انسفوا القمر «الأوديبي»

انسفوا القمر «الأوديبي» !

انسفوا القمر «الأوديبي» !

 تونس اليوم -

انسفوا القمر «الأوديبي»

بقلم : حسن البطل

للأرض اسم مؤنث، وللقمر اسم مذكّر.. هذا في العربية على الأقل. لـ»أُمّنا الأرض» ولد واحد، هو تابعها القمري، ولكواكب أخرى أقمار عدّة، بعضها ولد من «رحمها» وأخرى كانت شاردة، ووقعت في أسرها. كما ولدت الأرض من رحم الشمس، وهذه من رحم المجرّة.. والجميع من «الانفجار الأعظم»!

في العربية يتغزّلون بالقمر، فالعرب صحراويون والقمر هو الهادي في الإسراء الليلي، وما زلنا على «الفيسبوك» نقول عن صورة وجه أنثى أنها «قمر» الذي هو «عرجون قديم».

لكن، في الفرنسية مثلاً، حيث الاشتقاق اللغوي من القمر يعني الخبل والبلاهة، لأسباب منها أن الفرنسيين غير صحراويين، ولا حاجة لهم إلى الاستهداء بضوء القمر في الإسراء الليلي.

من القمر تبدو «أُمّنا» الأرض مقمّطة بالأزرق، ومن الأرض يبدو «ولدها» القمر مضيئاً أو ضارباً للبرتقالي. سماء الأرض تبدو زرقاء لأن غلافها الجوي يقوم بدور «موشور» يفرز ألوان الطيف، والبحر أزرق من الفضاء، لأنه «يقمط» ثلاثة أرباعها، تاركاً البقية للأصفر والأخضر.

حسناً، أرضنا هي الكوكب المائي الوحيد بين كواكب «أُمّنا» الشمس، وهذه ليست الفرادة الوحيدة، لأن الماء العذب ـ الفرات ـ النهير ـ الزلال يشكل 1% فقط من «قماط» الأرض المائي ـ الأزرق، حيث يتوفر الماء في الأرض وحدها بحالاته الثلاث: السائلة، الصلبة والغازية.

عزّ على علماء الفلك أن يجدوا ماءً سائلاً في «أخوات» كوكب الأرض، فوجدوه جليداً في بعضها، أو في جوفها.

نعرف أن القمر انشق عن الأرض، التي انشقت عن الشمس، التي انشقت عن مجرّة درب التبانة، والآن صرنا نعرف أن معظم ماء الأرض جاء من السماء، ليس مطراً، لكن من اصطدام المذنّبات بها وبالقمر، أيضاً، وكأنّ المذنّبات في «تلقيحها» للأرض بماء الحياة تشبه حيوانات ونطافات ذكورية، كالتي تزرع الحياة في أرحام النساء.

ثم صرنا نعرف أن كوكباً في مثل قطر كوكب المريخ «نطح» الأرض في زمن البدايات السحيق، و»غاص» في جوفها، وصارت تدور، وتشكل القمر من حطام هذه النطحة. كانت تدور أسرع والآن أبطأ وتبطئ!

لما تشكل القمر من «ضلع» الأرض، كان يبعد عنها مسافة 24 ألف كيلومتر فقط، وبعد مليارات السنوات، صار يبعد عنها 340 ـ 356 ألف كم.

القمر «يغازل» أُمّه الأرض بجاذبيته الضعيفة مثيراً حركة المدّ والجزر، وكما يبتعد الأطفال والأولاد والرجال عن أُمّهم، كذا يبتعد القمر عن الأرض عدة سنتيمترات كل سنة.

الأهمّ من دور القمر في المدّ والجزر هو دوره في ميلان محور الأرض، أو «حنوّها» على «وليدها» وبالتالي تتشكّل الفصول الأربعة.

بعد أربعة مليارات أخرى من السنوات، سينحطم التوازن في علاقة جاذبية الأرض للقمر، ثم مثل حجر في الهواء يسقط على الأرض، فإن «حجر» كويكب القمر سوف يهوي معانقاً الأرض عناق الفناء، بعد أن تمزقه جاذبية الأرض، لكن حطامه سيكون جسيماً أكثر بكثير من حطام نيزك ضرب الأرض قبل 65 مليون سنة، وأدى إلى فناء الديناصورات.

عالم فلكي «مجنون» يقول إن لا حاجة للأرض بالفصول الأربعة من تأثير جاذبية القمر، ويمكن نسفه بالقنابل النووية، لتصير الفصول فصلين، دون حاجة لقبعة جليدية في قطب الأرض الجنوبي، أو لقبعة في قطبها الشمالي.

هذا المجنون ينسى أن الإنسان لن يكون، مرّة أخرى، شيئاً مذكوراً في الحياة البيولوجية للأرض بعد مليارات السنوات، كما لم يكن شيئاً مذكوراً في زمن الديناصورات، التي لم تكن شيئاً مذكوراً بدورها، ولا الطحلبيات عندما نطح كوكب في حجم المريخ كوكب الأرض.

«الولد» القمر سيقتل «أُمّه» الأرض وقبل ذلك سينقرض الإنسان، دون أن يرى دماراً «أوديبياً» كالذي يحدث من انجذاب الذكر إلى أمه الأرض.

.. أو تتمدّد «أُمّنا» الشمس إلى «جبّار» أحمر تصل أطرافه إلى المرّيخ، أو جبّار أسمر تصل شوظاته إلى الأرض.. ثم تصير الشمس وتنطوي «قزماً» أبيض.. والسلام عليكم ورحمة الله.

الذكورة برهان الأنوثة!

قد يتراءى لك، في معرض الـ28 لوحة لإبراهيم مزين أن هذه «مرحلة زرقاء» كالتي مرّ بها بيكاسو.. ولكن كلا!

أزرق غلاّب، يليه أحمر فاقع، ثم أصفر، وقليل من الأخضر، وأقلّ من الأبيض. أو قد تقول كما قال رسّام تشكيلي كبير وشهير هو خوان ميرو: صرفتُ عمراً طويلاً لأعود وأرسم كما يرسم الأطفال.

بألوان الزيت والأكريليك الأربعة هذه قد يصرخ «الصمت» كما في اسم المعرض، لكن عندما يرسم الأطفال، فهم لا يخلطون لوناً بلون بريشاتهم، فتأتي ألوان رسوماتهم صريحة وفطرية: الأزرق السماوي لا يختلط بالأزرق العميق، ولا الأحمر القاني بالأخضر العشبي، ولا الأصفر بالبرتقالي.

لكن الوجوه بيضاء أو صفراء أو زرقاء وكذا ألوان الحيوانات، التي قد تكون وجوهها جانبية غالباً، بينما الوجوه البشرية وجاهية «بورتريه» عمداً.

لسببٍ ما، معظم شخوصات اللوحات ترتدي فستاناً نسوياً، لكن مع شارب ذكوري، كأنه يقول ما تقوله ييولوجيا الحياة: الذكورة برهان الأنوثة.

المعرض في غاليري الزاوية ـ البيرة حتى 18 الشهر الجاري.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انسفوا القمر «الأوديبي» انسفوا القمر «الأوديبي»



GMT 11:48 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

.. وإن قالوا «كلامَ جرائد»!

GMT 12:13 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

غروبها في يوبيلها الماسي؟

GMT 10:28 2020 الخميس ,17 أيلول / سبتمبر

هذا زمن الامتهان (ات) !

GMT 12:33 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

«باكس أميركانا» !

GMT 08:12 2019 الجمعة ,17 أيار / مايو

إيقاعات رمضانية ـ نكبوية!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 06:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تنعم بأجواء ايجابية خلال الشهر

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 09:20 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

فوائد صحية وجمالية لعشبة النيم

GMT 18:17 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

إنجي علي تؤكّد أن مصر تتميز بموقع فني عالمي رفيع

GMT 13:10 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الــ " IUCN"تدرج "الصلنج" على القائمة الحمراء

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia