لعبة قوة  مكر على الحاجز

لعبة قوة - مكر على الحاجز

لعبة قوة - مكر على الحاجز

 تونس اليوم -

لعبة قوة  مكر على الحاجز

حسن البطل

طلقة مطاط واحدة "زحطت" فجرحت ثلاثة فلسطينيين في رؤوسهم: الفك الأعلى، الجبهة، والأذن. حصلت هذه "النادرة" على حاجز سردا، يوم الاحد؛ عشية الاثنين. على الحاجز اياه، تدور "لعبة مجنونة" كما وصف برونوميتسو، مدرب فريق السنغال مباراة فريقه ضد فريق السويد. منذ يوم السبت، عشية الأحد، لم تعد "مباراة العبور" على الحاجز الوحيد الذي يربط رام الله بشمالها كله، تدور بين "مكر" المواطنين و"قوة" الجنود الغاشمة. هذه ليست لعبة مونديالية، لا يوجد حكم يضبط خشونة متمادية، تقارب الوحشية السادية، التي يتحلى بها الجنود. طلقة المطاط، وهي كرة معدنية مغلفة بطبقة مطاط.. كأنها دهان أسود، ليست هي، مع ذلك، السلاح الرادع لجمهور نافد الصبر، يناور بين المكر والجسارة المتهورة. هناك، قنابل الغاز، التي اذا القيت وسط حشد من مئات كثيرة، كما حصل عشية الاحد، اضطرب الناس، فكادوا يدوسون بعضهم بعضاً. لا توجد قواعد سلوك انسانية تحكم بين القوي المدجج والمواطن الاعزل. لا توجد - وهذا اسوأ واكثر خطورة - تكتيكات سلوك لجنود الحاجز. أن ينصب جنود كمائن لجنود، او جنود كمائن لنشطاء مشتبهين شيء، وان ينصبوا مكائد، صباحية ومسائية للمدنيين شيء آخر. على مدار اليوم تتبدل تكتيكات الجنود، بين تشديد على عبور الكبار، ومنع بات لعبور الشبان، وسماح بعبور النساء؛ الى منع جامع يشمل الجميع. جميع المعابر الفرعية التي كانت ستغدو رئيسة مع اغلاق معبر سردا الرئيس، جرى اغلاقها المحكم، مع تعليمات مرخية جدا لفتح النار الحيّة. حاجز سردا ذاته، صار عبارة عن اربعة حواجز ترابية، وحاجز - خندق، ويضاف اليها "حاجز مدرع" من مجنزرة وعربة جيب. لعبة القوة الخطيرة والمكر المشروع هذه، لا تخفي مشاعر احتقار يكنها الجمهور للجنود في اشخاصهم، ولأسلحتهم ايضا، رغم ان الأيدي على الزناد. بعض الشبان يغافلون يقظة الجنود، ويركبون موجة عبور صغيرة للكبار وللنساء، فيرد الجنود بتعسف يصير موضع تندر. في غياب تعليمات مرور محددة، وتعمد تغييب تكتيكات واجراءات عبور مفهومة، يجازف المواطن بصرف ثلث ساعات يومه في زيارة الحاجز و"جس نبض" التعليمات والاجراءات .. دون ان يضمن انها ستكون هي نفسها لدى عودته، مساءً من عمله. ثلث الوقت للعمل؛ وثلثه للنوم.. وثلثه الثالث تحت رحمة "مزاج" الجنود.. الذين لا يثقون بأحد. هذا أشد الأطواق على المدينة في أي وقت، لكنه الطوق الأكثر خطورة ومزاجية على الاطلاق، كأن همّ الجنود الاول ان ينفجر قهر بعض الناس، فيتعللون بأن هناك ما هدد حياة الجنود. حشد الناس امام حاجز الصباح (باتجاه رام الله) او حاجز المساء (باتجاه ريفها الشمالي) لا يعكس الهرم العمري للشعب الفلسطيني، الذي يشكل العنصر الشبابي (من عمر سنة واحدة الى عمر الاربعين) اكثر من 85% من عديدة. هناك، على الحاجز، هرم اعمار مقلوب، حيث معظم المنتظرين الكبار (باستثناء النساء احيانا) يشكلون اكثر من 85% من الناس. * * * الناس، خارج فلسطين، عينها على المونديال، وعينها الاخرى على تحركات سياسية تجري في واشنطن. اما عيون الناس هنا، فهي مشغولة بالبحث عن منفذ آمن الى : العمل، المدرسة، الطبابة، العائلة .. وسائر الامور الصغيرة، التي تشكل ايقاع الفيض اليومي للحركة. ألاعيب الجنود مفضوحة تماما، من حيث اعتقال بريء عدة ساعات، ثم اخلاء سبيله.. لأن كل واحد يحكي قصته للجميع، فيفقد الجميع ثقتهم بحكمة الجنود، ويفقد الجنود احترام الناس لقوتهم، او خوفهم من اسلحتهم. هذا ليس اجراءً أمنياً مشدداً، وقاية من خلايا ستضرب بعد "تحذيرات ساخنة" هذه حرب تنكيل سادية لتفريغ صبر الناس .. او دفعهم للانفجار. * * * كيف يحصل ان تصيب طلقة مفاجئة واحدة ثلاثة اشخاص في رؤوسهم؟ اما ان عملية الاطلاق جاءت من مسافة قريبة جداً، بحيث تكون سرعة انطلاقة الرصاصة في اوجها، وإما ان "وزن" الطلقة لم يكن خفيفا، او ان الجندي تعمد اصابة رؤوس الناس؟ هل يمتحن المكر الصبر، او يمتحن الصبر القوة، ام يمتحن الجنود لحظة جنون الناس. ألم يلاحظوا نظرات الاحتقار في عيون الناس، وسخريتهم من التهديدات باطلاق النار، وانتظارهم على الحاجز حتى بعد اصابة بعض المنتظرين بالرصاص المطاطي؟ قلا عن جريدة الايام  

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لعبة قوة  مكر على الحاجز لعبة قوة  مكر على الحاجز



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia