«صُنع في الصين»

«صُنع في الصين»!

«صُنع في الصين»!

 تونس اليوم -

«صُنع في الصين»

العرب اليوم
بقلم : حسن البطل

حرف الـ H منتصب في شعار سيارات «هوندا»، لكنه مائل في سيارات «هيونداي». انظروا الى سيارات تدرج في شوارعنا، وستجدون أن أعداد السيارات ذات الحرف H المائل تفوق أعداد سيارات ذات الحرف المنتصب، والسيارات Kia تفوق أعدادها سيارات ميتسوبيشي مثلاً!

أيضاً، سيارات «سكودا» أكثر رواجاً من سيارات «فولكس فاغن»، في الأقل كما تلاحظون في أسطول السيارات الرئيسي في شوارعنا. المسألة أن شركة «فولكس فاغن» اشترت حق إنتاج سيارات «سكودا» التشيكية، وسيارات «هوندا» أقامت فرعاً لها في كوريا الجنوبية لإنتاج نسخة «هيونداي».

سيارات الشركات متعددة الجنسية، كما شركات التبغ العالمية وشركات الأدوية والنفط أيضاً، تتنافس فيما بينها على الأسعار، أي على رخص نسبي في كلفة الإنتاج، وأجور عمال مصانع السيارات أولاً.

سيارات B.M.W الألمانية الشهيرة (كما شهرة سيارات المرسيدس وفولكس فاغن) اكتشفت أن مبيعاتها قليلة في السوق اليابانية. السبب؟ أن اليابانيين ظنوا أنها صناعة انكليزية «بريتش موتور واغن» وليست من انتاج مصانع بافاريا في المانيا، حيث كان اليابانيون مسحورين بعبارة «صنع في المانيا».

في زمن صناعي، كانت عبارة «صنع في بريطانيا» أو ألمانيا. والآن جاء زمن «صنع في الصين» والمنتوجات الصينية تخوض حرب إغراق تجارية لأسواق العالم، كما كانت المنتوجات اليابانية من قبل، التي تطورت من سيارات Desotto ذات العجلات الثلاث، الى سيارات «لكزس» التي تنافس السيارات الأميركية الفاخرة من طراز «كاديلاك».

الآن، أكبر سوق عالمي لبيع السيارات هو السوق الصيني، حيث تقوم المصانع الصينية باستنساخ الشكل الخارجي لماركات السيارات الفارهة، وتطرحها في اسواقها. ولاحقاً في السوق العالمية للسيارات، بأسعار تقلّ ست مرات عن اسعار السيارات الأصلية.

هذا الاستنساخ يشمل سيارات «بورشه» الإيطالية كما سيارات «مرسيدس» الألمانية وكذا سيارات «لاند روفر» البريطانية.

نظرة الى تطور الشكل الخارجي والداخلي للسيارات، تشير الى أنها تقلد بعضها البعض، فالمصانع اليابانية للسيارات انتبهت الى ان السيارات الأميركية ينقصها جمالية التصميم الداخلي، أما مصانع السيارات الكورية فانصرفت الى تحسين الخطوط الانسيابية الخارجية.

حصل أن استغنت شركة سيارات أوروبية عن مصممها لأنه وضع تصميماً انسيابياً لشركة أُخرى يبدو اكثر قوة من سياراتها.

حصل، أيضاً، أن شركات صناعة السيارات اليابانية كانت تشتري سيارات سوفياتية، كي تستخدم حديدها السميك والقوي لإنتاج سيارتين يابانيتين. ربما كانت السيارات السوفياتية من إنتاج مصانع الدبابات!

أيهما يفضل الزبون؟ أن يدفع ٨٠ ألف يورو لنسخة أصلية، ام ١٣ ألف يورو نسخة صينية مقلدة بنسبة ٩٠٪ للشكل الخارجي، ونسبة اقل في التصميم الداخلي؟

ليس معنى هذا أن كفاءة السيارات الصينية المقلدة تقل عن كفاءة السيارات الأصلية، لكن في حروب الأسعار والتصدير، تلعب أجور الإنتاج وأجور العاملين فيه دورا في هذه الحروب.

فشلت الولايات المتحدة في إقناع اليابان برفع سعر صرف عملتها «يوان» مقابل هذا الدولار القوي، لكن في المقابل تدعم اليابان سعر كيس الأرز، بدلا من استيراده بسعر رخيص من الأرز الأميركي، لأنه صحن الياباني اليومي!

المسألة في سعر السلع الصناعية، أن المصانع الأوروبية تستورد الأيدي العاملة الرخيصة نسبياً، لكن الشركات الآسيوية تقوم بنقل مصانعها الى بلاد ذات أجور رخيصة للأيدي العاملة. هذا يشمل صناعات النسيج والملابس الجاهزة، حيث صارت الماركات الشهيرة تنقل مصانعها الى بلاد الأيدي العاملة الرخيصة نسبياً، خاصة البلاد الآسيوية، ولاحقا حيث البلاد الإفريقية.

الأمر يشمل قيام الصين بإعادة تصنيع الأسلحة البسيطة بالتقليد والاستنساخ أولاً، ثم التحسين والابتكار والتطوير.

مؤخراً، دخلت الصين سباق الفضاء، الذي كان حكراً على أميركا وروسيا.. ولاحقاً أوروبا، وبدلاً من انضمامها الى المحطة الفضائية الدولية، اختارت إطلاق نواة مختبر فضائي خاص بها، ثم إطلاق مركبة شحن فضائية لتلتحم بالمختبر، كمقدمة لبناء محطة فضائية خاصة بها في العام ٢٠٢٢، عندما تكون المحطة الفضائية الدولية قد أنهت عمرها الافتراضي (الكلال)!

تعرفون ان النسر هو شعار الولايات المتحدة، ولا أعرف هل هو «نسر اصلع» أم لا، لكنه يفرد أحد جناحيه، عبر المحيط الأطلسي شرقاً ليلامس أوروبا، ثم يفرد جناحه الآخر عبر المحيط الهادي ليلامس اليابان، وكذا القواعد الأميركية تزنّر الأرض!

الولايات المتحدة ساعدت، بعد الحرب العالمية الثانية، في اعادة بناء اوروبا واليابان اقتصاديا، لكن لم تساعد في اعادة بناء الصين ذات الطريق الخاص، التي اعتمدت على نفسها لبناء اقتصاد صار ثاني اقتصاد عالمي بعد الاقتصاد الأميركي، وقد يفوقه في ما تبقى من هذا القرن، بعد أن كان القرن الغارب قرناً أميركيا، والذي قبله كان قرناً أوروبيا.

بعد الحرب العالمية الثانية، وسيطرة الاتحاد السوفياتي على نصف القارة الأوروبية، كانوا يقولون : «الروس قادمون» خوفاً من الجيش الأحمر السوفياتي.

الآن، يقولون «الصينيون قادمون» لإغراق أسواق العالم بصناعات صينية من إبرة الخياطة اليدوية، حتى مركبات سباق الفضاء، الذي دخلته الهند أيضاً، ولكنها اختارت انتاج سيارات رخيصة لأن شعبها فقير، بينما تنتج الصين سيارات فخمة. الصين الشعبية ملأى بالمليونيرية.

اقتصاد بلاد التنين ذات المليار وربع المليار من البشر ينمو بنسبة ٦ - ٨٪ سنوياً، أي أكثر بأضعاف مما تنمو اقتصاديات أميركا وأوروبا. هذا زمن Made In China!

المصدر : الأيام

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«صُنع في الصين» «صُنع في الصين»



GMT 11:48 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

.. وإن قالوا «كلامَ جرائد»!

GMT 12:13 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

غروبها في يوبيلها الماسي؟

GMT 10:28 2020 الخميس ,17 أيلول / سبتمبر

هذا زمن الامتهان (ات) !

GMT 12:33 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

«باكس أميركانا» !

GMT 08:12 2019 الجمعة ,17 أيار / مايو

إيقاعات رمضانية ـ نكبوية!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia