التقرير الفرنسي

التقرير الفرنسي

التقرير الفرنسي

 تونس اليوم -

التقرير الفرنسي

حسن البطل

تبلبلت، عشية التقرير الفرنسي حول وفاة عرفات. مصادفة زرت الضريح وقت غروب الشمس، وأنا أفعل هذا أحياناً في غير الأعياد الإسلامية ويوم مواراته الثرى، لسببين: الواجب، ولحاجتي إلى جرعة من التريّض بالمشي. هذه المرة، وجدتُ ساحة أعلام الأمم ملأى بالطمم، والأعلام ممزقة. أهو الإهمال أم لإعداد الساحة لمشروع ما.. لكن، من غير اللائق بقاء أعلام ممزقة لدول اعترفت بنا دولة من غير رفعها أو تجديدها؟ صحفنا ملأى بما هبّ ودبّ من سفاسف الأخبار المحلية، فكيف لم أقرأ خبراً عن الطمم في ساحة أعلام الأمم؟ ثم كيف اختفت عبارة على حجر على سندس أخضر هي جزء من رثاء محمود درويش لياسر عرفات من على كتف مسجد التشريفات الملحق بالضريح، وثالثاً، وجدت شتلة شجرة الأرز المهداة من لبنان وقد كبرت قليلاً.. أتفقدها في كل زيارة. لماذا هذه التفاصيل؟ لأنني أول من أثار فضيحة كساء الضريح من الحجر الرخو المغشوش، وقد غيّروه. أيضاً، كنت أثرت مسألة الحجر الرخو المغشوش في رصف "ميدان ياسر عرفات" الذي تصرّ العامة على اسمه القديم: "ميدان الساعة".. رقّعوه مرتين دون جدوى؟! .. والآن، إلى بلبلة عامة أثارها التقرير الفرنسي حول الوفاة، ولست خبيراً لا في الأشعة (بولونيوم 210 وراديوم ويورانيوم.. إلخ)، ولا في علم التشريح. هل وفاته طبيعية سببها التقدم في السن (والكمد من الحصار؟) أم من الاغتيال البطيء بالتسميم، كما رجّح التقرير السويسري (بانتظار التقرير الروسي). وازن التقرير السويسري بين الشك واليقين، لكن التقرير الفرنسي كان مزيجاً من قليل من الشك بالتسميم، وكثيراً من اليقين حول أسباب الوفاة الطبيعية؟ يتفق التقريران على أن مادة مشعة كانت سبب الوفاة، لكن التقرير السويسري يراها غير طبيعية، والفرنسي يراها خلاف هذا؟ لديّ أسئلة: هل خبراء تشريح الجثمان الفرنسيون غير أطباء مستشفى "بيرسي" العسكري الفرنسي. ولماذا أتلف أطباء المستشفى عيّنات من جسم المريض قبل الأجل القانوني لإتلافها؟ مهنياً، فالتقرير الفرنسي يبدو مثل حكم الساحة في مباراة كرة القدم، لأن الرئيس توفي في مستشفى عسكري فرنسي، بينما التقرير السويسري مثل حكم التماس.. وهذا يرى "المخالفة" أوضح مما يراها حكم الساحة (المخاشنة ملتبسة وتجاوز الخط خلاف هذا). لكن.. سؤالي المقيم منذ مواراة الرئيس الثرى هو: لماذا لم نأخذ عيّنة من جثمانه؟ ربما كان ذلك صعباً وسط الحشود الهائلة، لكن عشية يوم الدفن، تم نبش القبر ودفن الجثمان وفق الأصول الإسلامية.. فلماذا تولى الأمر شيخ ولم يرافقه طبيب فلسطيني يأخذ عيّنات من جثمانه؟ السؤال وجيه، لأن البولونيوم تختفي آثاره بمتوالية سريعة: نصف عمر العنصر المشع، ثم نصف النصف.. وهكذا، بعد ست سنوات قد لا يجدون للمادة أثراً (عنصر البولونيوم أسرع اختفاء من عنصر اليورانيوم المشعّ)! قبل شهرين ونصف من الوفاة زرت الرئيس في عرينه ـ مقاطعته، فوجدته شيخاً واهناً، فقلت لصديق: ربما هذه آخر مرّة نراه. هل مات قهراً وكمداً من العزلة والحصار؟ ماذا لو كانت مظاهرات "فك الحصار" عن الرئيس أشمل وأقوى؟ وسقط فيها قتلى؟ ألم تكن تثور ضجة عالمية ترفع عنه الحصار؟ حوصر الرئيس ثلاث سنوات، ولكن على فترتين، وبين حصار وآخر خرج وذهب إلى مدينة جنين (جنينغراد كما قال عن بطولة مخيمها).. لكن مواطنين "زعلانين" قاموا بإحراق المنصة الخشبية للاحتفال؟ ربما هذا آذى روح الرئيس، وأصابها باكتئاب القهر والكمد! يعرف العلماء لماذا مات الفرعون توت عنخ آمون شاباً، ولماذا، انقرضت كائنات بدائية.. لكن هذا قبل القتل بالأشعة المميتة. السلسلة تبدو مقطوعة أو مخفيّة مقطوعة بين سبب الوفاة، وأدواتها، وأداة الاغتيال، والمدبّر المباشر والأداة غير المباشرة. وليس لدى الفلسطينيين سوى جواب السؤال عليها "فتّش عن المستفيد"؟ لو أدين "المستفيد" الإسرائيلي، لكانت مشكلة فلسطينية ـ إسرائيلية ـ عالمية.. ولو عُرفت الأداة المباشرة أو غير المباشرة لكانت مشكلة فلسطينية ـ فلسطينية ـ إسرائيلية. يبدو أن هناك مصلحة عالمية لإبقاء اللغز لغزاً ولإبقاء سبب الموت سراً.. إلى حين من الدهر يطول أو يقصر. كان علينا أن نأخذ عيّنات من جثمان الرئيس ونحفظها، ثم نكلف خبراء صينيين أو هنود في السموم في الوقت المناسب بإماطة اللثام عن سرّ الموت، ثم القاتل.. ثم شريكه. نحن مقصّرون أيضاً؟! الأغلب أن التقرير الروسي سيكون وسطاً بين السويسري والفرنسي؟! رجل العصر الفلسطيني ضحية العصر العالمية؟  

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التقرير الفرنسي التقرير الفرنسي



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia