رأس السنة  الفتحاوية

رأس السنة .. الفتحاوية!

رأس السنة .. الفتحاوية!

 تونس اليوم -

رأس السنة  الفتحاوية

بقلم - حسن البطل

هناك تقاويم عدّة لبداية عام جديد، ولها أساسان: التقويم القمري، والتقويم الشمسي، وللأخير تقويمان: اليولياني الشمسي نسبة الى القيصر يوليوس، والغريغوري، الشمسي أيضاً، نسبة إلى البابا غريغوريوس الثالث عشر.
منذ بدء التقويم الغريغوري العام ١٥٨٢، صار رأس السنة هو اليوم الأول من الشهر الأول للسنة الميلادية. هذا تحوّل من تقويم مسيحي Christian Era الى تقويم دولي عام Common - Era.
على كثرة ازدحام السنة الميلادية الفلسطينية بالمناسبات والأحداث، فإنها تبدو ذات تاريخين، الأول عام النكبة في 15 أيار (مايو) ١٩٤٨، وانطلاقة حركة «فتح» في اليوم الأول من السنة الميلادية ١٩٦٥.
أذكر جيداً يوم ١ - ١ - ١٩٨٢، فقد كان آخر الأعوام حيث كان يجري الاحتفال المركزي، وإضاءة شعلة «فتح ديمومة الثورة» في شارع الطريق الجديدة، ببيروت الغربية، وبالذات أمام جامعة بيروت العربية.
لماذا أتذكر؟ جرى في صباح ذلك اليوم، أكبر استعراض عسكري فلسطيني - شاركت فيه كل فصائل المنظمة، وكذلك ميليشيات الحركة الوطنية اللبنانية آنذاك، قالت زوجتي: هذا آخر عام تحتفل فيه «فتح» وفصائل المنظمة، لأن إسرائيل لن تسكت على استمرار «جمهورية الفاكهاني» في لبنان.
من العام ١٩٦٥ حتى العام ١٩٨٢، كانت تضاء شعلة «فتح ديمومة الثورة، والعاصفة شعلة الكفاح المسلح» في المنفى، وحالة النزاع الفلسطيني - العربي بين منطق الدولة القطرية ومنطق الثورة الفلسطينية.
بدءاً من العام ١٩٩٤ صارت تضاء شعلة فتح والثورة في ساحة المقاطعة أو المنارة - رام الله، وساحة السرايا في غزة .. وبقية المدن الفلسطينية. بذا، بدأت مرحلة منطق المنظمة ومنطق الدولة الفلسطينية مع جسر هو السلطة الوطنية الفلسطينية. مرحلة الاشتباك السياسي مع إسرائيل.
كان إعلان برنامج النقاط العشر - برنامج السلطة الوطنية العام ١٩٧٤ مرحلة الانتقال من برنامج التحرير الوطني الشامل الى برنامج الكيانية السياسية الفلسطينية أي التقسيم الثالث لفلسطين بعد تقسيم لجنة بيل العام ١٩٣٧، ثم التقسيم الدولي ١٩٤٧.
كانت انطلاقة «فتح» في اوج مرحلة حركات التحرر الوطني، ففي العام ١٩٦٠ قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة إنهاء وإزالة الاستعمار في إفريقيا والعالم. سنوات بعد الانطلاقة صارت «فتح» والمنظمة المظلة الأم لحركات التحرر في العالم. وقال مسؤولون أميركيون إن ألد أعداء أميركا هما: كاسترو وعرفات!
فيتنام انتصرت العام ١٩٧٤، وناميبيا استقلت وجنوب إفريقيا تحررت من النظام العنصري الأبيض، ولكن لم تعد أخبار نضالاتها تتصدر الأحداث والأخبار العالمية، كما هو حال الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، الذي وُصف، وعن حق، بأنه أعقد وأطول الصراعات في العالم. وجود وحدود معاً!
صحيح، أن العودة لم تتحقق، ولا التحرير الشامل، ولا التقسيم الثالث، ولا الدولة الوطنية المستقلة، لكن في عيد انطلاقة «فتح»، ليس السؤال الصحيح: هل تسمح «حماس» باحتفال الانطلاقة في غزة، ولكن في أن برنامج السلطة السياسي صار متوافقاً مع الشرعيات العربية والدولية، أما الخلافات الفلسطينية على الشرعية السياسية، وقبلها النضالية، فقد رافقت عام النكبة ١٩٤٨ وترافقها حتى عيد انطلاقة «فتح» الذي هو ميلاد جديد، كفاحي وسياسي فلسطيني، كما هو بداية تقويم عالمي.
لم يعد ممكناً إلغاء فلسطين كحقيقة سياسية دولية، لكن أن تصير حقيقة سيادية هو مرحلة أخرى قد تطول.
في العام ١٩٧٤ ألقى عرفات خطاب «بندقية الثائر وغصن الزيتون» في الجمعية العامة، فإلى إعلان العام ١٩٨٨ في قصر الصنوبر بالجزائر، إلى رفع العلم الفلسطيني على سارية مقر الأمم المتحدة، بوصفها عضوا مراقبا .. فإلى طلب جديد أمام مجلس الأمن لعضوية كاملة.
سويّة مع هذا، نتذكر أنه كانت هناك انتقادات فلسطينية لمرحلة كفاح المنظمة المسلح في المنفى، والتدخل المتبادل الفلسطيني والعربي .. وهذه انتهت مع أوسلو، وبدأت مرحلة انتقادات أخرى للسلطة الأوسلوية، وللانتفاضتين، ولأسباب نكسة الديمقراطية الفلسطينية العام ٢٠٠٦ .. والآن، لحل المجلس التشريعي. هذا أمر طبيعي يدل على حيوية الشعب وتعقيد قضيته.
المهم، أن شعلة انطلاقة «فتح» كانت تجري في المنفى، وصارت تجري في أرض البلاد، وتبقى «فتح» عميدة حركات التحرر الوطني، سواء في شعارها «فتح ديمومة الثورة» أو في برنامجها السياسي الجديد بوصفها عماد مرحلة تحول الثورة والمنظمة الى سلطة وطموح دولة مستقلة.
يبقى في الأساس، أن فلسطين السلطوية في مسعاها لفلسطين الدولة هي السبب في تحولات سياسية إسرائيلية خطيرة، من تآكل الديمقراطية اليهودية، وسيطرتها على الديمقراطية الصهيونية، كما ان برنامج حركة حماس «يشكل تحدياً وخطراً على الديمقراطية الفلسطينية وعلى الكيانية الوطنية».
نعم، حركة «فتح» لم تعد هي ذاتها التي كانت في مرحلة الثورة، ثم في مرحلة السلطة ومسعاها الى الدولة المستقلة، لكن شعلتها لن تنطفئ في العام الميلادي الجديد، الذي هو عام ميلاد متجدد لفلسطين: من النكبة الى الثورة، ومن الثورة الى السلطة، ومن السلطة الى الدولة.
سئل عرفات: هل حرب بيروت ١٩٨٢ أصعب أم حرب مفاوضات أوسلو .. قال: المفاوضات هي الأصعب.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رأس السنة  الفتحاوية رأس السنة  الفتحاوية



GMT 12:13 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

ماذا سيفعل العراقيون بعد اقتحام السفارة؟

GMT 12:10 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

أردوغان يعاني في بلاده

GMT 11:56 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

دبلوماسيّون: حراك مكثف على ساحة متأرجحة!

GMT 11:38 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الباجي وخطيئتا بورقيبة وبن علي

GMT 11:29 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الإمارات ملتقى الأمم

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 18:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:11 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان الخميس29 -10-2020

GMT 14:42 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

أفكار جديدة وملفتة لديكورات ربيع 2019

GMT 15:25 2019 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

انتحار طالب داخل لجنة للثانوية العامة في الغربية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia