«أضحى التنائي بديلاً من تدانينا»

«أضحى التنائي بديلاً من تدانينا..» !

«أضحى التنائي بديلاً من تدانينا..» !

 تونس اليوم -

«أضحى التنائي بديلاً من تدانينا»

بقلم - حسن البطل

صورتان في صفحة «عدسة الأيام» الجمعة.. ولا شيء عن زيارة «التصافي» المصرية ـ السودانية، حيث اتفق المشير المصري مع نظيره السوداني، على طي صفحة «التجافي»!
هل طويت صفحة الخلاف الحدودي بين بلدين شقيقين على منطقة حلايب؟ أم جرى وضعها على الرفّ.. لكن ما فاجأني هو الاتفاق الثنائي على إنهاء مقاطعة السودان للتجارة البينية بين البلدين، سواء البضائع الصناعية أم الزراعية. لم أكن أعلم أن الخلاف حول السيادة على حلايب جرّ إلى هذه المقاطعة الاقتصادية؟
في الزيارة، امتدح الرئيس السيسي دور الخرطوم في مفاوضات السلام بين جناحين متصارعين في ما كان جنوب السودان، وصار دولة مستقلة على ثلث السودان الكبير، أكبر دول افريقيا مساحة.
في زمن غبر وولّى، كانوا يشيرون إلى السودان بأنه «السودان المصري»، وصرنا نشير إلى سودان شمالي عربي وآخر جنوبي وثني.
وفي زمن مضى، كانوا يتحدثون عن أزمات «القرن الافريقي» المزمنة وتبقى من هذا النزاع فوضى احتراب قبائل الصومال، بينما تصالحت أثيوبيا مع بلاد أرتيريا، التي يحكمها منذ استقلالها الدكتاتور أسياس أفورقي، وتصالحت أديس أبابا مع جيبوتي، وفي الحصيلة صار لأثيوبيا شرفة بحرية مفتوحة وآمنة على ميناء مصوع.
إلى ذلك، يبدو أن نزاع تقاسم مياه نهر النيل وفروعه، بعد إنشاء سد النهضة سيجد طريقاً لحله أو تسويته، بعد لقاء رؤساء مصر والسودان وأثيوبيا!
الرئيس المصري السيسي يدير سياسة اقتصادية صارمة لتقويم مصر، وسياسة أمنية قاسية في مواجهة الإرهاب الأصولي، لكنه يدير سياسة عربية ودولية هادئة.
عاد السيسي مع زيارة أخرى لموسكو باتفاقية «تعاون استراتيجي»، تشمل اقتصادياً أول منطقة اقتصادية روسية في الخارج، ومحطة توليد نووية لتوليد الكهرباء.
لو تأمّلنا في حال دول هذا العالم العربي، خاصة بعد «الربيع العربي» لوجدنا كل دولة منه في أزمة مزدوجة: واحدة داخل الدار، والأخرى مع الجار.. وربما الثالثة مع العالم!
مثلاً، طويت صفحة حلم الاتحاد المغاربي، ولم تطو صفحة الخلاف الجزائري ـ المغاربي، حتى أن الحدود بين البلدين مغلقة منذ العام 1994، وتعاني الأسر والزيجات المختلطة الأمرّين من ذلك.! متى يطوي البلدان الجاران الخلاف حول البوليساريو والصحراء الغربية، وحول واحة تندوف ذات الثروات والتنافس في العلاقة مع موريتانيا.
في المشرق العربي هناك أزمة بين دول مجلس التعاون الخليجي السداسي، بسبب سياسة قطر، وكذا بسبب حرب يشنها التحالف السعودي على اليمن التعيس. هذا احتراب عربي ـ عربي.
أوروبا صارت تتعامل مع «اليورو» لكن دول مجلس التعاون الخليجي، من ممالك وإمارات ودول لكل منها عملته الخاصة، كما هو حال بقية دول هذا العالم العربي مترامي الأركان. بدل الوحدة العربية نحلم بسوق مشتركة عربية!
هل كانت فلسطين، بوصفها القضية المركزية، استثناء الخلافات البينية العربية.. كلّا، لم تكن لا في زمن كفاحها المسلح، ولا في زمن سلطتها القاصرة عن بلوغ دولة مستقلة، هي عضو كامل في الجامعة العربية القاصرة، وعضو ناقص في الجمعية العامة للأمم المتحدة غير الفعّالة!
أمر آخر، يذكّرنا باحتراب سابق بين جناحي البعث في العراق وسورية، الذي شمل أحياناً إغلاق حدود البلدين، دون أن ننسى أن سورية لم تعترف باستقلال لبنان وتتبادل السفراء معه إلاّ بعد أكثر من 60 عاماً على استقلال لبنان.
تكاد جامعة الدول العربية أن تغدو في «خبر كان» إزاء مساعي التدخل والوساطات الدولية لحلحلة الأزمات السورية والليبية واليمنية. أمّا ميثاق الضمان الجماعي العربي فقد صار في خبر كان من زمان، وكذا السوق العربية المشتركة.
انتقلنا في بلادنا من خلاف النظم العربية ونزاعاتها على استقطاب فصائل فلسطينية إلى خلافها حول كيفية رأب الصدع بين جناحي السلطة، منذ الانقلاب الغزي قبل 12 سنة. الكل يشيد بدور مصر والبعض يجنح حول دور قطر وتركيا.
في زمن سالف، كانت مصر الناصرية، ركيزة أساساً وذات دور محوري في السياسة العربية، وفي زمن لاحق، صارت السعودية تبدو محركاً أساسياً في السياسات العربية.. إلى أن جاءت قضية خاشقجي هذه، التي غطّت على جريمة قتل شعب في اليمن، لصالح جريمة قتل فرد في القنصلية!
لم يبق رابط يربط أركان هذا العالم العربي سوى «لسان الضاد».. لكن من بغداد إلى تطوان كل بلد في أزمة داخل الدار وأزمة مع الشقيق الجار.. سوى فلسطين التي هي في أزمة مع العدو ـ الجار، وأخرى داخل الدار.. بينما لا توجد لها أزمات مع الدول العربية، الجارة القريبة منها أو البعيدة عنها.
يعرف قارضو الشعر العربي أن العنوان هو للشاعر ابن زيدون، وأن الشعر الأندلسي رقّ عن الشعر العربي، لكن الأندلس ضاعت من قبل ومن بعد ملوك الطوائف «.. وابكِ مثل النساء ملكاً مضاعاً لم تحافظ عليه كالرجال».
دول العالم تُسيّرها المصالح، وأما دول هذا العالم العربي فتبدو كالقبائل في علاقاتها وفي نزاعاتها.. وفي احتراباتها، أيضاً.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أضحى التنائي بديلاً من تدانينا» «أضحى التنائي بديلاً من تدانينا»



GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

GMT 08:29 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

ترامب يدّعي نجاحاً لم يحصل

GMT 08:24 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

فلسطين وإسرائيل بين دبلوماسيتين!

GMT 08:23 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

أزمة الثورة الإيرانية

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 06:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تنعم بأجواء ايجابية خلال الشهر

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 09:20 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

فوائد صحية وجمالية لعشبة النيم

GMT 18:17 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

إنجي علي تؤكّد أن مصر تتميز بموقع فني عالمي رفيع

GMT 13:10 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الــ " IUCN"تدرج "الصلنج" على القائمة الحمراء

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 11:30 2017 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

آثار الخلافات الزوجية على سلوك الطفل

GMT 10:30 2021 السبت ,04 كانون الأول / ديسمبر

دمرنا النت والحاج جوجل!

GMT 11:43 2018 الجمعة ,08 حزيران / يونيو

البوركيني إسماعيل يانجو ينضم لنادي العروبة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia