إسرائيل من «إسفين» إلى «جسر»

إسرائيل من «إسفين» إلى «جسر» !

إسرائيل من «إسفين» إلى «جسر» !

 تونس اليوم -

إسرائيل من «إسفين» إلى «جسر»

حسن البطل
بقلم - حسن البطل

تعرفون ولا تعرفون. تعرفون أن العدد الأوّل من «الأيام» صدر يوم عيد الميلاد 1995.لا تعرفون أن صاحب هذا العمود كتب 25 بروفة يومية قبل الصدور، جميعها ذهبت إلى النسيان باستثناء واحدة، أعدت نشرها في الأيام الأولى للصدور.كان عنوانها «الخط الحديدي الحجازي؟» الذي قطّع أوصاله «لورنس الجزيرة العربية»،

وكان صلة وصل بين دول شمال شبه الجزيرة وجنوبها، وتتمة لـ قطار الشرق السريع» مع أوروبا.أذكر أن «جريمة في قطار الشرق السريع» كان عنوان رواية للإنكليزية أغاثا كريستي.الرواية بوليسية خيالية، لكن قصة هذا الخط صارت مثل القصة الشعبية «إبريق الزيت»، أي أن خطط إعادة تسييره بقيت على الورق، وإن انتعشت بين خطة وأخرى ثم نامت نوم أهل الكهف!كنتُ في الصف الخامس الابتدائي، وكانت إعادة تسيير الخط مادة في كتاب الجغرافية تشرح ضروراته، ومن بينها تسهيل سفر حجاج بيت الله الحرام.ترون في السينما الأميركية أن فتح الغرب الأميركي

بدأ بعربات تجرّها الجياد، لكن تأسيس الولايات المتحدة الأميركية وربط ولاياتها، صار ممكناً عن طريق شرايين السكك الحديدية، قبل الرحلات الجوية بطائرات الركاب.في العام 1987 قدم رئيس الوزراء العراقي، آنذاك، سعدون حمادي، مشروعاً اقتصادياً إلى قمة عربية غير عادية عقدت في عمّان تحت عنوان «عقد التنمية»، لكن التعاون العربي البيني لم يرَ النور، لا في السياسة، ولا في الأمن.. وبالتالي في الاقتصاد، ومن بينه إعادة تسيير الخط الحديدي الحجازي.بقي فقراء الحجيج التركي يتجمعون في دمشق، حتى أواخر عقد الخمسينيات من القرن الماضي، ليسافروا بالباصات إلى مكة.لم تكن المشكلة في هذا «الإسفين» الإسرائيلي، بل في أسافين سياسية عربية، جعلت مشروع «عقد التنمية» في خبر كان.تعرفون حالة «الخير الحاضر» العربي منذ هذا «الربيع العربي»، وحال سورية راهناً، كإسفين في التضامن العربي، وفي حلم الخط الحديدي الحجازي بالتالي.في وقتنا الراهن، تتطلع إسرائيل إلى التحول من «إسفين» إلى جسر بري يربط دول الخليج وأوروبا، عن طريق مشروع قطارات، يسمى «قطار المرج» ويعتمد في مساره على إعادة تسيير الخط الحديدي الحجازي.عقدته الأردن للنقل البري مع الخليج، ومخرجه موانئ إسرائيل إلى أوروبا، التي ستصير جسراً، وبالتالي يمكن تحقيق السلام الاقتصادي في الشرق الأوسط!هذا مشروع أقلّ طموحاً من ذلك الصيني المعروف بإعادة إحياء طريق الحرير، من شرق آسيا إلى غرب القارة.بدأت إسرائيل مشاريع التحول من إسفين إلى جسر بمشروع قناة البحرين المتوسط ـ الأحمر، لمنافسة قناة السويس، وطوته بعد سلام كامب ديفيد المصري ـ الإسرائيلي،

ثم مشروع البحرين الأحمر ـ الميت، لكنها لم تتخلّ عن حلمها أن تصير جسراً برياً بمشروع قطارات، يلتف على تحكم إيران بمضيق هرمز، ولاحقاً بمضيق باب المندب.أولاً، ربطت شطري مدينة القدس بمشروع القطار الخفيف، ثم مشروع سكة حديد «تلفريك» معلّق يربط مستوطنات القدس الشرقية بالحرم القدسي، وربط مستوطنات الضفة بسكك حديدية مع إسرائيل، ثم مدها إلى الأراضي الفلسطينية تدريجياً.انطلاقاً من خط جوي، أيضاً، صارت الطائرات المدنية الأردنية تختصر المسافة إلى أوروبا عن طريق الأجواء الإسرائيلية، وحديثاً، صارت الطائرات المدنية الهندية تسلك هذا الخط، وتريد إسرائيل المعاملة بالمثل، عَبر الأجواء السعودية إلى الهند.نعرف أن أساس «صفقة القرن» هو بناء السياسة على ركائز الاقتصاد، كما يجري في العالم بين دوله وتكتلاته الاقتصادية المتنافسة في «حروب تجارية».يقول جاريد كوشنر،

كبير مستشاري ترامب إن قاعدة «الصفقة» إسرائيلية ـ فلسطينية، لكن إطارها هو خطة اقتصادية تشمل الأردن ومصر.. ويبدو من مشروع القطار الخليجي ـ الإسرائيلي أنها خطة أوسع وأبعد مدى، ما دامت دول الخليج جزءاً من تسليك وتطويع إقليمي لدفع الفلسطينيين إلى قبول «الصفقة».يعترف كوشنر أن الموقف السلبي الفلسطيني من «الصفقة» يجعله «الرقم الصعب»، لأن القادة العرب يريدون دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، والفلسطينيون يريدونها على خطوط 1967، لكن خطة الصفقة لا تلبي أدنى المطالب السياسية الفلسطينية، ويتوهّم كوشنر بإقناع الشعب الفلسطيني بعوائدها الاقتصادية لتذليل المعارضة السياسية الفلسطينية لها.هل يرى مشروع القطارات النور، وبالتالي تصبح إسرائيل «جسراً» بعدما كانت «إسفيناً».. وما هو موقع المشاريع الاقتصادية من تحالف إقليمي عربي ـ إسرائيلي ـ أميركي ضد ما يسمى «المحور الشيعي»؟أحد علماء الفيزياء الإسرائيليين، حائز جائزة نوبل قال: الآن، مقابل كل عالم إسرائيلي في مجاله،

هناك 14 عالماً إيرانياً. هذا يعني أن إيران لا تشكل خطراً نووياً وجودياً على إسرائيل، بل خطراً على تفوقها الاقتصادي والتكنولوجي.الخط الحديدي الحجازي يمكن تعديل مساره من الربط بين أوروبا والجزيرة العربية، إلى الربط بين إسرائيل ودول الخليج والأردن، على أمل أن تتغير الأوضاع في سورية وإيران، وأن يتم تذليل المعارضة الفلسطينية للصفقة

.المصدر : جريدة الأيام

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسرائيل من «إسفين» إلى «جسر» إسرائيل من «إسفين» إلى «جسر»



GMT 06:23 2019 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

صوت العقل من «إمرالي»

GMT 06:21 2019 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مذبحة المستوردين!

GMT 06:18 2019 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

هل صحيح أن الأردن قبل 30 عاما كان أجمل؟!

GMT 06:16 2019 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

العالم أمام اختبار أمن الملاحة

GMT 08:41 2019 السبت ,11 أيار / مايو

عن «إبداع» الكرك وثوبها الأبيض

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 06:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تنعم بأجواء ايجابية خلال الشهر

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 09:20 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

فوائد صحية وجمالية لعشبة النيم

GMT 18:17 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

إنجي علي تؤكّد أن مصر تتميز بموقع فني عالمي رفيع

GMT 13:10 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الــ " IUCN"تدرج "الصلنج" على القائمة الحمراء

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 11:30 2017 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

آثار الخلافات الزوجية على سلوك الطفل

GMT 10:30 2021 السبت ,04 كانون الأول / ديسمبر

دمرنا النت والحاج جوجل!

GMT 11:43 2018 الجمعة ,08 حزيران / يونيو

البوركيني إسماعيل يانجو ينضم لنادي العروبة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia