وعن خطوات لاحقة

.. وعن خطوات لاحقة

.. وعن خطوات لاحقة

 تونس اليوم -

 وعن خطوات لاحقة

بقلم : حسن البطل

أهمّ ما في عدد "الأيام"، أمس، هو تصريح وزير خارجيتنا، رياض المالكي، وفيه أفصح عن بعض خطوات فلسطينية لاحقة ومتوقعة لقرار مجلس الأمن، وعن بعضها الآخر قال "نحن لا نريد أن نكشف أوراقنا مرة واحدة، وسنتعامل مع الموضوع بشكل تدريجي".

تعرفون سُلّم درجات "ريختر" التسع الزلزالية، فحتى الدرجة الثالثة لا أضرار في المباني ولا ضحايا، لكن بين الدرجتين السابعة والثامنة يختلف الأمر، ويؤدي زلزال قوي إلى كوارث في البرّ، وموجات مد عالية "تسونامي" في البحر.

سُلّم درجات قرارات مجلس الأمن هي سبع درجات أقصاها البند السابع، وأدناها "بيان رئاسي" من المجلس، وأوسطها التنديد والإدانة بغالبية الأصوات الـ15 (للدول الدائمة الخمس والسنوية).

القرار الجديد 2334 صدر وفق البند السادس، لكن رفعه للبند السابع، وبموجبه شن تحالف دولي ـ عربي حرب "عاصفة الصحراء" لإخراج الجيش العراقي من الكويت، هو كالفرق بين درجات سُلّم ريختر الزلزالي، وفيه أن قوة زلزال بدرجة 6.1 ودرجة 7 هناك عشر درجات ثانوية.

في الخيال، أن يجيز قرار جديد، وفق البند السابع، استخدام القوة ضد دولة إسرائيل لكنه قد يتيح الانتقال من عقوبات دولية على منتوجات المستوطنات، إلى عقوبات دولية على دولة إسرائيل، إذا لم "تجمّد" أو تنفك عن مشروعها الاستيطاني في أراضي دولة فلسطين.

كانت إسرائيل السياسية الرسمية، تميز بين قرارات الجمعية العامة، حيث "الأغلبية الآلية" التي يتمتّع بها الفلسطينيون، وقرارات مجلس الأمن التي تصدر بغالبية أصوات الدول الأعضاء، وتلك التي يمنعها "الفيتو" الأميركي عن الصدور بالإجماع.

كان "الفيتو" الأميركي المزمن قد استخدمته واشنطن، للمرة الأخيرة، عام 2011 لنقض مشروع قرار حول الاستيطان، وهو بمثابة مظلة سياسية دبلوماسية تشبه حزامي "فان ألن" اللذين يزنّران طبقات الجوّ العليا، ويمنعان أشعة شمسية مهلكة من الوصول إلى سطح الأرض.

مع امتناع أميركا عن نقض مشروع القرار الجديد، الذي صدر عملياً بالإجماع، صارت شرعية تمنحها إسرائيل للاستيطان، بلا حماية دولية من هذا "الفيتو" الوحيد.

يقول وزير خارجيتنا: "لن نكشف أوراقنا مرة واحدة، وسنتعامل مع الموضوع بشكل تدريجي". الولايات المتحدة الممتنعة عن "الفيتو" كشفت بعض أوراقها، وقد تميط اللثام عن أوراق ضغط أخرى، إذا عرض وزير الخارجية الأميركية، جون كيري، ما يشبه خريطة طريق مفصّلة ومبنّدة لـ "حل الدولتين"، أمام مؤتمر باريس الدولي منتصف الشهر المقبل.

على الأرجح، من المبكر أن يعلن كيري اعتراف بلاده بفلسطين، كما طالب الرئيس الأميركي الأسبق، جيمي كارتر، إدارة الرئيس اوباما، لكن باريس قد تحمل قرارات 70 دولة (ثلث دول العالم) إلى مجلس الأمن، وسيكون القرار أعمق وأشمل من قرار دولي ضد الاستيطان؛ أي قرارا دوليا بتأييد أن حلّ الدولتين يعني قيام دولة فلسطينية.

في بداية جهود فرنسية لعقد مؤتمر دولي، لوّحت باريس بالاعتراف بفلسطين، لكن بعد مؤتمر الشهر المقبل، ستلوح دول رئيسية في العالم ودول مجلس الأمن الدائمة، بالاعتراف بفلسطين... ولا بأس أن تمتنع واشنطن، مرة أخرى، عن التصويت لصالحه، أو قد تكون المفاجأة الأميركية صريحة بالتصويت لصالحه.

قد ترفض إسرائيل تجميد الاستيطان، وقد ترد على قرار التجميد بضم جزئي للأراضي الفلسطينية، كما يطالب البعض في إسرائيل، وبالذات الوزير نفتالي بينيت، زعيم "البيت اليهودي"، كخطوة تصعيدية للوصول إلى الضمّ الكامل للضفة الغربية.

وفق البند السابع، أجبر العالم العراق على الانسحاب من الكويت بالقوة المسلحة، لكن قوة الشرعية الدولية قد لا تحتاج مع إسرائيل للقوة، بل للعزل والنبذ كما أُجبرت حكومة بريتوريا العنصرية على التخلي عن السيطرة البيضاء.

في بداية التصويت، سحبت مصر المشروع، فشعرت السلطة والشعب الفلسطيني بخيبة الأمل، لكن مع انضمام نيوزيلندا إلى ثلاث دول من اربع قارات، وتمرير أميركا المشروع، شعرت إسرائيل بوجع الضربة، وكان الفرق أن السلطة الفلسطينية كظمت خيبتها، وأمّا الحكومة الإسرائيلية فاتهمت أميركا بخذلانها، واتهم رئيس حكومتها، علناً، رئيس الإدارة الأميركية المنصرمة بالتخلي عن إسرائيل.

يقول الوزير بينيت إن دولة فلسطينية تشكل خطراً على إسرائيل، لكن إدارة أوباما قدمت لأمن إسرائيل من المال والسلاح ما لم تفعله أي إدارة سابقة.

انهارت سياسة الادعاء الإسرائيلية بأن فلسطين لم تعد قضية مركزية للعرب، وعلى انشغال العرب بحروبهم، والعالم، أيضاً، تأكدت حقيقة أن فلسطين قضية مركزية لإسرائيل... وللعالم، أيضاً، بما فيه الولايات المتحدة.

إسرائيل تراهن على إدارة ترامب، لكن هذه الإدارة لن تستطيع إجبار الجمعية العامة ومجلس الأمن على إلغاء القرار الجديد، لأن هذا سيجعلها معزولة مع إسرائيل المعزولة.

صحيح أن هناك قراراً للجمعية العامة بإلغاء قرار سابق لها إدانة الصهيونية، لكن هذا تمّ بعد مؤتمر مدريد 1992 واتفاقية أوسلو بعدها، ولم يكن تمادي الاستيطان يهدد "حل الدولتين" الذي طرحته إدارة أميركية جمهورية.

قد لا يكون العام المقبل 2017 عام الدولة الفلسطينية، لكن قرار مجلس الأمن يعني أن نصف قرن على الاحتلال يجب أن ينتهي.

في ملف إيران النووي فشلت إسرائيل في فرض رؤيتها على أميركا والعالم، وها هي تفشل في فرض رؤيتها على أميركا والعالم حول الاستيطان و"الحل بدولتين".

كان بن ـ غوريون يقول: "قوة إسرائيل العسكرية، والغطاء الدولي لسياستها هما عماد سياستها ووجودها. إسرائيل أقوى عسكرياً بفضل أميركا"، ولكن الغطاء الدولي لسياستها لم يعد كما كان". 

المصدر : صحيفة الأيام

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 وعن خطوات لاحقة  وعن خطوات لاحقة



GMT 11:48 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

.. وإن قالوا «كلامَ جرائد»!

GMT 12:13 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

غروبها في يوبيلها الماسي؟

GMT 10:28 2020 الخميس ,17 أيلول / سبتمبر

هذا زمن الامتهان (ات) !

GMT 12:33 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

«باكس أميركانا» !

GMT 08:12 2019 الجمعة ,17 أيار / مايو

إيقاعات رمضانية ـ نكبوية!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 06:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تنعم بأجواء ايجابية خلال الشهر

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 09:20 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

فوائد صحية وجمالية لعشبة النيم

GMT 18:17 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

إنجي علي تؤكّد أن مصر تتميز بموقع فني عالمي رفيع

GMT 13:10 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الــ " IUCN"تدرج "الصلنج" على القائمة الحمراء

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 11:30 2017 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

آثار الخلافات الزوجية على سلوك الطفل
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia