ديسمبر الكبير ــ 2

ديسمبر الكبير ــ 2

ديسمبر الكبير ــ 2

 تونس اليوم -

ديسمبر الكبير ــ 2

بقلم : حسن البطل

العنوان أعلاه، عطفاً على عنوان عمود مؤرخ في 26 تشرين الأول المنصرم. ستضاف حاشية ترامبية (أتّاشية) إلى العام الجاري: قرن وعد بلفور، ونصف قرن على الاحتلال، وثلاثون حولاً على الانتفاضة الأولى.

في خطاب الـ 11 دقيقة، نقل الرئيس الـ 45 موقف بلاده من الاعتراف الواقعي de Facto بالقدس عاصمة لإسرائيل، إلى الاعتراف القانوني de Jur.

في هذه النقلة استند ترامب إلى قرار الشرعية الأميركية (الكونغرس) عام 1995 بنقل السفارة حتى العام 1999. قد نقول: إن صدور القرار يوافق التوقيع في القاهرة على تسليم السلطة الفلسطينية إدارة مدن الضفة (باستثناء الخليل) وأن العام 1999 هو موعد انتهاء السنوات الخمس الأوسلوية للتفاوض على قضايا «الوضع النهائي». الكونغرس أسوأ من الكنيست معنا!
في عمود «ديسمبر الكبير» كتبت أن ديسمبر (كانون الأول) يتوسط انتخاب ترامب في 4 تشرين الثاني وتتويجه في 20 يناير (كانون الثاني)، وأنه سيعلن خطة «الصفقة» قبل أن ينصرم عام المناسبات الكبرى 2017.

بين عام 1995 وعامنا الجاري صدرت جملة قرارات من «الشرعية الدولية» ممثلة في الجمعية العامة ومجلس الأمن اختصارها: شعبان. دولتان. عاصمتان، وهو ما جاء في مداخلات الدول الأعضاء، الدائمة الخمس، والدورية في جلسة مجلس الأمن لمناقشة قرار الرئاسة الأميركية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
بعد ساعة من خطاب ترامب الرئاسي القصير، ردّ رئيس السلطة أبو مازن بخطاب رئاسي قصير. مثل هذا التواتر الزماني لم يحصل من قبل في تاريخ علاقات السلطة بالإدارة الأميركية.

في الشارع، والفصائل، وصفحات التواصل، أُلقي كوم هائل من الـ «يَجِبات» على كاهل رئيس السلطة، من «ارحل» إلى الانسحاب من أوسلو والاعتراف المتبادل.. إلى فلسطين لنا نهرها وبحرها!

كان ترامب قد انسحب من اتفاقية المناخ ومن «أوباما كير»، ومن اتفاقات اقتصادية دولية، لكن انسحابه من معادلة: شعبان. دولتان. عاصمتان لقي أصداء واسعة وصاخبة، وتشير كلمات رؤساء الوفود في مجلس الأمن، إلى أن أميركا انضمت إلى عزلة إسرائيل عن الشرعية الدولية، بينما أكدت على توافق الشرعيتين الدولية والوطنية.
بخطاب الاعتراف، دفعت إدارة ترامب إلى حكومة نتنياهو «مقدمات» أو «عربون» خطة «الصفقة». فهل حصلت إسرائيل على «مهر» الخطة، وستكون مجبرة على الموافقة على بنودها؟

كان ترامب قد قال: دولة أو دولتان..سيّان، وفي خطابه مال قليلاً إلى «حل الدولتين» إذا وافق الطرفان عليه.

إذا كان خطاب الاعتراف هو مقدمة «الصفقة» فإن موجزها ليس جديداً. الولايات المتحدة سعت إلى حل إقليمي عربي ـ إسرائيلي منذ ما عرف بـ «النقطة الرابعة»، ومشروع جونستون لتقاسم مياه نهر الأردن، ومبادرة وليم روجرز، لكن الظروف اختلفت الآن، أو نضجت بالأحرى.

كان ذلك في زمن خمسة شعوب وأربع دول، وصرنا في زمن: شعبان. دولتان. عاصمتان، سوية مع زمن حلّ الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي في اطار محور عربي معتدل ـ أميركي ـ إسرائيلي.

أصداء الاعتراف الأميركي، محلياً وعربياً؛ إسلامياً ودولياً، تشير إلى تفاوت النظرتين الإسرائيلية القائلة: إن فلسطين لم تعد المركزية، والأميركية القائلة: إن فلسطين الدولة هي العقدة، والقدس هي عقدة العقدة.

لن يتراجع ترامب، على الأرجح، عن خطاب الاعتراف، لكنه لن ينقل السفارة، إلى حين إعلانه باقي تفاصيل «الصفقة»، وهل سيكون الانسحاب الفلسطيني أو الإسرائيلي منها هو الأول.. أو تنسحب أميركا!

قيل إن ترامب دعا عباس إلى واشنطن بعد خطاب الاعتراف، وكان عليه أن يدعو نتنياهو قبل الخطاب، أو يدعو عباس، لإطلاعهما على تفاصيل «الصفقة» ومكانة خطاب الاعتراف منها.

بدأت مقدمات خطاب الاعتراف بـ: «تسريبات» بنود الصفقة، ونفي التسريبات أو توضيحها، مرفقة بضغوط على السلطة (مكتب التمثيل في واشنطن) ومعاقبة اليونسكو، والاعتراض على الملف الفلسطيني لمحكمة الجنايات الدولية، وحجب المساعدات الأميركية.. وانتهت مع الخطاب إلى انسحاب السلطة من التعامل مع أميركا وسيطاً، ورفض استقبال نائب الرئيس الأميركي في بيت لحم، رغم التهديد بـ «العواقب».
فلسطين السياسية ليست معزولة عن الشرعية السياسية العالمية، وإن بدت سياستها معزولة عن الشرعية الشوارعية والشعبوية الفلسطينية والعربية بأكوام من الـ «يَجِبات» والشعارات القصووية». الزائد أخو الناقص!

في مجلس الأمن بدت أميركا «دولة مارقة» عن الشرعية الدولية والقانونية، أكثر مما بدت في خطوات سياسة ترامب المحلية والدولية، الأمنية والاقتصادية.

ليس العالم مع «تحدي» كوريا الشمالية للولايات المتحدة. ليس كل العالم مع تحدي إيران الإسلامية للولايات المتحدة، لكن العالم مع تحدي تقديم ترامب للشرعية الأميركية، وقرارات الكونغرس على الشرعية الدولية.

بقي أن يكسب الفلسطينيون تحدي المصالحة الوطنية، أي ألا يخسروا أنفسهم في وقت يكون العالم معهم.

هذه أول مرة نشهد انتفاضة شعبية فلسطينية ضد الاحتلال مع انتفاضة سياسية دولية، ضد المروق الأميركي عن الشرعية الدولية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ديسمبر الكبير ــ 2 ديسمبر الكبير ــ 2



GMT 11:48 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

.. وإن قالوا «كلامَ جرائد»!

GMT 12:13 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

غروبها في يوبيلها الماسي؟

GMT 10:28 2020 الخميس ,17 أيلول / سبتمبر

هذا زمن الامتهان (ات) !

GMT 12:33 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

«باكس أميركانا» !

GMT 08:12 2019 الجمعة ,17 أيار / مايو

إيقاعات رمضانية ـ نكبوية!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 06:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تنعم بأجواء ايجابية خلال الشهر

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 09:20 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

فوائد صحية وجمالية لعشبة النيم

GMT 18:17 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

إنجي علي تؤكّد أن مصر تتميز بموقع فني عالمي رفيع

GMT 13:10 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الــ " IUCN"تدرج "الصلنج" على القائمة الحمراء

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 11:30 2017 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

آثار الخلافات الزوجية على سلوك الطفل

GMT 10:30 2021 السبت ,04 كانون الأول / ديسمبر

دمرنا النت والحاج جوجل!

GMT 11:43 2018 الجمعة ,08 حزيران / يونيو

البوركيني إسماعيل يانجو ينضم لنادي العروبة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia