فاتحة لبدايات القرن

فاتحة لبدايات القرن !

فاتحة لبدايات القرن !

 تونس اليوم -

فاتحة لبدايات القرن

بقلم - حسن البطل

لا يخفى على المثقّفين العرب الضلِعين أن العنوان أعلاه إعادة كتابة لعنوان كتاب أدونيس (علي أحمد سعيد) الصادر عام 1998 بعنوان: «فاتحة لنهايات القرن»، وخلاصته تمرُّد نقدي ضد الجمود الفكري للثقافة العربية!
في وقت الانتقال من ألفية إلى أخرى، أكمل أدونيس صدور سلسلة ثلاثية من الكتب، بعنوان: «الكتاب: أمس. المكان. الآن». ولعلّه واحد من أهمّ ما صدر في المكتبة العربية، مزيج من الشعر والفكر خلاصته نقد الفكر الديني، ليس بمباشرة وصراحة كتاب «نقد الفكر الديني» لجلال صادق العظم بعد هزيمة حزيران 1967، لكن بشكل أعمق، باعتبار الشاعر ـ المفكر واحداً من أكثر المثقفين العرب قراءة للعنف في التراث العربي ـ الإسلامي.
هل نقول، باختصار، أن انطلاقة حركة «فتح» في العام 1965 حصلت في أوج حقبة حركات التحرر الوطني، وفي نهايات عشرية ذلك القرن بدأت حقبة أخرى، وفيها إدانة كل شكل من المقاومة بوصفه إرهاباً!
يمكن أن يشكل العام 2000 حدّاً فاصلاً، ليس بوصفه نهاية عقد وقرن وألفية، لكن بداية حقبة جديدة، فقد انتهى الرهان على عملية أوسلو، بوصفها قنطرة للوصول إلى حل سياسي نهائي للصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني.
لو نظرنا إلى أحداث أثّرت على القضية الفلسطينية منذ انطلاقة العمل الفدائي، لوجدناها زاخرة: هزيمة جيوش الأمة 1967، أحداث الأردن 1970، حرب المبادرة العربية العسكرية الأولى 1973، ثم حرب اجتياح الجيش الإسرائيلي للبنان 1982. سنضيف سنوات تفكك وانهيار الاتحاد السوفياتي 1989 ـ 1991، وكذا اجتياح العراق للكويت 1991.
لماذا أدرجنا الانهيار السوفياتي والمنظومة الاشتراكية، وغزو العراق للكويت؟ السبب ذكره مثقف عربي سأل عرفات: لماذا ذهبتم إلى أوسلو؟ أسند عرفات ظهره إلى كرسيه، وقال: خسرنا الظهير السوفياتي والظهير العربي.. وبالطبع، سنضيف تأثير الانتفاضة الأولى المتعاكس على منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل. هذا جيل ما بعد الانتفاضة الأولى وأوسلو، ومنه يأتي أهم نقد لعملية أوسلو والسلطة الفلسطينية. نحن في العقد الثاني من بدايات القرن الجديد 21، وأحداثه زاخرة ووافرة التأثير على القضية الفلسطينية، ليس بأقلّ من حقبة ما قبل أوسلو.
هناك، أولاً، غياب القائد والرئيس المؤسس، بعملية غامضة ـ واضحة، ثم انقلاب سياسي في العام 2006 بفوز حماس، وانقلابها العسكري باسم «الحسم» في العام التالي. منذ ذلك الوقت شهدت غزة ثلاث حروب، آخرها وأقساها العام 2014، وفي الشهر الحالي مناوشة سياسية ـ أمنية بدأت قبل ثمانية شهور بمسيرات العودة، ثم بصدام سياسي ـ أمني، خرجت منه غزة بخطاب ظافري، ودخلت إسرائيل بعده في أزمة الائتلاف الحكومي اليميني، دون أن ننسى شكلاً من «الانقلاب» في الموقف الأميركي من الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي بصيغة «صفقة القرن» أعلنتها إدارة أميركية جمهورية ـ مسيانية ـ يمينية عام 2016، ولم تطرحها بعد في تفاصيلها الموعودة، أولاً بعد نتائج الانتخابات لمجلس الكونغرس الأميركي، ثم يقول أركانها أن الموعد الجديد المضروب هو مع بداية السنة الميلادية الجديدة 2019.
لو أن رئاسة السلطة صمتت عن أولى خطوات تمهيدية ـ تنفيذية للصفقة ربما لم تتأخر الإدارة الترامبية عن إعلان خطوطها المفصّلة، بإدخال تعديلات تحسينية عليها، لإرضاء الفلسطينيين على منوال المثل العربي: نصيب الفلسطينيين من الجمل هو أذنه: دويلة في غزة التي لا تريدها إسرائيل وحكم ذاتي موسّع ومحسّن في الضفة الغربية التي تريدها إسرائيل، لأنها لا تريد «حل الدولتين».
سلسلة متواصلة من مكافآت «صفقة القرن» لإسرائيل، منذ نقل السفارة إلى القدس، إلى إلحاق القنصلية العامة الأميركية فيها للسفارة، لم تطوّع موقف السلطة المعارض للصفقة.. وتريد أميركا أن تطوّق المعارضة الفلسطينية بخطوات نقل التطبيع السري العربي مع إسرائيل إلى العلانية، لتشكيل ما دعاه البعض بـ»ناتو عربي» بشراكة إسرائيلية وأميركية ضد إيران.
هل ستفركش، أو تؤخّر، قضية قتل جمال الخاشقجي إعلان «صفقة القرن»، أم ستدفعها إلى الأمام، علماً أن إدارة ترامب تقول إن انتخابات إسرائيلية مبكرة لن تؤخّر موعد إعلانها المقرر، علماً أن تبكيرها كان مطروحاً قبل الجولة الحالية في غزة بهدف تعويق إعلانها إذا حملت تحسينات للفلسطينيين لن توافق عليها حكومة إسرائيل الحالية.
في المقابل، إن لم تشمل تحسينات وتعديلات الصفقة عودة الإدارة الترامبية إلى «حل الدولتين» والقدس عاصمة دولتين، فإن السلطة لن تعود إلى القبول بالوساطة الأميركية، أو بالأحرى احتكارها لعملية السلام.
العقدان الأوّلان للألفية الجديدة كانا قاسيين على المسألة الفلسطينية، أكثر من المرحلة منذ انطلاقة حركة «فتح» وحتى بداية الانتفاضة المسلّحة الثانية، لأسباب عربية (تداعيات الربيع العربي) وأخرى أميركية لأن أميركا خرجت من دور الوسيط غير النزيه منذ إعلان أوسلو إلى دور المنحاز الصريح لإسرائيل منذ إعلان «صفقة القرن».
كان العام المفصلي، قبل أوسلو، هو هزيمة الجيوش العربية 1967 والبعض يقول إن العام 2011 يبدو مشروع هزيمة للقومية العربية، ببداية حقبة الاحتراب العربي وتفكك الدولة القُطرية العربية.
كيف سيكون العقدان الثالث والرابع من هذا القرن؟ لعلّ ذلك يتعلق بنجاح الفلسطينيين إمّا في تفشيل «صفقة القرن»، أو في تحسينها بما يرضي الحدّ الأدنى الفلسطيني من الحل.

حسن البطل

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فاتحة لبدايات القرن فاتحة لبدايات القرن



GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

GMT 08:29 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

ترامب يدّعي نجاحاً لم يحصل

GMT 08:24 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

فلسطين وإسرائيل بين دبلوماسيتين!

GMT 08:23 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

أزمة الثورة الإيرانية

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 06:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تنعم بأجواء ايجابية خلال الشهر

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 09:20 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

فوائد صحية وجمالية لعشبة النيم

GMT 18:17 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

إنجي علي تؤكّد أن مصر تتميز بموقع فني عالمي رفيع

GMT 13:10 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الــ " IUCN"تدرج "الصلنج" على القائمة الحمراء

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 11:30 2017 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

آثار الخلافات الزوجية على سلوك الطفل

GMT 10:30 2021 السبت ,04 كانون الأول / ديسمبر

دمرنا النت والحاج جوجل!

GMT 11:43 2018 الجمعة ,08 حزيران / يونيو

البوركيني إسماعيل يانجو ينضم لنادي العروبة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia