفلسطينية. لا يعني ايقاف المشروع التهويدي بصيغته الحالية ان الحكومة لن تلجأ لصيغة اخرى اكثر التواء، بدليل ان مشروع تهويد قلب الجليل لم يتوقف، لكن اسرائيل المتهمة دولياً بممارسة سياسة التمييز والعزل العنصري تخشى تعميم الاتهام لسياستها ازاء رعاياها الفلسطينيين. ان طي مشروع برافر ـ بيغن في صيغته الحالية يوجه ضربة لمطالب حكومة نتنياهو من السلطة الفلسطينية الاعتراف بـ "يهودية إسرائيل". طالما أن رعاياها الفلسطينيين تحت وطأة تمييز قومي ـ عنصري يمنع عن اسرائيل شرط الدولة الحديثة لجميع مواطنيها. سياسة "الأسرلة" إزاء الفلسطينيين في إسرائيل تلقت ضربة مؤثرة، وأمن دولة إسرائيل لا يقتصر على الأمن العسكري وحده، بل الأمن السياسي والاقتصادي والاجتماعي لشعبي دولة إسرائيل من جهة، وللشعبين الإسرائيلي والفلسطيني من جهة أخرى في دولتين سياديتين. نتنياهو أذعن لتوصيات بني بيغن، وهو جغرافي، بإيقاف المشروع في صيغته الحالية، ربما لأنه يخشى أن يلجأ الفلسطينيون في إسرائيل إلى مطالبة مجلس الأمن بالتدخل ضد سياسة التمييز بين يهود الدولة وعربها.  

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رائحة انتصار في النقب رائحة انتصار في النقب



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 06:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تنعم بأجواء ايجابية خلال الشهر

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 09:20 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

فوائد صحية وجمالية لعشبة النيم

GMT 18:17 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

إنجي علي تؤكّد أن مصر تتميز بموقع فني عالمي رفيع

GMT 13:10 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الــ " IUCN"تدرج "الصلنج" على القائمة الحمراء

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia